معاناة شاب ثلاثيني



أنا شاب ثلاثيني، مازلت في مقتبل العمر، لكنني أبدو كبيرًا بعض الشيء، لربما في الخمسين..!  أه، آسف بين الثلاثين والخمسين. لكنني لم أعد أهتم للأرقام، فقد ملأ الشيب رأسي، وامتزج بلحيتي، ورَسم الدهر على وجهي خرائطه فانعكست على مرآتي تجاعيداً.

 فالآن لم أعد أملك شيئًا، لقد تبرعت بجميع أموالي ونثرتها في السماء، يئست من تأسيس بيت صغير يحوي زوجة وعدة أطفال، ليس لشيء؛ سوى أنني لم أستطع أن أظفر بزوجة تهبني من رحمها زهرات مختلفة ألوانها، تبرعت بكل شيء لم يعد بحوزتي سوى بنطال، وقميص يستر عورتي،  فتجدني أهيم في الشوارع والطرقات، في الأزقة والأروقة متشردًا بائسًا ملتحفًا السماء، ومتوسدًا الأرض. معطف أسود يستر ذلك البنطال والقميص المرقعين، أمضي الشتاء في بردٍ، وأمضي الصيف في بؤس حار؛ لأنني لا أستطيع أن أخلع معطفيَ الأسود..! لأنكم تعلمون لِمَ؟

آه.! كم كنت أحلم بكلمة بابا تخرج من أفواه صغاري..!  وضمهم على صدري، لكن ما حال بيني وبينهم أنني كلما تقدمت لخطبة فتاة تسر ناظري؛ يثقل كاهلي أباها بمهر يعجز عنه قارون، غير الطلبات التي لا تعد ولا تحصى، تعجز عن حصرها أطول قائمة ورقية..!ربما هو الجشع..!أو ربما تحولت النساء لسلعة تباع وتشترى..!وأحيانا هي العادات والتقاليد التي تبدلت بعد ما كان أحدهم يزوج ابنته بدينار.

يا ترى، لِمَ أصبح الحلال صعبَ المنال..!ِ والحرام ميسر له في كل مكان .؟!
 أذكر أن أمي تزوجت بمهر كان قدره ثلاثين ليرة لاشيء سواه، لا سيارة ولا طيارة، لا لباس يثقل كاهل أبي، ولا منزل متراميُ الأطراف..!

الفرق بين زماننا وزمانهم، بأن الرجل كان يزوج ابنته لمن يرضاه دينًا وخلقًا. أما اليوم المعيار الأساسي هو المال حصرًا، وكما تروي أمي: " جارنا خطَّب ابنته لرجل لاشيء يعيبه أبدًا، سوى أنه لايصلي، وهم يدعون له بالهداية.! "،  لِمَ لايزوجونني إياها..! والهادي والرزاق واحد..!

عزيزي الشاب أنا اليوم فاتني القطار، قطار الحياة الزوجية لأنني تأخرت كثيرًا؛ حتى استوعبت الأمر،  لكنني أنصحك اليوم قبل أن يفوت الأوان أن تعمل ليل نهار وتضع الدرهم فوق الدرهم، صباحَ مساء، بلا كلل ولا ملل؛ حتى تظفر بزوجة، وقبل أن يتحدّب الظهر، ويترقق العظم، وإلا فلن تحظى إلا بعجوزٍ صماء بكماء، بيضاء العينين، مشلوشة الطرفين..!      ولكن إياك  ثم إياكَ أن تضحك عليك وتأخذك إلى طبيب الأسنان لتصنع لها ابتسامة هولويود فتضع ماجمعته دهرًا بيومٍ واحد..

أزرق | علاء المحمود

إرسال تعليق

28 تعليقات

  1. أطال الله عمرك وشدَّ أزرك ورعاك ��

    ردحذف
  2. الفكرة اللي حاكي عنها حلوة كتير ولازم هالكلام يشوفوه الآباء والأمهات قبل أبنائهم بداية موفقة بانتظار مواضيع مهمة متل هالموضوع هاد نفع الله بك و آتاك سؤلك 🌸

    ردحذف
  3. لا فُض فوك أخ علاء بالتوفيق ان شاء الله 💚💚

    ردحذف
  4. رائع اخ ابو عبدو الحبيب صديقك العزيز سبونج بوب

    ردحذف
  5. فكرة الموضوع مهمة جدا , وهي تعصف بالشباب ذكورا واناثا .. ان الزواج المبكر أو المتأخر يدل على المستوى الحضاري للمجتمع ويشير للعديد من المؤشرات كالاستقرار المجتمعي والوضع الاقتصادي والأخلاقي والعديد .. ان نتائج هذا الشئن كبيرة جدا بحديها السلبي والايجابي على المستوى الفردي والاجتماعي..واؤيد نصيحتك في انذار الشباب لادراك العمل الجاد والسعي الدؤوب وتحمل المسؤولية باكرا .. أحييك ..

    ردحذف
  6. فكرة الموضوع مهمة جدا , وهي تعصف بالشباب ذكورا واناثا .. ان الزواج المبكر أو المتأخر يدل على المستوى الحضاري للمجتمع ويشير للعديد من المؤشرات كالاستقرار المجتمعي والوضع الاقتصادي والأخلاقي والعديد ..ان نتائج هذا الشئن كبيرة جدا بحديها السلبي والايجابي على المستوى الفردي والاجتماعي..واؤيد نصيحتك في انذار الشباب لادراك العمل الجاد والسعي الدؤوب وتحمل المسؤولية باكرا ..أحييك ..عقبة الخليل

    ردحذف
  7. بس لا بقا تغيب عن درس التركي ^__^

    ردحذف
  8. جزاك الله خيرا أستاذنا الغالي كلماتك تاج ووسام

    ردحذف
  9. جزاك الله خيرا أستاذنا الغالي كلماتك تاج ووسام

    ردحذف
  10. كلام جميلننتظر منك المزيد والمزيد من التألق

    ردحذف
  11. كتبّت فأبدعتاخي علاء بارك الله بك ووفقك لكل ماهو خير ��

    ردحذف
  12. كلام جميل جدآروعاتك ابو عبدو

    ردحذف
  13. والله يادكتور الا شوي رح ابكي ع حالتك ولو زايدها شوي تانية في معي كم ليرة رافعهن حق متور كنت تبرعتلك فين راحت عليك خيرها بغيرها*مقال جميل بالتوفيق للأحسن ان شاء الله

    ردحذف
  14. بالتوفيق صديقي علاء

    ردحذف
  15. مقال رائع وجميل وذو أهمية كبيرة للواقع بالتوفيق صديقي الغالي ��

    ردحذف
  16. مقال رائع صديقي ابو تراب...يحاكي واقعنا ومايعانيه شبابنا من هذه الناحية..اتمنى لك التوفيق والاستمرار..احمد الحمد

    ردحذف
  17. أزال المؤلف هذا التعليق.

    ردحذف
  18. مقال محترم و جميل يا محترم ..بس بما أنك مرافئ صديقي عمار رح تبئى متبهدل ..😃😅😅أحلى أبو تراب ⚘⚘

    ردحذف
  19. ما شاء الله تبارك الله بداية موفقة بإذن الله وإلى مزيد من المقالات الأدبية الرفيعة والتي تتضمن النصح والإرشاد لكل الفئات العمرية لمافيه صلح المجتمع للوصل إلى المراتب الرفيعة والراقية بين الاممأبوالخيرالبزرة

    ردحذف
  20. ما أجمل الموهبة عندما نوظفها في توصيف واقعنا وتقديم الحلول المناسبة لمشاكله ..دام نبض قلمك ودام عبير حروفك..

    ردحذف
  21. مقال رائع ثابر وفقك الله

    ردحذف
  22. مشكور ولكني مثلك ولن ايأس فالله موجود

    ردحذف
  23. بدايه جديده وموافقة استاذ علاء لكن هل ماكتبته ينطبق عليك شخصيا؟

    ردحذف
  24. شكرا لك ..... لا انما تقمصت شخصية معينه ونموذج من المجتمع ....

    ردحذف
  25. شكرا لك ..... لا انما تقمصت شخصية معينه ونموذج من المجتمع ....

    ردحذف