اتجاهات الكتابة نحو عتبة أفضل






في بادئ الموت ستكتب، وما إن تصفعك صحوة موتك، وتخمد النّزعات الشعوريّة في مناخك الحَرفِي ستصمت كثيرًا؛ لتنوب عَنك سيادة الكلمات.
لذلك تَذكر كلّ هذا قبل أن تكتب:
١- إنّ الكتابة مخالب العاطفة على جدران الذّاكرة الهرمة، لن تعتقك معافًى؛ إمّا أن تشقيك، أو أنّ الذّاكرة بأكملها تشقى.

٢- لن تجني لَك الكتابة حصادًا أدبيًّا مشرِّفًا؛ إن جنيتها بغير موسمها الحقيقي، يجب أن تقطف حروفك بعناية، ويفضّل جمعها وأنتَ تلتقط أنفاسك الأخيرة.

٣- لتأخذ هذا بعين الاعتبار "أنَّ الأحياء لا يكتبون"، لذلك حبَّذا لو تقايض وتتذوق تفاحة الموتى؛ إن أردت أن تلعنك الكتابة مهما حييت.

٤- لتضع نصب أعينك هذه المعلومة "الكتابة تتغذى على الحنجرة وإن حدث واستوطنت خارطة جروحك؛ ستعتاد بعدها على صراخك الورقي الصّامت فقط..." 


بعض النّصائح الرّائجة، بعد مرورك على نشرة التحذيرات الهامة:
١- إن لم تشعر أنّ خضاب شعورك زاد بخطورة؛ إياكَ أن تنزف أيّ حرف على الورق، فهذا يسبب لك مضاعفات تناقض تراكميّة أنتَ بغنًى عنها.

٢- تذكر  أنّ نافذة نجاتك تحت شمس حارقة، هي خيالك فقط.

٣- تعامل مع خيالك كما لو أنَّه الوطن العربي؛ مسقط التقاء قارات التحليق كلها. 

٤- خذ أبعاد أفكارك بدقة، وتعلم أن تحيك بَصمَتِكَ بنفسك. لا تكن نسخة؛ كن مرجع ما إن مرّت حروفك أو أيّ مبعثر عانق رائحتك فورًا حَتّى لو كان اسمك غائبًا

ضع في الحسبان قبل أن تكتب:
١- إنّه يفضّل تناولك حبوب لزيادة فرط الشعور، علّ معدتك الخياليّة تتسع لتملأ صفحاتِكَ أفكارًا دَسِمة.

٢- قبل أن تنشر أيّ كلمة؛ عليك أن تمرّرها على روحك لتعيد تدقيقها، وهذا لأنّه ما من شيء يخرج من دار الرّوح إلَّا وأصاب كلّ روح تَلقَّْته.

٣- عليك أن تتعلم فنون بتر الأعماق، لأنّك وبكلّ شيء ستهديه للملأ، وستقدّم معه طبق من آلامك المستكنة بين السّطور. 

٤- (قبل أن تكتب اقرأ مئة كتاب)

٥- (قل لي ماذا تقرأ أقل لك من أنت)


لا تعصف بمكانة الكتابة من أجل:

١- الشّهرة.

٢- المكسب الماديّ.

٣- استحسان النَّاس إليك.

٤- يكفيك إيمان أحدهم بما ولده حبرك.

٥- إنّ رحم هذه الموهبة أوهن من أن يحبل لأجل غايات بشرية؛ لِذَا ارفق طهارة الكتابة بنيّة خالصة، عسى أن يهبك القلم ذريّة كلمات لا يُنسى ذكرها..


وآخرًا ولن يكن أبدًا آخرًا
جرب أن تقارن حروف كتبها نزفك، مع حروف كتبها حبر مستعجل لاختتام ما بدأه؛ ستعرف بعدها أنّ لا شيء يغذّي الكتابة إلَّا وريد شعور نازف، لا شيء يعلّي من شأن الحروف إلا عذريّة الإحساس؛ لّذا كلما اشتعل القلب فيك اهرع إلى مخدعك واكتب كي لا تموت مرتين.


رجاء غنيمة

إرسال تعليق

0 تعليقات