التعبير بأسلوب الكتابة
التعبير كلمة تعني رد فعل على شيء حدث، أو شيء ننتظر أن يتم حدوثه، أو شيء نتوقع حدوثه منها أحداث نخشاها، ومنها ما نتمنى حدوثها فعلا، ولكل فعل رد فعل، والحياة هي مزيج من الأحداث التي تمر بالإنسان مع مرور الأيام، وهي بتقسيماتها الدقيقة وتفاصيلها قد تكون منقسمة على عدد الثواني وليس فقط الأيام والساعات، فكم من أيام تمر علينا نشعر بالحزن العميق.. !ومع ذلك لا بد وأن يتخلل تلك الأيام ساعات أو دقائق أو حتى لحظات من السعادة، مثال: لو شعرنا بحزن على فراق قريب أو صديق، ودمعت أعيننا حزنا لذلك، نجد أن هذا الحزن برغم شدته إلا أننا نتذكر كلمة أو موقفا كنا فيه سعداء مع ذلك الغائب يوما ما، فلا نستطيع منع أنفسنا من ابتسامة، أو شعور بفرحة ذكرى تلك اللحظة.
وبما أن لكل فعل رد فعل؛ تأتي الأحداث لتشكل رد الفعل لدينا، والأساليب التي يمكننا أن نعبر فيها عما يراودنا من مشاعر.
وللتعبير أساليب كثيرة تثار في نفوسنا بحسب الفعل الواقع عليها، ومن تلك الأساليب الفرح لما يسعدنا، والحزن لما يؤلمنا، والبكاء لما يعترينا من شدة الألم أحيانا، هناك ابتسامة، وهناك دمعة، وهناك نشوة، وهناك فكرة.
ومن أجمل أساليب التعبير وأكثرها قدرة على إيصال ما نشعر به هو: الكتابة التي تترجم تلك المشاعر.
الكتابة فن من فنون التعبير وترجمة دقيقة لما نشعر به في موقف ما وفي أحيان كثيرة، فكم من ألم ترجم قصيدة ومرثية خلدها التاريخ وتناقلتها الأجيال، وحملت مفردات جميلة وكلمات عميقة، رغم أنها كانت لمن صاغها آلام تحرق صدره، وتشعل قلبه، وتحير عقله؛ حتى تشكلت هذه القصيدة بهذا الجمال..
وكم من قصة قرأناها وتأثرنا بها.. !وكأنها وقعت لنا، أو تحكي سيرتنا وتفاصيل ما واجهنا في مشوار حياتنا، خطتها يد كانت أكثر منا عزما على ترجمة تلك المشاعر، واستخدمت الكتابة للتعبير عن حال صاحبها، أو من سمعها لتكون مخطوطة يتناقلها البعض، ربما للتسلية، وربما للنقد، وربما للاستفادة من تلك القصة.. !
ما أود قوله هنا، هو أن الكتابة فن للتعبير عما يعترينا من مشاعر جميلة أو حزينة في وقت فرح أو وقت غضب، وهي متنفسا وساحة واسعة ننفث فيها كل ما نحمله من مشاعر نعجز عن الاحتفاظ بها في دواخلنا، أو البوح بها لمن حولنا أحيانا كثيرة، فلا نجد غير الورقة والقلم أو ماينوب عنها من أساليب الكتابة المتطورة التي تعطينا فرصة لإفراغ تلنك الشحنات سلبية كانت، أو إيجابية، مترجمة تلك المشاعر والأحاسيس لحروف من نور تحمل معها نزفا من أرواحنا فهنا سالت دمعة، وهناك رسمت بسمة، وفي موقف آخر حملت في طياتها أمنية وحلما راودنا.
الكتابة هي أسلوب من أساليب التعبير التي تجعلنا نفرغ ما بجعبتنا حتى لو كان نهايته سلة المهملات، فليس المهم أن يكون كل ما نكتبه قابلا للنشر، أو يكون مؤلفا مهما، بل ربما يكون أحيانا غضبا وألما عجزنا عن الاحتفاظ به بدواخلنا؛ فكتبناه لمن سبب لنا هذا الألم في رسالة، ثم بعد أن انتهينا من كتابته شعرنا بنوع من الراحة والسلام النفسي، وأن الأمر لم يكن يستحق كل ذلك الانزعاج؛ فمزقنا الرسالة ورمينا بها في سلة المهملات بكل ما حملته من نزف ومعاناة، لكن كان ذلك كافيا لإيصال الراحة والطمأنينة لأرواحنا ونفوسنا.
فلا تتردوا في كتابة ما تواجهون من مشاعر لو لم تجدوا من تشكون له همومكم، فقد تجدون أنفسكم وقد كتبتم قصيدة جميلة أو قصة مؤثرة أو خاطرة متميزة، وتكتشفون جمال ما وصلتم له من خلال تلك التجربة.
ياسمين الشامي
مجلة أزرق - العدد السادس
0 تعليقات