لماذا يتكبر الإنسان ويتعالى على الآخرين ؟
لماذا يرى نفسها من طينة مختلفة عن الآخرين ، فيتغيّر ويشمخ ويتباهى بنفسه كانه خلق من ذهب وليس من ترابٌ ، فينظر إلى الآخرين نظرة استعلاء واحتقار .
أن أول ما يمكن قوله هو أنه لا يتكبّر الإنسان إلا انطلاقاً من مركّب نقصٍ داخله ، يجعله يعيش بالوهم الأفضلية عن الآخرين ، هؤلاء الناس ذو عقول فارغة ترى نفسه فوق القَمّم ، تمشي بتباهي فوق الأرض رافعة رؤوسها تظن نفسها في المرتبة الأول فوق مرتبة الآخرين وينظر إليهم نظرة من عل .
وإذا كان من حق الإنسان أن يفرح بما يملكه من مال أو جاه أو جمال أو علم ، إلا أن هذا الفرح يجب إلا يتحول إلى تكبر و نظرة استحقار تجاه الآخرين ، لأنه إذا كان لأحد الحق في التكبر ، فهو من يملك الكمال ولا يمكن الإنسان أن يدعى الكمال في نفسه ، فإذا تفوق على الناس آتى من يتفوق عليه من جانب آخر ، وإذا كان امتلك شيئاً فسوف يفتقده ، ويبقى الكمال لله وحده .
وإن كان يرى نفسه أفضل من غيره يجب عليه أن يتذكر من أين جاء ، وأنه من نطفة من ماءٍ مهين ، وهو الأصل الذي يشترك به مع كل البشر و أن مصيره كمصير الآخرين لن يكون إلا جيفةٌ منتنةٌ تحت التراب ، فهل في ذلك مدعاةٌ لتكبر .
يقول عليّ(رضي الله عنه) وهو يتوجَّه إلى هذا المتكبِّر المتعالي، واضعًا أمامه الحقيقة الّتي لا مهرب منها، مستخدمًا أسلوب الأمر الّذي يحمل في طيّاته معنى الحسم: "ضع فخرك، واحتط كبرك، واذكر قبرك، فإنَّ عليه ممرّك".
ووضع الشّيء وحطّه، في اللّغة، يحمل معنى إنزال الشّيء من أعلى إلى أسفل، وهو طلب من الإمام يتوجّه به إلى الإنسان بأن يتواضع، وأن يرمي عن كاهله ثقل الكبر، وأن يستذكر ما سيكون عليه مصيره المحتوم، الّذي سيقف أمامه ضعيفًا عاجزًا مجرّدًا من كلّ قوّة وعنفوان، غير قادر على ردّه أو حتّى تأجيله.
يقول رسول الله(صلى الله عليه وسلم): "لا يدخل الجنَّة من كان في قلبه مثقال ذرّة من كبر"، ولو صلّى وصام وحجّ وعبد، لأنّ التكبّر ينافي الإيمان، ويبعد الإنسان عنه. أليس التّكبّر صفة إبليس الّتي بسببها خرج من الجنّة وصار رمزًا للشّيطنة والشّرّ؟ فهل نفعل مثله ونقتدي به؟
ويقول الشّاعر، فاضحًا حالة الانتفاخ الوهميّ الّتي يعيشها المتكبّر، وإحساسه المزيّف بذاته:
ملأى السّنابلِ تنحني بتواضعٍ والشّامخات رؤوسهنّ فوارغ
فلنحرص على التواضع بين الآخرين كي نكسب قلوب الجميع بتواضع والحب الذي سوف نغرسها في قلوبهم ، والابتعاد قدر المستطاع عن التكبر والغرور مهما بلغنا من المال أو جاه أو الجمال فالتكبر لا يحق الا لذو الكمال وحده لله تعالى ، فنحن عبداً له ونهاية كل بشر التراب ..
يقول الإمام الشافعي رحمه الله :
تَوَاضَعْ تَكُنْ كالنَّجْمِ لاح لِنَاظـِـــرِ على صفحـات المــاء وَهْوَ رَفِيــعُ
ولا تَكُ كالدُّخَانِ يَعْلُـــو بَنَفْسـِـــهِ على طبقــات الجـوِّ وَهْوَ وَضِيــعُ.
لمياء حسو

1 تعليقات
حبيت كتير كلامك يا لمياء معبر وحكيتي عني يلي بيصير الله يهدي يلي هيك يعطيك العافية كتير حبيته .. دمتِ بكل ود💜
ردحذف