يبدأ العالم من اللاشيء، ويخلقه الله من العدم، يحيط به الفراغ من كل مكان، وإذ بالنور في منتصف كل شيء؛ ليضيء جهاته، حيث يترواح حسب درجة الاقتراب من مركز النور، ليرسم معنى العالم الهلامي حسب القوة التي يرسلها في كل مكان.
غير أن العين ترى كل شيء، فقد بدأت النار تكبر لتبعث دخانها الرمادي إلى أبعد مدى، إلى أن يتلاشى عن الأنظار شيئًا فشيء، وتتداخل خيوط النور من بين الانطفاء، أملا منها أن لا تفقد المعنى الذي وجدت هي لأجله، ولكن سرعان ماتزول المعتقدات الخاطئة التي تولد في العقول، وتموت قبل أن تمر بمخاض الولادة وينطفئ. وها هو الدخان يرسم في الأجواء أشكالًا مختلفة تمامًا كالأفكار المختلفة. تعرجات تملأ السماء، وتحاول أن تغري العيون المبصرة بمنظرها الكاذب؛ حتى تملأ هذا العالم تلوثًا، ويتذوق البشر من حلو سمها. فكل شيءٍ يسبح في هذا العالم اللامتناهي، ويخرج من التعقيدات التي تملأه، ولكن يبقى خالق الكون حيٌ لا يموت، ويجعل من كل ميت حي، ويخلق النور والظلام، ويقلب الليل والنهار، وهو الله الأزلي أبدي الوجود، أي سرمدي ليس له بداية ولا نهاية، يجعل لكل موجود من المخلوقات وظيفة وجد لأجلها وعمرًا ينتهي به؛ حتى يتميز الخالق بقدرته التي لا تتجاوزها مقدرة، وبعلمًا لا يعلم به أحد.
بقلم: نسرين جنيد
أزرق | العدد الثالث
1 تعليقات
ممتاز نسرين بتمنالك التوفيق والنجاح كتاباتك رائعة ومميزة
ردحذف