ابدأ بنفسك





بسم الله الرحمن الرحيم
(إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ)



   إذا كنت تحب أن يتغير العالم من حولك؛ فعليك أن تغير ما في نفسك أولًا.
التغيير هو عملية دمج بين العاطفة والعقلانية، وهو ليس  أمراً سهلًا؛ لأن البشر بطبيعتهم يميلون إلى الحياة الروتينية ولا يتقبلون التغيير بسهولة، لكن التغيير مفتاحًا لأبواب التجدد والنمو، واتخاذ القرار بالتغيير يعد أمراً صعباً كذلك، لكن لابد من الجهد والعمل للحصول على نتائج مميزة.
علينا أن نبدأ التغيير حين ندرك أن جزءاً كبيراً من يومنا يهدر على أشياء لا فائدة منها، وحينما نرى نمط الحياة يتكرر بشكل ممل، أي كأننا آلات تعمل على مبدأ التكرار والإعادة فيجب أن نرفض هذه الفكرة لأننا لسنا كذلك إنما خلقنا بعقل وجسد حرَّين؛ لنقوم بعمل مفيد للمجتمع بشكل عام، ولنا بشكل خاص.
لكن تغيير الحياة والخروج من الملل والروتين المعتاد القاتل يلزمه شجاعة والشجاعة تكمن في عدة محاور منها: إزالة فكرة الإعتماد على الآخرين ولتدرك قيمتك، فذلك خطأ شائع سيصيبك بالإحباط فيما بعد. ولا تغير في طباعك لترضي الآخرين، بل ابحث عن قيمتك في عملك، في ضميرك، في نفسك؛ فإذا ارتفع العمل والضمير ارتفع مقامك عالياً.
قد تصادف أشخاص يخبروك بأن الحياة عصيبة وأنك ضعيف ولست قادر على العمل، وإن العمل شاق ومضنٍ ولن تفلح بأن تصبح رجلاً قوياً مهما كانت نية هؤلاء الأشخاص، فعليك هنا أن تخبر نفسك بهدوء: "إنه الواقع من وجهة نظرهم، وأنا أحترمها وربما أجد نفسي أناقشهم فيها، ولكن هذا لا يعني أن أتبعها وأن أجلس مكتوف الأيدي، فأنا أختار الذي أراه مناسباً لقدراتي الذهنية والجسدية"
ويجب أن تكون واقعياً وموضوعياً لأنك وحدك المسؤول عن الطريق الذي اخترته لحياتك؛ لأنك ستواجه حتماً الفوز والخسارة، ففي حالة الفوز عليك أن لا تطمع، وفي حالة الخسارة عليك أن لا تستسلم فالخسارة هي خسارة الروح ليس إلا.
يحدث مثلاً أن تطرد من عملك لسبب مجهول..! ليس عليك الهروب  كما هو شائع، وتدخل نفسك في حالة الإحباط واليأس وتصبح منطوياً على نفسك داخل المنزل بحجة أنك مظلوم، فحقك ورزقك لا يأتيك وأنت نائم، بل عليك أولاً مواجهة سبب طردك من العمل والدفاع عن حقك إن لزم الأمر، ومن ثم البحث من جديد عن عمل يناسب قدراتك وذهنك.
فكن واثقاً بنفسك وبمظهرك، وفي بداية كل صباح قف أمام المرآة لبضع دقائق، سرح شعرك، واهتم بنظافة أسنانك، واحرص على أناقة ثيابك، ثم قل لنفسك: "سوف أبدأ يوماً جديداً مليئاً بالطاقة. أنا أستحق يوماً جميلاً، عليَّ أن أعمل جيداً كي أحقق أهدافي".
كن لبقاً في حديثك وتبادل الاحترام مع أصدقاء العمل بشكل خاص، ومع الناس بشكل عام كن محسناً ومتسامحاً لكي ترى الناس يبادلونك ذات التصرفات.
واضب على ممارسة الرياضة فهي تنشط الجسد وتنعش الحياة بشكل كبير.
من ناحية أخرى قد تتعرض لصدمة كبيرة؛ بسبب وفاة شخص من عائلتك أو أصدقائك أو خيانة المحبوب أو فشل دراسي،؛ حينها تتغير حياتك كلياً، فتصبح عاجزاً على المضي وحدك، وتشعر أن الحياة توقفت عندهم، وتصبح الحياة غرفة كئيبة مظلمة، داخلها كل الذكريات المريرة، فنقف مكتوفي الأيدي عند تلك المصائب نرفض النسيان، أو حتى محاولة الخروج من هذه الغرفة فقط لأننا مصابون. من ناحية أخرى، علينا أن ننظر إلى مصيبة غيرنا لتهن  علينا مصيبتنا "كما يقال" فغيرنا لديه من المصائب ما يكفي لكي نخجل عندما نراهم مازالوا واقفين مستمرين بعملهم رغم كل شيء. هنا عليك أن تكون شجاعاً؛ لإزالة الماضي والذكريات والرسائل والصور، وإزالة بعض الأشخاص أحياناً، فالبكاء لا يعيد الموتى إنما احفظهم بقلبك، وادع لهم بالغفران والرحمة. والحزن لا يغير من حقيقة الفراق، والقتل لا يغير من حقيقة الخيانة.
فعليك بالنسيان والصبر  مهما ساء حالك، ومواجهة الأحزان لتتغلب عليها.

بقلم: يحيى المصري

أزرق | العدد الثالث


إرسال تعليق

0 تعليقات