في عصر الديموقراطية والحريات، والشعارات الطنانة والمجالس والمؤتمرات، في زمن المساواة البعيدة كل البعد عن العدل، يُلقى الضوء على أم المجتمعات، وقضية الحضارات والأجيال، يُلقى على ركن أساسي في الحياة؛ المرأة وحقوقها.
للمرأة دور أساسي في بناء الأمم والمجتمعات، فهي المنطلق والركيزة الأولى التي تبدأ منها كل أمة، إما بالصعود والرقي، أو بالانحطاط والفشل.
فعندما كانت المرأة سلعةً تباعُ وتُشترى، مسلوبة من جميع حقوقها، وأحياناً تُحرم من أبسط حقٍ لها؛ وهو الحياة، كان المجتمع حينها في الحضيض، يسوده الجهل والتخلف، يمشي الناس كالقطعان خلف أجدادهم، ليس لديهم أهداف، بدون تفكير أو محاولة لتغيير الواقع.
فلم يذكر في التاريخ لهم؛ أي في العصر الجاهلي، أيّ إنجازات أو أعمال تنال أي تقدير من أحد
لم يكونوا بدرايةٍ أنهم على أعتاب نهضة إسلامية، ترتقي بحالهم إلى مصافي الأمم. فقد جاء الإسلام ليعطي كلّ ذي حقٍ حقه، معزاً للنفس البشرية، واضعاً قوانينَ وضوابطَ لتحكم بينهم بالعدل.
فأعطى للمرأة كامل حقها بالعيش كما الرجل، وميزها ببعض الامور ورفعها درجة، ورفع عنها أخرى تخفيفاً عنها وليس إنقاصاً لقيمتها.
فلما كانت المرأة عبئاً وربما عاراً على والديها وعلى أبيها بوجه الخصوص، جعل منها الإسلام طريقاً للجنة، " فمن كان له ثلاثُ بناتٍ أو ثلاثُ أخَوات، أو ابنتان أو أختان فأحسَن صُحبتَهنَّ واتَّقى اللهَ فيهنَّ َفلهُ الجنَّةَ "، وفي رواية بواحدة. فمن حق البنت أن تلقى التربية الصالحة الصحيحة من أهلها، والإحسان من إخوتها.
ولها على أبويها الحق في اختيارهم لها الزوج الصالح المناسب، وعلى زوجها أن يعاشرها بمعروف، ولا يحملها فوق طاقتها. وأما بعد دخولها في عهد الأمومة فقد جُعلت الجنة تحت أقدامها، أي أن لها من التقدير والبر الكثير من أبنائها وبناتها.
وهي أيضاً ليست مطالبة بالأعمال التي تتطلب جهداً كبيراً وتفرغاً تاماً، فلقد أمر الإسلام بالنفقة على البنت من أبيها إلى أن تتزوج، ومن زوجها بكل ما يستطيع. ولا ضرر إن أرادت العمل تطوعاً من نفسها لأجل كسب مالٍ أو مساعدة في أمر رأت نفسها كفئ فيه.
ومن صور تكريم المرأة أن صان الإسلام كرامتها وهيبتها في نفوس من حولها، فأمرها بالحجاب والتعفف، وحرّم عليها الابتذال والسّماح للأجنبي أن يستمتع بجسدها بنظرة أو غير ذلك، وقد شرّع لهذا المُباعدة بين الرجال والنساء في كلّ شيء، مراعاة لحق زوجها بها وحفاظاً لعفتها.
فلا جدال بأن المرأة في الإسلام معززةً ومقدّسة إلى حدٍ ما. فلقد حصلت على مكانة سامية مرموقة في حياتها.
بهذه التعليمات الإلهية، التي أنزلها الله على البشرية أنصف المرأة أي إنصاف! حيث وضعها بالمكان المناسب لها، وراعى طبيعة جسدها الضعيفة مقارنةً بالرجل.
أما ما يسعى له الغرب؛ من إملاء قوانين وأفكار؛ تحت مسمى حقوق المرأة والحرية الشخصية، ما هو إلا تدمير للأخلاق السامية التي أُمرنا بها، تزحزح المرأة عن الطريق الصحيح، وتحملها فوق طاقتها، وذلك بالمساواة بين الرجال والنساء في مختلف أمور الحياة.
ففي قوانينهم يجب على النساء العمل لكسب قوتها، ولا يُلزم الرجال بالإنفاق عليهن.
وبدلا من مكان العمل الآمن في وسطٍ يحترم حقها ويغض بصره عنها، أو من كونها ربة منزل؛ عملت المرأة الغربية واختلطت بالرجال وتعرضت للاضطهاد والابتزاز والتحرش الجنسي بمعدلات هائلة.
وعلى خلاف الزواج الإسلامي فللرجال في الغرب الحرية في استغلال النساء بدون زواج ولا ضمانات ولا حقوق ولا أمن مادي أو عاطفي. وإذا حبلت إحداهن من هذا الزنا فهو عبؤها وحدها وعليها أن تختار إما أن تتحمل مسؤولية تربية هذا الابن غير الشرعي أو قتله وهو ما يسمى بالإجهاض. فيتعامل الغرب مع المرأة كسلعة، ليس لها كرامة، بإغرائها واستغلالها، أو ربما بإجبارها لتكون أجيرةً لتمارس الدعارة.
وفي حالات أخرى، تضطر المرأة لبيع نفسها من أجل البقاء على قيد الحياة؛ بعد أن تخرج من بيت أهلها، بحجة أنها أصبحت راشدة، أو عدم تكفلهم بنفقتها، أو ربما اكتشفت أنها ليست ابنتهم.! حيث تكثر وبشدة حالات العنف الأسري؛ حيث لا ضوابط ولا قيم تسيّس أمور العائلات، وحالات الاعتداء الجنسي، والاغتصاب. وقد تتخلى المرأة عن شرفها لعشيقها، ولا يوجد ضابط للرجل إن تركها وحدها بعد أن ينال منها ما نال، فتلجأ المرأة للانتحار بعد انهيارات عصبية بسبب المخدرات والمشروبات الكحولية، أو تبحث عن لقيط آخر يشبهها، وكأن شيئاً لم يكن.
أعمى هو من لا يرى ما وراء الكواليس، فالصورة التي يحاولون إيصالها لنا مزيفة، وما وراءها مفاسد في الأرض كثيرة، هدفها هدم المعايير الإسلامية، والتلاعب في عقول بناتنا، لتدمير مجتمعاتنا. يحاربوننا بالأخلاق، يغزون البرامج في الإذاعات وعلى الإنترنت، وعلينا أن نكون حذرين منهم وأن تكون بنات الإسلام واعيةً تماماً لهذه الفوارق، عالمةً بحقوقها وواجباتها وتأديتها على أكمل وجه. فكل ما يحاك ضدّ حقوق المرأة عند المسلمين ما هو إلا محضُ وهم و نفاق، وخطط مدروسةٌ لإقناع ضعاف النفوس أن الإسلام دينٌ وحشيٌّ، والمرأة فيها مهانة ضعيفة.
وللإنصاف، إن كانت هناك بعضُ المشكلات في العالم الإسلامي تجاه المرأة، فهذا يرجعُ إلى عدم تطبيق الشريعة الإسلامية في كثير من هذه البلدان، أو يرجع إلى الخطأ في التطبيق أحياناً. وهنا نقول: إن الجهود البشرية التي تخطئ ليست حجة على الإسلام، ولكن الإسلام وشريعته هو الحجة على المسلمين، وعلى الإنسانية جمعاء.
بقلم: عمرو بكور
أزرق - العدد الرابع
5 تعليقات
ورد في كتاب التوراة في سفر الجامعة الإصحاح ٧ عن المرأة مايلي : دُرْتُ أَنَا وَقَلْبِي لأَعْلَمَ وَلأَبْحَثَ وَلأَطْلُبَ حِكْمَةً وَعَقْلاً وَلأَعْرِفَ الشَّرَّ أَنَّهُ جَهَالَةٌ وَالْحَمَاقَةَ أَنَّهَا جُنُونٌ.26. فَوَجَدْتُ أَمَرَّ مِنَ الْمَوْتِ: الْمَرْأَةَ الَّتِي هِيَ شِبَاكٌ وَقَلْبُهَا أَشْرَاكٌ وَيَدَاهَا قُيُودٌ ، رَجُلاً وَاحِداً بَيْنَ أَلْفٍ وَجَدْتُ. أَمَّا امْرَأَةً فَبَيْنَ كُلِّ أُولَئِكَ لَمْ أَجِدْ!.الحمد لله على نعمة الإسلام حيث كرم آمهاتنا وأخواتنا وبناتنا وزوجاتنا وجعل منهن قرة أعيننا .
ردحذفأحسنت
ردحذف🌸⚘
ردحذف🌸🌸
ردحذفنحن نرى المرأة الغربية بالطريقة التي تروج لها وسائل الإعلام و مواقع التواصل الاجتماعي و هذه مغالطة كبيرة ، فالصدق و الأمانة والإخلاص هي صفات قد تتواجد في أي امرأة مهما كانت جنسيتها أو دينها ، كما أن المجتمعات التي تحاول المساواة بين الرجل والمرأة تحترم حقوق الإنسان أكثر من المجتمعات المتحفظة.تشكر على هذا المقال الرصين ، لك مني كل الاحترام.
ردحذف