حبر

في كل يوم كنت أقتات الكتابة وأرتوي من حبر أقلامي يومًا بعد يوم يزداد فجعي أكثر وأزداد شغفًا وحبًا لها ما زلت جائعةً لحروفٍ لم أكتبها بعد ومعاني أعُبر بها عن ألوان الاختلاف البشري.

أكرهُ أن أحتضر وفي داخلي رغبة كبيرة للتعبير عن هذه الفواجع التي تحصل وعن المعارك التي تحدث تلك المعارك التي يعيشها الإنسان مع ذاته وهو يقاوم أشياء لا يعرف إذا كانت هي قضيته التي خلق لأجلها أم لا.

عندما أحمل قلمي كمن يحمل مشرط ليجري عملية جراحية لنفسه عملية يستهلك فيها الإنسان كل قواه ينزف الحبر بالكلمات وتنزف الذاكرة بالذكريات.

ويضطرب القلب بين صعودًا وهبوط ولا يكاد يصل لمرحلة الاستقرار إلا ويعود لاضطرابه من جديد ...

تتنثر الروح بكل حرفًا تسقطه أقلامي على الورق.
أشعر بأن أفكاري تتضارب وتتسابق لتسقط قبل أن تصبح بطيء النسيان.

مئات الكُتّاب والشعراء الذين مروا في كل العصور الماضية والعصور التي ستأتي لم يعرفوا يوماً ما يبعد الأسى والأحزان عن الإنسان وكأننا نحن شعوبًا نحب أن نخلد أوجاعنا حتى نزرف عليها دموعنا

في كل مرة تسقط أنظارنا على ما كتبنا حيث نشعر بأن جرحنا الذي أخطته بخيوط الكلمات يتعرض للهواء فتغزوه الجراثيم من جديد ويلتهب ويمتلئ بالأوجاع.

إنها عملية من أصعب العمليات التي يجربها الكاتب على نفسه ...

الهواء الذي يملأ المكان يزيدني شغفًا لأتنفس القراءة شهيقًا وأخرج الكتابة زفيرًا إنها لحظات اختلاء بالطبيعة لأستجمع كل ما يأتي خلسة للذاكرة ولا أكاد أن أسقطه على الورق إلا ويفر هارباً نحو النسيان وكأننا نحن لا نستطيع أن نجبر تفكيرنا على ما نكتب أشعر وكأن أفكاري شلال عندما تريد هي أن تخرج للواقع وتارة أخرى تتلعثم الحروف ساكنة غير مجازة للتعبير عندما أريد إنها عملية تلقائية تأتي بمحض إرادتها

في حجرتي أحاديثًا كثيرة، مونولوج كل يوم أُجربه مع نفسي بحيث أشعر وإن حرباً تحدث داخلي.

كم أتمنى أن أعيش السلام الجديد أن أنهي كل حروبي وتستقر كل أحلامي وتصبح واقع يحكى.

بقلم: نسرين جنيد

أزرق - العدد الرابع