الحي الثقافي-كتارا


"الثقافة لا تستهلك، فكلّما استخدمتَها زادت أملاكُك".

يعتبر الحي الثقافي مشروع استثنائي يزخر بالآمال والتفاعلات الإنسانية.
وفي خضمّ قيام ثقافة عالمية جديدة بشكل متسارع، ومبيّنة أهمية التنوّع في التطور الإنساني، يأتي الحي الثقافي "كتارا" كأحد أكبر المشاريع في قطر ذات الأبعاد الثقافية المتعددة، حيث أنها مكان يزورها الجمهور للتعرّف على ثقافات العالم.
إذ يوجود شاطئ جميل، وشوارع معبّدة بالحجارة ومطاعم متنوعة توفّر للجميع مأكولات من مختلف الثقافات.
أما شوارع الحي الثقافي فهي شوارع ضيقة متعرجة تعيد الذاكرة إلى العصور القديمة، يؤدي كل واحد من تلك الشوارع إلى معلم من معالم المكان، و يعدُّ شارع شكسبير أشهر شوارع "كتارا".


كما أن أبراج الحمام المنتصبة عند المدخل تستقطب اهتمام الزوار مثل غيرها من المباني والمسارح كالمسرح الروماني والمسرح المكشوف ومسرح دراما إستديوهات كتارا للفن، وأكاديمية قطر للموسيقى، والمركز الثقافي للطفولة، وأوركسترا قطر الفلهارومونية، والمتحف العربي للطوابع، ومركز الفنون البصرية، ومؤسسة الدوحة للأفلام، والجمعية القطرية للفنون التشكيلية، ومجلس الشعراء، بالإضافة إلى جامع كتارا الكبير الذي يعدّ " تحفة معمارية حقيقية " مليئة بالفسيفساء من البلاط الفيروزي والأرجواني، أبوابه ونوافذه مصممة من لوحات خشبية جميلة، كما يعدّ واحدا من أجمل المساجد في قطر الذي يقع بالقرب من المسرح اليوناني، المسجد المغطى بالرقائق الذهبية الصغيرة على الطريقة العثمانية يجذب انتباه الزوار للحي الثقافي.
هو من تصميم المهندسة المعمارية التركية الشهيرة زينب فاضل أوغلو، والمسجد يستمد إلهامه من أماكن العبادة المماثلة الموجودة في أجزاء أخرى من العالم الإسلامي.


هناك العديد من المسارح والقاعات ومقرات الهيئات الفنية والثقافية، جعلت من الحي الثقافي ملتقى لجميع المثقفين والفنانين، ومركزا لتعزيز الوعي الثقافي عبر المهرجانات، والمعارض، والندوات، والحفلات الموسيقية التي تجد في الحي مكانا مناسبا لها.

وتنظم جهات رسمية وخاصة أنشطتها الثقافية والاجتماعية والفنية في الحي الثقافي الذي أضحى لا يخلوا من مهرجان أو معرض طوال أيام الأسبوع، مما جعله مكانا يضج بالحركة والحيوية، وبذلك تهدف كتارا إلى الريادة في مجال النشاطات الثقافية المتعددة.


نشأت فكرة كتارا من حلم تكون فيه قطر منارة ثقافية عالمية تشع من الشرق الأوسط من خلال المسرح والآداب والفنون والموسيقى والمؤتمرات، والمعارض.
ويكون الحي الثقافي بمثابة نظرة على مستقبل عالم يتمكّن فيه الناس من شتَّ المرجعيات الثقافية من تخطّي حدودهم الوطنية الجغرافية، وتبني قضايا مشتركة في دعم الوحدة الإنسانية.
لتكون كتارا هي ملتقى يمزج بين جمال الماضي بإشراقة المستقبل.


"كتارا" (Catara)  هو أول وأقدم مسمى استخدم للإشارة إلى شبه الجزيرة القطرية في الخرائط الجغرافية والتاريخية منذ العام 150 ميلادي، وقد ظهر هذا الاسم للمرة الأولى في خرائط كلوديوس بطليموس عام 150م والتي صدرت عام 882 هـ-1477 م، وبعد ذلك في أطلس تاريخ الإسلام، حيث حدّدت الخرائط شعوب شبه الجزيرة العربية في منتصف القرن الثاني الميلادي، كما حدّدت موقع قطر الجغرافي تحت اسم كتارا Catara جنوب غرب مدينة الجرهاء، غرب مدينة كدارا.
أما اسم "كتارا" (Katara)، فظهر في الخرائط الجغرافية والتاريخية في أوائل القرن الثامن عشر الميلادي، وفي خريطة فرنسية للساحل شبه الجزيرة العربية وللبحر والخليج، حيث كُتب اسم كتارا على شكل Katara بدلاً من Catara واستخدمت هذه التسمية من قبل الجغرافيين منذ صدور خريطة بطليموس عام 150 وحتى عام 1738 م.
ولا شك أن تتبع مصدر وتتطور كلمة "قطر" خلال التاريخ هو في الوقت نفسه مفيد ومثير للاهتمام، نظرًا لثروة قطر الثقافية والتعليمية، حيث يلعب هذا الثراء الثقافي دورًا مهمًا في بناء المجتمع القطري، فالأسس القوية للهوية القطرية وقيمها نابعة من تعلق المواطن بجذوره القديمة، ومسايرته للحداثة، ومواكبة التكنولوجيا.
أما رسالة كتارا، فتتركز بشكل رئيس على دعم التراث الثقافي ونشر التوعية وإعادة صياغة المشهد الثقافي العربي من خلال إعادة تكوين أفراد عرب وقطريين، ودعم مواهبهم، وإطلاق حوار حقيقي يساهم في تقوية التعايش الثقافي على مستوى العالم.


وفي هذا الإطار، ارتأت مؤسسة كتارا أن تعيد إحياء اسم قطر القديم دعمًا للروابط التي تجمع الإنسان بجذوره التاريخية، وتكريمًا لموقع قطر الهام والمتميز منذ فجر التاريخ.

"الجمال الذي لا تُزيّنه الثقافة، ولا يُتوّجه الذكاء، ما يلبث أن يصير عادة، وما صار عادة ما يلبث أن يصير مملًا."



بقلم: هبة الحريري

مجلة أزرق - العدد الثامن

أدب الرحلة

إرسال تعليق

0 تعليقات