كشف الأقنعة



في يوم من الأيام ستجلس وحيداً رغم صخب الدنيا , ستجلس لتتذكر ما مضى من حياتك ستتذكر من مر من أشخاص على رأسك وكم من شخص قد أوهموك بحبهم لك , ستتذكر كميات الوعود التي قطعت والحلفان الذي قد حلفت من اجلك , ستتذكر كل شيء وكأنه البارحة ستقف حائراً من نفسك , مستفسراً عن مدى طيبتك و خبثهم , في وقتها لن تكون غاضبا منهم ", ستكون مشفق عليهم وعلى نفسك , ستشفق عليهم بسبب ما قد أوصلهم لحالتهم تلك وستشفق على نفسك وعلى سذاجتك , وقتها ستأخذ الدرس متأخراً , ستأخذ العبارة بعد انتهاء وقت الامتحان , لتكتشف أنها كانت عينيك مغبشتين و تعاني من ضعف نظر لتكتشف انك لم تستعمل نظاراتك التي قد وصفها لك الطبيب لكنك لم تسمع عناداً به بل بسبب طيبة من قلبك , لتقف و تقدر نسبة غبائك لكنك ستقف أمام نفسك لتبرر لنفسك، لتعطي أسبابا ، لتغفر لنفسك ، لتبسط من مصيبتك , و كل ذلك من اجل أن تستطيع ان تكمل حياتك و متمنيا أن لا تقع في ذات الأخطاء متمنيا ذلك من كل قلبك , داعياً لربك أن يرشدك لطريق الصواب و الهداية , و تدعيه أن يجعل من قلبك صخرة قاسية لا تفتت بسهولة , لكن وما قلبنا إلا من دم ولحم و أحاسيس , لنحول من قلبنا إلى عقلنا و ما عقلنا إلا ضعيف أمام عقلنا فدائما كان عقلنا يحاول أن يرشدنا إلى ذلك الطريق الصحيح ليسحبنا إليه ليترجانا ان نلتفت إليه كطفل صغير قد اتاه اخ قد سلب منه الاهتمام و الاضواء يحاول بأي طريقة إلى أن يسحب ثوب أمه إليه إلى أن تلتفت اليه الى ان تصفق له و تشاركه لحظاته , لكننا دائما ما كان قلبنا يُخرس صوت عقلنا , وعندما نستمع الى قلبنا ينظر قلبنا الى عقلنا في نظرة شماتة ليمد له لسانه و يحتفل لانتصاره ,

لكننا ما أن تأتينا الصفعة الاولى من الحياة يظهر دور الضمير ويأنبنا ليعتصر روحنا وليشعرنا بكل الآلام والأوجاع وما هو والعقل سوى أشقاء، لكنه في النهاية ينال ذات نصيب شقيقه من التخطي، فيأتينا القلب وما هو إلا شيطاننا يأتينا بالمحرمات على أشكال تجذبنا وعلى غير صيغة التي أتانا بها بالمرة الاولى ...

لنكرر ما وقعنا به في المرة الأولى لنلعن أنفسنا مراراً وتكراراً، لنقع في كره أنفسنا، لنتمنى الموت لأنفسنا ليشمت بنا الأشقاء، لنقتنع في وقتها بمقدار غبائنا أو بطيبة القلب فما طيبة القلب ما هي إلا غباء، والغباء إلا طيبة القلب فهم ليسوا الا مفردات من مفردات السذاجة ...

ومن يصبح قويا ما هو إلا شخص قد لعن نفسه آلاف المرات وملايين المرات ليصبح ما هو عليه، ما هو إلا شخص قد وقع في أخطاءه آلاف المرات ولم يتعلم من المرة ألف بل كررها لأصبح قلبه كالحجر، فكم من مرة قد تعثر وتمسك بأمل ومن ثم كرر تعثره وأراد إعطاء فرصة وكرر ذلك لاقتنع إنه لا يوجد أي شخص يستحق ما قدمه له إلا من شواذ فلكل قاعدة في اللغة العربية، الانكليزية والفرنسية وكل قواعد اللغات شواها...

والآن ذلك السؤال الذي يطرح في عقلك، تطرحه وأنت خائف من الإجابة وهو كم من مرة سنلعن أنفسنا لنصبح أقوياء ليصبح قلبنا الى صخرة ونتعلم من اخطاؤنا، قد آلاف المرات التي سنقع في ذات الخطأ ولن نفهم ذاك الدرس سنعطي لأنفسنا وعود وحلفانا وقسم وحتى لو اضطررنا لندرنا بأن لا نتكرر ما وقعنا به لكن كل هذه الحلفان والوعود والقسمان ما هم الا كلمات خرجت من افواهنا عبثاً..

لكن ما إن فكرنا اننا إذا تحول قلوبنا إلى حجر ما فائدة حياتنا دون احاسيس ومجندون اعطاء الفرص قد يكون نهايتنا خذلان وإحباط لكننا نعطي جرعة من الامل ودفعة إلى الامام ان نلتقي اشخاص من نصدقهم ويصدقوننا فما الحياة سوا فوق الغيوم أو تحت الارض ...

فمن فوق الغيوم سيرى في السماء مطب وينزل منكسرا إلى تحت الارض ومن تحت الأرض سيروا مَن يسحبوهم إلى ما فوق الغيوم، فمِنّا ينعم ومِنا من يتحطم وفي يوم ما سيتبدل الأدوار وسيحس كل منا بأحاسيس الأخر فالدنيا دوارة..

زينة حلواني

مجلة أزرق - العدد التاسع

إرسال تعليق

1 تعليقات