مجهول الهوية



ها قد بدأت المعاناة بعد وقت قصير من ولادته، جراء ذنب لم يقترفه.
 ها هو يدفع ثمن ليلةٍ عابثة كان هو ثمرتها، اليوم قررت أن أخترق حواجز الصمت و أن أتعدى المألوف، فهذه الفئة من الأطفال المندرجين تحت مسمى الأطفال اللقطاءهم فئةٌ تعاني الأمرَّين بسبب ذنبٍ إقترفه شخصين دون الإحساس بالمسؤولية.
فهل اللقيط ضحية أم خطيئة المجتمع؟

هل إقترف ذنباً يجعله منبوذاً من قبل الاخرين؟.


بدايةً اللقيطهو الطفل الحديث الولادة الذي إاتُقط من مكان ما إما عن الطريق أو قرب حاوية نفايات أو على باب أحد البيوت و يكون مجهول الهوية، لا يعرف من أمه أو أبيه.
و ليس بالضرورة أن يكون اللقيطابنًا غير شرعي فقد يكون ثمرة زواجٍ عجزت فيه الأم عن إثباته لاشتراط الطرف الثاني عدم الإنجاب، فبات التخلص من الولد حلاً لهذه المشكلة،

أو قد يكون الطفل مسروقاً في غفلة من أهله بقصد الإيذاء، ثم ندم الفاعل و خشي كشف أمره فألقاه في مكانٍ ما للتخلص منه أو خوفا على مستقبل المولود بحجة الحالة الاجتماعية التي يعيشون بها أو للفرار من تهمة الزنا لخوفهم على سمعتهم.

مع الأسف لا تزال نظرة المجتمع إلى اللقيطنظرة يغلب عليها الاحتقار و تغلفها عبارات قاسية كوصفة بأنه ابن حرا، وأنه ما دام كذلك فهو مختلف لا خير فيه.
 و قد نسي المجتمع أن هذا الطفل تُرك ورقةً في مهب الريح ، غلطةً أودت به في النهاية الى مأساة مريرة و هو يواجه مصيراً مجهولاً بدأً من قذفه خفية في جنح الظلام على أحد جوانب الطريق أو على باب مسجدٍ أو كنيسةٍ أو في حاوية نفايات.

ما من يومٍ يمّر إلا و نسمع عن حالةٍ هنا أو هناك عن طفلٍ وجد مرمي في مكانٍ ما نتيجة اغتصاب أو علاقة جنسية حصلت بالتراضي.


هذا الطفل لا ذنب له في عثور الناس عليه ملقى كما أنه ليس مسؤولاً عن الظروف التي قُدم فيها إلى الدنيا، و بالتالي فهو لا يستحق ما يلقاه من الآخرين من نفور وإحتقار.

كيف يمكن لنا أن نحمّل هؤلاء الأطفال مسؤولية هذا الشيء؟ أليس الذنب ناتج عن أناس هم أساساً من المجتمع الذي يحاربهم؟ أليس سبب كل مشكلة ومصدرها هو الإنسان نفسه عندما يتنصل من واجباته و يهمل ما هو مطلوب منه؟ ألا يكفي أنهم يعيشون بعزلة قد تكون دافع لسلبيات كثيرة كالدخول لعالم الجريمة، فلا يوجد لهم أمل يحلمون و يعيشون لأجله.

 

بالنهاية نقول لكل امرأة رمت بطفلها ستقفين بين يديّ الله يوماً ما و سيسألك عن الأمانة التي ضيعتها، وأنتَ أيها الأب عليك أن تعلم أن الخطأ لا يعالج بأكبر منه.


ولهذا الطفل المظلوم نقول لا تحزن يا صغيري حتى ان رأيت ظلم المجتمع و جحوده. ومهما قلنا أو فعلنا لن ندرك أبداً كيف هو شعور من يكتشف في لحظة أنه بدون أب أو أم، لكننا قد ننجح في أن نكون ممن يمسحون دموع هؤلاء الصغار و نبلسم جروح الكبار منهم. فهل يا ترى سيتحمل مجتمعنا مسؤولية حماية هؤلاء الأطفال وإعطائهم أدنى حقوقهم لكي يستطيعوا استكمال حياتهم بسلام بعيداً عن التخلف السائد؟

 

حوراء عيسى 

إرسال تعليق

0 تعليقات