"لكلِّ شيءٍ حدود"عبارةٌ لَا يَكَادُ يمرُّ يومٌ دُون سَمَاعِهَا أَو التَّفْكِير بِهَا.
عبارةٌ ذاتُ سَلَّطَه تنفيذيّة، وعند ذكرها تَرْتَسِم الْحُدُود وتتحجّم التصرّفات، فَيَرَاهَا أَحَدُهُم حمايةً وَيَعْتَبِرَهَا الْآخَر قيدًا غليظًا؛ فَيَنْتَفِع منها الأول ويجني بِهَا الثَّانِي عَلَى نَفْسِهِ.
مَا بَيْنَ الثِّقَة والحماس يَقَع الْإِنْسَان أسيرَ حُدُودِهِمَا، هُمَا كالسيّف قد يجعلك ذَا سلطةٍ وعدلٍ أَوْ ذَا جُرمٍ وَظَلَم. فالحماس الْغَيْر مضبوطٍ وَاَلَّذِي لَا يَخْضَع لقواعدٍ أَوْ يَلْتَزِمُ بِحُدُود، سرعان مَا يَنْقَلِب مِن حافزٍ ودافعٍ ضروريٍّ لأيِّ إقْدَام، إلَى تهوّرٍ لَن يَدْفَعْ ثَمَنَهُ غَيْرَ صَاحِبِهِ، وَكَان الحماس شعلةٌ متّقدةٌ تُنِير حَوْلِك وَلَكِنَّهَا إذَا اشتعلتْ أَكْثَرَ مِنْ اللَّازِمِ أصبحتْ شرارةَ حريقٍ تلتهم مَا حَوْلَهَا بطرفة عين، فَيَكاد أَن يكونَ الحدّ بَيْن الحَماس وَالتَّهَوُّر كالحدّ بَيْن النَّجَاةِ وَالْهَلَاكِ .
وَأَمَّا عَنْ الثِّقَةِ فَهِيَ مِنْ الركائز الأساسية لِلثَّبَات وَالرَّاحَة فِي الْقَرَارِ، وَالسَّلَامَةُ مِنْ أَيِّ تَرَدَّدَ أَوْ اِرْتِجَافٌ، والصمود فِي وَجْهِ كل المثبّطات.
وَمَعَ ذَلِكَ فَالثِّقَة ذاتُ حدودٍ حسّاسةٍ جدًا فَمَا يَفْصِل الثِّقَةُ عَنْ "جنون العظمة" مسافةٌ قصيرةٌ جدًا بمقدار شعرةٍ فَقَط.
فالثبات عَلَى الطَّرِيقِ الَّذِي تمنحك إيَّاه الثِّقَة يدفعك عَنْه "جنون العظمة" تمامًا لتكون خطواتك الثَّابِتَة عادةً وهميةً و مرتجفةً كثيرًا وَغَيْر مدعومة، وَالْقَرَار المريح يُصْبِح غالبًا كارثةً من الصعب ثَنْيُك عَنْهَا، وحينها مَا قَدْ يَكُونُ فِي وَجْهِك مثبّطات، هُوَ فِي الْحَقِيقَةِ دَعْوَة لَك لِلتَّخَلُّصِ مِنْ هَذَا الداء ولكن دُونِ جَدْوَى فَقَد اِسْتَفْحَل فِيك الْمَرَض.
لِتَدْخُل بَعْدَهَا "حالة الظل" وَاَلَّتِي تَرَى بِهَا نَفْسَك فِي ظلّك فقط لا كَمَا هِيَ فِي الْوَاقِعِ، فتراها أَكْبَر وَأقْدُر وأطغى مِمَّا هِيَ عَلَيْهِ، وَكَأن عَيْنَيك تغشُّاك، وَعَقْلُك يَكْذِب عَلَيْك لتقع في ذَلِك الْفَخّ، وتستسلم لِحَالَة الظلّ تِلْك، وَتَتَصَرَّف بناءً عَلَيْهَا لَا بناءً عَلَى ماهيتك وحقيقتك، لِتُصْبِح قليل الصبر متهوّر الحَماس تعاني جُنُون الْعَظَمَةِ فِي كُلِّ أَفْعَالُك، وَاَلَّذِي قَدْ يَجْعَلَك لَا تتقبل النُّصْح وَالتَّصْحِيح من غيرك وخصوصًا مِنْ النَّاسِ الَّذين يرونك بواقعية ويصفونك كَمَا أنتَ، ولا يريدون مِنْك سوى الرُّشْد.
وَيَزْدَاد الأمرُ سوءًا عند رُؤْيَة نَفْسِك أَعْلَى قدرًا مِنْهُم، وَقَد يدفعك ذَلِكَ لِأَنَّ يَكُونَ الْإِصْرَارِ عَلَى الْخَطَأِ أَهْوَنَ عَلَيْك من الانصياع لنصحهم وَفِي ذَلِكَ مُصِيبَةٌ .
عِنْدَ دُخُولِ هَذِهِ الْحَالَةِ قَدْ يَكُونُ مِنْ الصَّعْبِ جدًا الْخُرُوج منها، وخصوصًا إذَا عَلَا صَوْت التصفير والدعم المزيف حَوْلِك ممّن يَريدُون غرقك فِي هَذِهِ الْحَالَةِ ، فاحْذَر.
الثِّقَة والحماس الْخَارِجِينَ عَنْ حدودِ الإمكانيات والعقلانيّة الْإِيجَابِيَّة كَفِيلِة بالانقلاب عَلَيْك ، وتحويلك مِن محقّقٍ إلَى ضحيةٍ وَمن فارسٍ إلَى أُسَيْرِ، تشبهان إلى حدِّ مَا المركباتِ الكِيميَائِيَّة الَّتِي تُستخدم بمعدّلاتٍ مدروسةٍ وبكميّاتٍ مقاسةٍ بِعِنَايَة، وَاَلَّتِي إنْ لَمْ تُراعِ المقادير المستخدمة مِنْهَا أَحدثت انْفِجَار .
خالد العمر
مجلة أزرق - العدد الثاني عشر
عبارةٌ ذاتُ سَلَّطَه تنفيذيّة، وعند ذكرها تَرْتَسِم الْحُدُود وتتحجّم التصرّفات، فَيَرَاهَا أَحَدُهُم حمايةً وَيَعْتَبِرَهَا الْآخَر قيدًا غليظًا؛ فَيَنْتَفِع منها الأول ويجني بِهَا الثَّانِي عَلَى نَفْسِهِ.
مَا بَيْنَ الثِّقَة والحماس يَقَع الْإِنْسَان أسيرَ حُدُودِهِمَا، هُمَا كالسيّف قد يجعلك ذَا سلطةٍ وعدلٍ أَوْ ذَا جُرمٍ وَظَلَم. فالحماس الْغَيْر مضبوطٍ وَاَلَّذِي لَا يَخْضَع لقواعدٍ أَوْ يَلْتَزِمُ بِحُدُود، سرعان مَا يَنْقَلِب مِن حافزٍ ودافعٍ ضروريٍّ لأيِّ إقْدَام، إلَى تهوّرٍ لَن يَدْفَعْ ثَمَنَهُ غَيْرَ صَاحِبِهِ، وَكَان الحماس شعلةٌ متّقدةٌ تُنِير حَوْلِك وَلَكِنَّهَا إذَا اشتعلتْ أَكْثَرَ مِنْ اللَّازِمِ أصبحتْ شرارةَ حريقٍ تلتهم مَا حَوْلَهَا بطرفة عين، فَيَكاد أَن يكونَ الحدّ بَيْن الحَماس وَالتَّهَوُّر كالحدّ بَيْن النَّجَاةِ وَالْهَلَاكِ .
وَأَمَّا عَنْ الثِّقَةِ فَهِيَ مِنْ الركائز الأساسية لِلثَّبَات وَالرَّاحَة فِي الْقَرَارِ، وَالسَّلَامَةُ مِنْ أَيِّ تَرَدَّدَ أَوْ اِرْتِجَافٌ، والصمود فِي وَجْهِ كل المثبّطات.
وَمَعَ ذَلِكَ فَالثِّقَة ذاتُ حدودٍ حسّاسةٍ جدًا فَمَا يَفْصِل الثِّقَةُ عَنْ "جنون العظمة" مسافةٌ قصيرةٌ جدًا بمقدار شعرةٍ فَقَط.
فالثبات عَلَى الطَّرِيقِ الَّذِي تمنحك إيَّاه الثِّقَة يدفعك عَنْه "جنون العظمة" تمامًا لتكون خطواتك الثَّابِتَة عادةً وهميةً و مرتجفةً كثيرًا وَغَيْر مدعومة، وَالْقَرَار المريح يُصْبِح غالبًا كارثةً من الصعب ثَنْيُك عَنْهَا، وحينها مَا قَدْ يَكُونُ فِي وَجْهِك مثبّطات، هُوَ فِي الْحَقِيقَةِ دَعْوَة لَك لِلتَّخَلُّصِ مِنْ هَذَا الداء ولكن دُونِ جَدْوَى فَقَد اِسْتَفْحَل فِيك الْمَرَض.
لِتَدْخُل بَعْدَهَا "حالة الظل" وَاَلَّتِي تَرَى بِهَا نَفْسَك فِي ظلّك فقط لا كَمَا هِيَ فِي الْوَاقِعِ، فتراها أَكْبَر وَأقْدُر وأطغى مِمَّا هِيَ عَلَيْهِ، وَكَأن عَيْنَيك تغشُّاك، وَعَقْلُك يَكْذِب عَلَيْك لتقع في ذَلِك الْفَخّ، وتستسلم لِحَالَة الظلّ تِلْك، وَتَتَصَرَّف بناءً عَلَيْهَا لَا بناءً عَلَى ماهيتك وحقيقتك، لِتُصْبِح قليل الصبر متهوّر الحَماس تعاني جُنُون الْعَظَمَةِ فِي كُلِّ أَفْعَالُك، وَاَلَّذِي قَدْ يَجْعَلَك لَا تتقبل النُّصْح وَالتَّصْحِيح من غيرك وخصوصًا مِنْ النَّاسِ الَّذين يرونك بواقعية ويصفونك كَمَا أنتَ، ولا يريدون مِنْك سوى الرُّشْد.
وَيَزْدَاد الأمرُ سوءًا عند رُؤْيَة نَفْسِك أَعْلَى قدرًا مِنْهُم، وَقَد يدفعك ذَلِكَ لِأَنَّ يَكُونَ الْإِصْرَارِ عَلَى الْخَطَأِ أَهْوَنَ عَلَيْك من الانصياع لنصحهم وَفِي ذَلِكَ مُصِيبَةٌ .
عِنْدَ دُخُولِ هَذِهِ الْحَالَةِ قَدْ يَكُونُ مِنْ الصَّعْبِ جدًا الْخُرُوج منها، وخصوصًا إذَا عَلَا صَوْت التصفير والدعم المزيف حَوْلِك ممّن يَريدُون غرقك فِي هَذِهِ الْحَالَةِ ، فاحْذَر.
الثِّقَة والحماس الْخَارِجِينَ عَنْ حدودِ الإمكانيات والعقلانيّة الْإِيجَابِيَّة كَفِيلِة بالانقلاب عَلَيْك ، وتحويلك مِن محقّقٍ إلَى ضحيةٍ وَمن فارسٍ إلَى أُسَيْرِ، تشبهان إلى حدِّ مَا المركباتِ الكِيميَائِيَّة الَّتِي تُستخدم بمعدّلاتٍ مدروسةٍ وبكميّاتٍ مقاسةٍ بِعِنَايَة، وَاَلَّتِي إنْ لَمْ تُراعِ المقادير المستخدمة مِنْهَا أَحدثت انْفِجَار .
خالد العمر
مجلة أزرق - العدد الثاني عشر
0 تعليقات