أحلام قيد التنفيذ



الأحلام هي أمنيات طالما بقيت دون تنفيذ، ما هي إلّا حياة ثانية، نختارها بأيدينا، وننفصم فيها عن الواقع الذي لم يكن لدينا الحق باختياره. فالعلاقة بين الأحلام والطموح، علاقة طرديّة بامتياز؛ فكلما رفعنا سقف طموحنا زادت أحلامنا. فمن الحلم يُخلق طموح، ليخلق من العجز مقدرة، ومن اللا شيء شيء، وهذا ما نجده، بأن الإنسان منذ الأزل قد اختار السيد المدعو "بالحلم" خليلًا له؛ ليعينه على مشاق الحياة. وهو ما أوصلنا إلى الفيض العارم من الطغيان تارةً، وإلى الاكتشافات المبهرة والعجيبة في دنيا العلوم النظرية والتطبيقية تارةً أخرى. اختار المدعو "الحلم" أن يكون له زي خاص به، فقد اتخذ أشكالًا عدةً منها: الحلم بالعودة كلاجئين، الحلم بالاستقلال كأوطان، الحلم بالنجاح كأشخاص بالنسبة لي هذا كان هاجسي الوحيد، فكنت أخشى دائمًا خيبة الأمل، أن يخيب أمل والديّ الذين حظيت معهم بالتوجيه نحو الصواب والاستقامة.

ما كنت أخشاه حقًا هو أن تتعثر قدماي التي أردت لها وقوفًا شامخًا على العتبة الكبيرة "عتبة النجاح"، كان ذلك كفيلًا أن أجد نفسي في تحدٍ دائم، في رهان أزليٍّ، يحتم عليَّ التحمل والصبر للوصول.
لا شكّ أنَّ الطريق طويل ومليء بالعثرات، تسقط اليوم؛ اعلم أنَّ الله سيقيَك من عثراتك غدًا، ودائمًا وأبدًا لا تنسى قوله تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} البقرة/(286). رسالة ربانيّة تصدر ذبذبات تشير إلى ضرورة الإيمان بالمقدرة الكامنة داخلنا، والانكباب على ما نسعى إليه؛ لتحقيق غاياتنا، وما غايتنا سوى الأحلام التي ما زلنا نرسم ونرسم لها مذ نعومة أظافرنا.

ومضت السنون، وأعتقدت بأن نجاحي بشهادة الثاني ثانوي هي أكبر الإنجازات التي أطمح إليها. هي فعلًا أشبه بحاجز فتح لي أُفق لم تخطر لي قط؛ أنها ستكون وجهتي في يوم من الأيام، بعد أن تخطيت هذه المرحلة، بالأحرى هذه العتبة الكبيرة، فلم أشعر بلذة النجاح كما ينبغي، مع العلم بأننّي نجحت بدرجة جيدة جدًا، وكان صوت يناجيني، في كلّ ليلة يهمس لي: "لن نتوقف هنا...هل من مزيد؟"

أيقنت عندها بأننّي أقف على عدادٍ صفريّ، من هنا سأبدأ، وسأصل حتمًا؛ فأصحاب الأحلام الكبيرة لا تهمّهم متاعب الرحلة، بل يهمّهم الوصول.

الزهراء عثمان

مجلة أزرق | العدد العاشر

إرسال تعليق

0 تعليقات