أعلمُ أنَّكَ أيُّها القارئ تتوقع منّي وأنت على مطلع مقال يتحدث عن القراءة أن أبدأ مقالي بالآيات الكريمة:
((اقرأ باسم ربّك الذي خلق)) الآيات الّتي نزلَتْ على رسولِنا وقُدوتَنا، وصاحبُ الأخلاقِ الحميدة عليه أفضل الصّلاة والسّلام.
لكن في هذا المقال سأتحدثُ عن تجربةٍ ذاتيّةٍ في عالَمِ الكتبِ والقراءة.
علمتني القراءة أنَّ القارئَ، لا يأخذهُ كثرةُ القولِ، ولا طيلُ الكلامِ، مُحِبٌّ للاستماع، شغوفٌ بالتَّعلُّمِ والبقاءِ، وحدَهُ بينَ الصُّحفِ.
هي الفارِقُ في اللّفظِ والمعاملةِ، يبدو واضحاً جداً حتّى في أقصرِ جملةٍ تقولها في كلِّ تفاصيل الحياة تبقى علامةً جميلةً.
لطالما كانَتْ الكتبُ هي نافذتي للحياةِ، وبوابةُ النَّجاةِ من كلِّ الكوابيس الّتي تُلاحقني أينما أذهبُ في صراعاتي اللامتناهية.
أهربُ إلى غرفتي، وأبحثُ عن كتابٍ أستطيعُ من خلالِهِ جَمعُ بقايا تلكَ الأفكارِ الّتي تدورُ في رأسي، وأقومُ بإهداءِ ذاكَ الطِّفلُ الّذي بداخلي في كلِّ الأوقاتِ.
كانَ كتابُ ربُّ الخلقِ أجمعين، هو الملاذُ الآمن حتّى في أشدِ اللّحظاتِ الّتي كنتُ أشعرُ فيها بالخوفِ.
علَّمتني الكتبُ أنَّ القارِئَ الحقيقي لا يتمثلُ في كثرةِ الكتبِ الّتي يَقرؤها، بلْ بنسبةِ هضمهِ، واستيعابهِ للكتابِ الّذي قرأهُ، ومدى استفادتِهِ منه وبرأيي إذا أردتُ أنْ أعرِفَ مدى ثقافةُ الشخصِ؛ أوجّهُ له سؤالاً:
" ماذا تقرأ؟"
وليس "كم كتابٍ قرأت".
كلّ كتابٍ قرأتهُ خلالَ مسيرتي في عالَمِ الكتبِ، كانَ يغيرُ ثغراً واضحاً في نفسي، تتوسعُ دائرةُ النُّضجِ في خلايا عقلي، يزدادُ شغفي في الكتبِ
في جلسةٍ بيني وبين كتابٍ قال لي: ﺃﻧﺎ ﻋﻤﺮُﻙَ ﺍﻷﻭّﻝ.
ﻭﻓﺼﻠُﻚَ ﺍﻟﺴّﻨﻮﻱ ﺍﻟﺨﺎﻣﺲ، ﻭﺛﺎﻣﻦُ ﺃﻳﺎﻡ ﺃﺳﺒﻮﻋِﻚَ.
ﻭﺇﻥْ ﺃﻧﻜﺮﺕَ، ﻓﺄﻧﺎ ﻋﻴﻨﻚَ ﺍﻟﺜّﺎﻟﺜﺔ،
ﻭﺳﺎﻋﺘﻚَ ﺍﻟﺨﺎﻣﺴﺔ ﻭﺍﻟﻌﺸﺮﻳﻦ،
ﺃﻧﺖَ ﺃﻧﺎ، ﻭﺃﻧﺎ ﺟﺰﺀٌ ﻣﻨﻚَ.
في المكتبة؛ أشعرُ بلذةٍ محبَّبةٍ، وسكينَةٍ مقدّسَةٍ، وكأنَّني ناسكٌ قررَ العُزلة بإرادةٍ كاملةٍ، أمامَ تلكَ الرَّفوف الأخّاذة، أشعرُ أنَّ العالَمَ بأسرهِ في يديَّ، ولأشيء ينقصني، فلقد قضيتُ أيّامًا طِوالاً أبحثُ عن أكثرِ الكُتبِ مُتعةً وتأثيراً ... ويَحزُنني ضياعُ وقتٍ مضى دونَ قراءتها!
في نهايةِ هذا المقالِ سأكتبُ لكَ أيُّها القارئ، إنْ تعبتَ وأنتَ تبحثُ عن الأشخاصِ الطيبين، ستجدُهم في المكتبات بجوارِ الكتبِ، في عالَمِ الشغفِ والمطالعةِ.
محمد دعبول
مجلة أزرق | العدد العاشر
24 تعليقات
رائع محمد
ردحذف👍
ردحذفراااائع💙
ردحذفكلمات اكثر من رائعة جعلتي اشتهي القراءة التي صرفتني عنها الايام وملذات الدنيا وهمومها شكرا لك لانك ذكرتني بشئ اسمه الكتاب
ردحذفسلمت أناملك أكثر من رائع
ردحذفرائع 💙
ردحذفدمتم للعلم ذخرا وخير الزخر ... من روائع القراءة
ردحذفبيجنن خيي محمد استمر
ردحذفمميز ،، جدا
ردحذفأزال المؤلف هذا التعليق.
ردحذفرائع 🌼💙
ردحذفمقال رائع جدا وأكثر ما أعجبني السؤال (ماذا تقرأ؟)
ردحذفما أفضل الكتب النافعة التي يمكنني أن أبدأ بقراءتها😊😍
ردحذفروعة وبقدر حاجتنا للمعرفة يكون شغفنا للكتب... والكتب ليست بعددها ولكن بالقدر الذي استطعنا الاستفادة منها وتكريس هذه الاستفادة والمعرفة في الحياه ككل
ردحذفمقال رائع جداً بارك الله فيك
ردحذفحقيقتا كلامها يلامس القلب
ردحذفرائع يجنن
ردحذفماشاء الله عنك خيي متميز ورائع
ردحذفرائع��
ردحذفرائع��
ردحذفرائع��
ردحذفجميل وفقك الله
ردحذفروووعة .جزاك الله خيراً وذادك الله علماً
ردحذفمقال رائع 💙
ردحذف