فاتتني الصَّلَاة



فِي الصِّغَرِ اعْتَدْنَا أَن يَأْمُرُنَا مِن يكبرنا بِالصَّلَاة؛ فنمتثل لِلْأَمْر، ثُمّ نَذْهَب لِنُصَلِّي فَنَجِد أَنَّ الصَّلَاةَ ثَقِيلَة، فنتركها.

نَسْمَع شيخاً يَتَحَدَّث عَنْ الصَّلَاةِ وأهميتها وَعُقُوبَة تَارِكِهَا، فنذهب لِنُصَلِّي نَجِد أَنَّ الصَّلَاةَ ثَقِيلَة، فنتركها
ظَنَنّا أَنْ مَنْ يَأْمُرُنَا بِهَا لَا يَشْعُرُ بِمَا نَشْعُر بِه، ظَنَنّا أَنْ مَنْ يُحَافِظْ عَلَيْهَا لَدَيْه هِبَة إلَهِيَّة لَيْسَت عِنْدَنَا، انتظرنا تِلْكَ الْهِبَةِ الْإِلَهِيَّة طويلاً حَتَّى فاتتنا صَلَاةَ بَعْدَ صَلَاةِ لاَِنَّنَا لَمْ نَحْل أَصْل الْمُشْكِلَة، وَهُي لِمَاذَا تبدو الصلاة ثَقِيلَة ؟ ؟

الْجَمِيع يَظُنّ بِأَن حَالُنَا سينقلب فِي يومٍ مَا ونصبح مِن المصليين وَوَضَع أعذارٍ لَا فَائِدَةَ لَهَا ، بالتأكيد هَذَا اتِّجَاهٌ خَاطِئٌ مِنْ الْأَفْضَلِ أَنْ نَخْرُجَ مِنَ هَذَا الطَّرِيقِ وَنَتَجَه نَحْو عَوَامِل تعيننا عَلَى الصَّلَاةِ . كلما حافظت عَلَى أَعْمَالِ بَسِيطَةٌ لَا تَحْتَاجُ إلَى مَجْهُود كَبِيرٌ كُلَّمَا قَوِيَت رُوحَك وأعانتك عَلَى وَسَاوِس الشَّيْطَان .

أَوَّل العَوَامِلُ الَّتِي يَجِبُ إدْرَاكِهَا لِلْحِفَاظِ عَلَى الصَّلَاةِ:
* هِيَ مَعْرِفَةُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، لِأَنَّك إذَا عرفت الله حقاً ؛ سيمتلئ قَلْبِك بِالسَّكِينَة وَالطُّمَأْنِينَة لِذَا يَجِب دائماً الِاسْتِمَاع لأحدٍ يُحَدِّثُنَا عَنْ اللَّهِ تَعَالَى .
* أفكارك هي التي تَقُود حَيَاتِك لِذَا أَبْعَدِهَا عَن السَّلْبِيَّة واحمها مِنْ الْوَسَاوِسِ واستخدم عَقْلِك بِهَذِه الْإِيجَابِيَّة لِلْحِفَاظِ عَلَى الصَّلَاةِ بدلاً مِن اسْتِخْدَامِه لتتصارع ضِدِّهَا وتختلق أعذاراً لِتَرْكِهَا.
المحافظون عَلَيْهَا لَا يَمْلِكُونَ مُعْجِزَة أو أن لَهُم قُدُرات خَاصَّة، إنَّمَا طوروا أَنْفُسِهِم لِهَذِه الصِّفَةِ حَتَّى أَصْبَحْت عَادَة إلَيْهِم .
*
َاضْبَط نَفْسَك لَا تؤجل بل قُم بِالْعَمَل ذَات الْوَقْتِ ، وأيضاً لَا تُشَاوِرْ عَقْلِك فَإِنَّ فِي ذَلِكَ اسْتِهْلَاك طَاقَة كَبِيرَة وَيُسَبِّب لَك التكاسل وتذكر أَنَّ الْوَقْتَ يَمْضِي فَأَدْرَكَهَا قَبْلَ فَوَاتِ الأَوَانِ .
* ستشعر بِمَعْنَى الْعِزَّة الْحَقِيقِيَّة عِنْدَمَا تَجِد حاجتك تساق إلَيْك، فَالصَّلَاةُ هِيَ وَسِيلَةٌ لِإِصْلَاح الْأُمُور وَتَحْقِيق الْحَاجَات، وَكَذَلِك جَلْب الطُّمَأْنِينَة إلَى الْقَلْبِ.
* اجعل لِنَفْسِك مُكَافِئِة لِكَي تَعَزَّز الرَّغْبَة لِلْقِيَام بِتِلْكَ الْعِبَادَةِ وَالِاسْتِمْرَار عَلَيْهَا، والمكافئة لَهَا هِيَ السكينة والراحة الَّتِي تَتَحَقَّق بِالْخُشُوع، وَمَن مُسَبَّبَات الْخُشُوع : أُبْطِئ حَرَكَات يَدَيْك وَاقْرَأ الْأَذْكَار وَالْآيَات بلسانك وقلبك وَكَأَنَّك تَحَادَث اللَّه حقاً، وَلَا تَقُولُهَا كَرِسَالَة تُوجِب عَلَيْك إلْقَاؤُهَا بَل اِسْتَشْعَر بِأَنَّ هُنَاكَ مَنْ يسمعك ويرد عَلَيْك.
وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا: الْمَقْصِد هُو الْمُثَابَرَة وَالتَّدْرِيب الْيَوْمِيّ لِأَنّ ثِمَار الصَّلَاةِ لَا تَحْصُد
بَيْن ليلة وضحاها؛ بَل سَتَجِد ثِمَارَهَا فِي كُلِّ عُقْبَة تواجهها وَفِي كُلِّ مِحْنَةٍ، لِذَلِك فَالصَّلَاة دَوْرُه تدريبية للنفس تستغرق هَدَرٌ عُمُرِك لِكَي تَسْتَقِيم حَيَاتِك.
وَفِي خِتَامُهَا : لِكُلٍّ مِنْ اِشْتَاق لِذَلِك النُّورِ فِي حَيَاتِهِ، لِكُلٍّ مِنْ يَبْحَثُ عن سلام يُدَاوِي بِه هَلِع نَفْسِه، لِكُلٍّ مِنْ أَسْرَفَ عَلَى نَفْسِهِ منتظراً أَمْطَار الْغُفْرَان تُعِيدُه إلَى رُشْدِهِ، فرْ لبوابة الصلاة، فَمَن بَوَّابَة الصَّلَاة تَسْتَطِيعُ أَنْ تَخْرُجَ مِنْ كَهْف ذَاتِك إلَى سَمَاءِ رُوحَك فَتَحَلَّق فِي نَسِيم الأُنسِ والطمأنينة بِاَللَّه؛ فتنهّل مِنْه نوراً لحياتك الْمُظْلِمَة وسلاماً لِنَفْسِك الكئيبة ورضواناً مُضيئاً تَحَرَّق بِه ذُنُوبُك .


لَيْلَى الأطرش
مجلة أزرق - العدد الثاني عشر 

إرسال تعليق

0 تعليقات