خلقنا الله ووهب لنا الحياة ودب في خلقه الروح لتسير في أرضه
وتأكل من رزقه وقدرها في أعظم تقدير ورفعها في أعلى منازل الخلق
وهي سر الله في خلقه فلكل شيء تقدير وحكمة.
ودائما ما يبحث الإنسان عن الكمال في خلقِه المادي والروحي، فالمادي هو الجسد بما يحتوي من قلب وعقل ولسان وسمع وبصر .... الخ
فإذا ما فقد عضو منه أو شل وتعطل قسم كبير من أعضائه أصبح لا معنى له،
وبدء بطلب الموت الرحيم انتقاما لما جرى له.
والروح هي الحبل الموصول بالله عز وجل وغذاؤها الإيمان، فإذا ما استجاب الإنسان لأمر ربه لقي من الأمان والاطمئنان ما لم يلقه أي إنسان.
حتى ملكا قوت يومه الذي يعيشه فقط.
ولا يوجد شيء في الأرض قد وجد إلا ويعلم الله ما فيه من منفعة لهذا الكون.
ووهب لنا العقل دون خلقه لنسمو ونعلو شأناً فوق الذي منحه لباقي المخلوقات وولد الإنسان بطبيعته الفطرية السليمة.
فإذا ما قدرت الحياة له، قام أبواه في تنصيره، تنجيسه أو تهويده.
ولا حكم له في هذه الحالة لأنه غير مدرك لما حوله.
ومع تقدمه في العمر يكتسب عادات ومهارات حياتية تساعده على
إكمال مسيرة حياته بالإضافة الى القيم والأفكار والتعليم الاجتماعي والثقافي الذي يسمو به وتميزه كلاً على حده بإيجابية أو سلبية، إلا أن التناقض العصري الذي نراه من التقدم السريع في تأمين جميع مستلزمات الحياة
قادت إلى انعدام الرغبة في الحياة لدى المعظم ولعدة أسباب منها:
1 الاضطرابات النفسية كالشعور بالوحدة، العزلة عن الآخرين، الاكتئاب
أو تعرض لحادث اعتداء جنسي سابقا.
2 الرفاهية والرخاء الذي تم الوصول إليه بسبب التقدم العصري.
3 الفقر والبطالة التي تبقي على الفرد دون الحيلة.
4 إدمان المخدرات والحشيش.
4 انفصام الشخصية.
5 المشكلات والضغوطات الحياتية من تفكك وتعنيف الأسري.
6 الإصابة بأمراض خطيرة تحتم نهاية المرء الى الموت.
7 الانفصال وفقدان أشخاص عزيزين علينا.
8 الظلم والقهر الذي يمارس على المرء من قبل المحيطين به.
ولو وقف الإنسان لبضع دقائق متفكرا لعلم أنه غافل.
غافل عن نعم جمة معطاة له دون مقدمات وأهمها السمع والبصر والكلام والعقل والأطراف والخلق التام ...الخ
وغير قنوع بما يملك تجده عجولاً غير صبور على أمور الدنيا وأنه يسعى دائما إلى الكمال ولا يجده وليبلغ أعلى مراتب السعادة ولا يجدها ويملك مال قارون ويطلب المزيد ولو أنه أعطي ملك الأرض لحمل في قلبه أكثر ويستحال أن
يجمع هذا في الدنيا فإنها دار اختبار وبلاء لا جزاء وحساب كما جاء في كتاب الله لعباده:
1 لقد خلقنا الإنسان في كبد (أي أنه يعيش حياته في مكابدة أمور حياته من حال ولادته ليوم رقوده في لحده إلى
أن يحكم الله بأمره إما شاكرا أو كفورا.) سورة البلد
2 ( أحسب النّاس أن يتركوا أن يقولوا آمنّا وهم لا يفتنون.)
وليفتن ويختبر الإنسان في أشد الأشياء حبا لها ويحرم ويمنع من أجمل ما يتمنى ويركض حتى تقف الأرض به دون حراك بعده، ثم ليصبر حتى يبلغ اليأس منه فإن قدر عليه كان من الصادقين وإن خسر، خسر في الدنيا والآخرة
3 (وما هذه الحياة الدنيا إلا لهو ولعب وإن الدار الآخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون.) (سورة العنكبوت)
ولم يذكر الله لعباده عن أي سعادة يلقاها في الدنيا إنما كانت للآخرة وفي قوله:
1 (يَوْمَ يَأْتِ لَا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ ۚ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ.) (سورة هود)
2 (وأما الذين سعدوا ففي الجنة خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك عطاء غير مجذوذ.) (سورة هود)
ومن اختبارات الله للعبد قد يخلقه في فقر وضنك شديد وأينما ولى وسعى ما ظفر بشيء وربما الظلم والقهر الذي يتعرض له المرء، أو العادات والتقاليد التعصبية التي تدفع بالمرء الى الانتحار خوفا من مواجهة مجتمعه أو الحالات العاطفية التي تنتهي بالانفصال، وقد حذر الله تعالى الإنسان من الانتحار في قوله:
(ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما) سورة النساء
أن تحصيل السعادة والكمال في الحياة هي مطلب الإنسان ويقتضي على الإنسان العاقل أن يفهم طبيعة الحياة ومقصدها.
فالذي رحمته وسعت كل شيء عاجز عن رحمتك؟!!!!
والذي أحن إليك من أمك أقصد في تعذيبك؟!!!
فلنتفكر، رحمنا الله ورحمكم وفرج عنا وعنكم.
لمى العيسى
مجلة أزرق - العدد 14
0 تعليقات