منتصف الليل صديقي






ها هو الليل قد بدأ ولا يفصلني عن صديقي نصف الليل إلا ساعات، ولكن هذا لا يهم كيف أتكلم عنه بشكل كمّي
وأنا اشعر به أكثر من كونه كيفي حتى..
لا أصدق مدى امتناني له، كيف يمكن أن يعاملني بكل ذلك اللطف والشفافية..
انصاف الليل تهلك روحي بالجمال وبالعذاب، بسمائه ونجومها وأحلامه وهدوءه، إنه من أوفى
ولأوفى أصدقائي..





انتظره بفارغ صبري وحبي، أحاكي صباحي وكوني به ليحل بأنسيته ودفئه الطاغي على الأجواء، يحتويني ويغمرني ولا يبقي لوحدتي مكان ولا يبقي لاكتئابي وجود..
يغمرني وكأنه الوداع، يغمرني كالحب، كالموت، كالأحلام العميقة..





هو وأنا نشكّل ثنائي رائع، وأنا من أشد معجبيه، انتظره كل يوم لنجول العالم بشتى الطرق والمحاولات.
انا منه وهو كوني الذي يحتويني فيه..





يحملني ويأخذني إلى عوالمه البعيدة، إلى أكوانه وثقافاته وفضاءه ونجومه، يأخذني حيث يحاكي أرواحه بالحب والنبيذ، بالرقص والموسيقى..





نسافر كل يوم بأحلام اليقظة، أنا أغمض عيناي وهو يلمس روحي، نسافر يوماً بكتاب، ويوماً بخيال، ويوماً بموسيقتنا، ويوماً بمثل هذه الأسطر..
ويوماً بأحلامي البريئة المليئة بالألوان والطفولة
ويوماً بأحلامي البريئة المليئة بالألوان والطفولة وقوس قزح وروح اللغز والمغامرة، انا هنا أبقى هنا وهو في كل مكان وفي لا مكان
يجذبني..
يأسرني..
يسحرني..
يرفعني..
يلبسني..
ويبعدني إلى آفاق الآفاق إلى لا مكان وكل مكان، إلى الوجود والعدم، إلى الفضائل والرذائل، إلى الخوف والشجاعة، إلى الحب السلامي، وإلى إلهي ومعشوقي الأول….





أنا هنا وهو أيضا..
داخلي وخارجي
حولي
وكوني يفتح لي أبواباً ونوافذاً في وسادتي وفي مخيلتي لم تكن يوماً في الحسبان لأقفز فيها وأغوص بسواده وظلمته الجميلة، لألمس كل نجومه وأرواحه الذي علقها عليه، وأخذته موطناً آمناً لها، و لكن شعورها ثانوي كالبصمة في روحي، مُعاد و مُكرر، و لكن لذته قوية مترابطة وتراكمية تجمع نفسها بنفسها من قديم و حديث.
لكن جماله أظن بأنه سرمدي في روحي، كلما لمس روحي من جديد سأطير وأحلق دون خوف…
دون صوت…
دون أعين ولا حقد..
دون أوجاع ودون ندوب..





أنا والليل وصدقائنا والسفر وموسيقتنا الحزينة اللامعة كالنجم….
فقط أغمض عيناك واسمع نبض روحك وصميمها ماذا تقول…؟









بقلم: قمر دبوس


إرسال تعليق

0 تعليقات