اكتب لأنك تحب الكتابة.. أكتب لنفسك ربما تكون الكتابة ليست إلا فعل من أفعال الجنون كما يظنها البعض ولكن عندما تكتب فكلماتك هي التي تبقى بينما أنت عن هذه الأرض راحل..
فمثلاً عندما تقرأ رواية "1984" لجورج أورويل فأنت تقرأ لكاتب مات منذ أكثر من سبعون عاماً هذه الرواية التي جعلتنا نشعر بنثرات الغبار فوق الطاولة، وإذا قلنا هذا العدد من السنين فما بالك بالذي قرأ رائعة الأدب الإنكليزي " مرتفعات وذرينغ " والتي مضى على وفاة كاتبتها إيميلي برونتي ما يقارب مئة واثنان وسبعون عاماً، ومع أن إيميلي لم تحظى بلذة نجاح روايتها الوحيدة إلا إنها جعلت كل من قرأ كلماتها يتنهد ويقول: كيف أستطيع أن أجد مثيل لهذه الرواية؟
قارئ هذه السطور سيأخذك قلمي اليوم برحلة نحو عالم الكتابة لنبحر بخطوات البداية بفن عالم الأدب والتأليف وذلك من خلال تجربتي المتواضعة، فأنا لتاريخ هذا اليوم أصبح في رصيدي الأدبي كتابين صدر عنهم عدة طبعات وتجولوا معظم البلدان.
عزيزي القارئ/ة: ترتكز عناصر الكتابة على عدة قواعد وأهمها أن أي شيء نمتلكه في الحياة أن لم نمارسه بشكل مستمر فحتماً سيموت، لذلك علينا بتمارين كتابية بشكل يومي وذلك ممكن من حيث كتابة اليوميات أو قصص قصيرة أو تلخيص لكل رواية بعد قراءتها.
القراءة والتي تساعدنا على تزويد محتوى حسابنا في بنك المفردات وأيضاً تلعب دور كبير في تطوير المخيلة وتعلم كيفية سرد القصص وصناعة الحبكة وتحسين أسلوبنا الكتابي.
(15 دقيقة يومياً كفيلة بأن يكون في محصلتك السنوية ما يزيد عن 20 كتاب يعني آلاف المفردات)
عند بزوغ فكرة الرواية في زوايا عقلك، عليك أن تحاكي أبطالها وأن تبدأ بالتخطيط الورقي لها، أرسم شخصياتك، تحدث إليهم وكأنهم موجودين، فكر بهم دائماً، الدخول في طقوسك الخاصة بالكتابة يجعلك أكثر جدية في العمل ويهبك أفكار جديدة دائماً، تلك مهارة وليست متاحة لدى الجميع، لذلك أصنعها بنفسك.
لقد قرأت العديد من مقالات تساعد على الكتابة واستوقفتني مقالة قرأتها للأديب جوروج أورويل حيث نشر مقال بعنوان " لماذا أكتب " لتترافق بعد ذلك بعدة مقالات وتتحول لكتاب، ولقد نصح الكاتب بعدة نصائح تساعد الكاتب على التفكير العميق لمعنى الكتابة وناقش منهج النقد والحيل الأسلوبية برسالة الكاتب والتي سلطت الضوء على فن الكتابة والمغزى منها وذلك من خلال مقولته:
" عندما أجلس لكتابة كتاب أكتبه لأن هناك كذبة أريد فضحها، حقيقة ما أريد إلقاء الضوء عليها" ويتساءل الأديب: "لماذا أكتب" وبعبارة أعم "لماذا نكتب نحن جميعاً".
واجابته عن سؤاله كانت: "جذور الرغبة تلك في حب الذات وأن المرء يريد أن يثير إعجاب الآخرين به وأن يبدو ذكياً. وتكمن في الشعور بالجمال والبهجة الناجمين من أثر صوت تلو آخر في إيقاع اللغة، أو في غيرها، ثم في الشوق الملازم للإنسان لاكتشاف الحقيقة والدفاع عنها."
فبرأي أورويل عن الأدب فهو الذي بقودنا لعالم جديد وذلك من خلا كشف ليس ما هو غريب بل ما هو غير اعتيادي.
ولقد كانت كلمات أورويل يتخلله منظور الأدب والأديب في عالم الأدباء أمثال: شكسبير، تولستوي، مارك توين وغيرهم. لتكون أهم نصائحه في الكتابة ما يلي:
1-لا تستخدم الكناية ولا المجاز أبداً، ولا أي جملة اعتدت قراءتها.
2-لا تستخدم أبداً كلمات كثيرة إذا كان بإمكانك التعبير عن المعنى نفسه بكلمات أقل.
3-إذا كان يمكنك أن تحذف كلمة ما فافعل ذلك على الفور.
4-لا تستخدم المبني للمجهول إذا أمكنك استخدام المبني للمعلوم.
5-لا تستخدم تعبيراً أجنبياً أو كلمة علمية أو مصطلحاً عامياً إذا كان بوسعك التفكير في تعبير شائع في لغتك.
6-خالف أياً من هذه القواعد السابقة قبل أن تكتب شيئاً يبدو غبياً.
الكثير يتسأل عن وجود مزاج خاص أو طقوس معينة يختارها الكاتب كي يبدع، والإجابة هي نعم ولكن لكل منا أسلوبه وطريقته في الإبداع وليس أن كنت أشرب القهوة عند كتابتي لروايتي يعني أن عليك أن تحتسيها أنت أيضاً ربما أنت تفضل الشاي وأن لا أفضله وذلك على سبيل المثال طبعاً وأعني بذلك أنك أنت من يصنع أجوائه وطقوسه ولا فائدة من تقليد ما يفعله الآخرون وسأقص عليكم بعض الطقوس الغريبة التي كانت في حياة أشهر الأدباء وبداية مع الأديب فيكتور هيجو والذي عندما كتب رائعته " أحدب نوتردام" خلع كل ثيابه وبقي عاري ولذلك لكي يرغم نفسه على البقاء في منزله والعمل فقط على الكتابة حتى ينهي روايته وعندما كان يشعر بالبرد كان يلتف ببطانية رافض أن يرتدي أية ثياب، وبذلك أستطاع أن يتفرغ كلياً للكتابة، أما ديكنيز كان طقسه الترتيب والهدوء التام لدرجة أنه وضع باب إضافي لمكتبه لعزل الضوضاء والضجيج وصولاً بترتيبه لطاولته من أدوات كتابة دون أن ينسى تواجد سكين قطع الأوراق التي كانت تستخدم فيما مضى وكانت طاولته لا تفارق نافذته.
أما الروائي الأمريكي دان بروان الذي كان يخضع للعلاج بالمقلوب، فقط كان يعلق نفسه بالمقلوب حتى يصل لصفاء الذهن والتركيز في أفكاره قبل الشروع بالكتابة ولعلّ هذه الطريقة التي جعلته يقول " الجسد البشري مذهل، إن حرمته من إحدى حواسه تقوم الحواس الأخرى على الفور بملء الفراغ”.
من أكثر الطقوس التي جذبتني هي طقوس موراكامي كان أول عمل له فور استيقاظه البداية بالكتابة لمدة ما يقارب الست ساعات متواصلة دون توقف حيث كان صباحه يبدأ في الرابعة قبل طلوع الشمس ليستمر نظامه بعد ذلك بممارسة الرياضة في فترة الظهيرة لكي يصل لحالة ذهنية أعمق في الكتابة، ويصف أن طقوسه لم تكن تحتوي سوى على نقطة سلبية واحدة وهي إبعاده عن التواصل الاجتماعي ليصف حالته تلك بقوله: “في داخل كل منا طفل يلعب الغميضة وحيدا على أمل أن يعثر عليه أحد”.
أما أنا فلا أحتاج لأن أقف في المقلوب أو أن أضع باباً إضافي لغرفتي، حياتي الكتابية بسيطة جداً كل ما أحتاجه كمبيوتري المحمول وبعض الأوراق وقلم لا يهم أن كان رصاص أو حبر وكوب من الكافيين ليجعل جسدي في حالة استيقاظ أثناء العمل والقليل من الهدوء لأغوص في الكلمات، أنا أيضاً بحاجة للشتاء لأنني من الأشخاص الذين لا يعرفون عمل أي شيء خلال الصيف، هذا الفصل ينهي الإبداع في محبرتي.
في النهاية عزيزي الكاتب/ة: أنت بحاجة 1% من الموهبة و99% من العمل الجاد وذلك من خلال القراءة وتنمية لغتك وأسلوبك وطقسك الخاص لتبدأ بالشروع بعملك أنت، أتمنى لك بداية موفقة جداً وهنا سأترك لك بعض عناوين الكتب التي قد تساعدك في بداية مشوارك في عالم التأليف:
لماذا نكتب-ميريدث ماران "الكتاب يتحدث عن تجربة 20 كاتب في فن الكتابة"
فن الرواية-ميلان كونديرا
كيف تكتب الرواية-غابرييل غارسيا ماركيز
كيف تعلمت الكتابة-مكسيم غوركي
فن القصة القصيرة-رشاد رشدي
في الأدب والنقد-غراء مهنا
الرواية اليوم-مالكوم برادبري
فن الرواية-كولن ولسن
الحكاية وما فيها- محمد عبد النبي
بقلم: فاطمة الخلف
0 تعليقات