أروى أحمد أبو سرور| هدوء الرّوح.
كُلنا عبارة عن جسدٍ وروح، فؤادُنا مجبولٌ من كَمٍّ هائلٍ من الحُبِّ والسلام وغيرهما، حيث ترتكز حياتنا على مشاعرنا، من خلالها نصنع ما يصعب إيجاده، فرقيق القلب مفضل على الكثيرين، وخفيف الظلّ أثره لا يزول فهو لروحي هدوء.
هيّن يا صغيري هيّن، أمرُنا في هذه الحياة هشٌّ، ولكنّه عقيم، تكلمنا يا طفلي في ليالٍ طوال، عن تعب السَّاعات والثواني، غُرِّقنا بدموع مريرة كالعلقم، أخذتنا همومنا نحو بساط الرّعب حيث اللا رجوع، أحطنا أنفسنا بفكرة سواد الليالي القادمة؛ ليس علماً منّا بعلم الغيب؛ ولكن أقمار السماء السابقة لم تُهيئ الفرصة لكيّ نتخيل ما هو أفضل، انتُشلت روحنا يا أبي، هكذا قلت لي حينذاك، لم أمتلك فرصة لأغيرَ صورة الحياة أمامك، فاكتفيت بدموعي جانبك.
أثرُ الفراشة لا يُرى، أثر الفراشة لا يزول، أول جملة قيلت لي بعد ليلة شهدت من الحزن الكثير، أخذت جزءًا من فكري لساعة كاملة، أنا فراشة، في ظلّ الحقول أطير؛ أطلب حقي في أن أعيش بهدوء وراحة، أركض بين اليرقات؛ لأزرع فكرة الحرية دون قيود، فلماذا أفعل ما هو العكس.
صديقي، هذا واقع لا أكذبك، ولكنّه ليس قانون الحياة؛ لكي نبقى تحته، ونُعاقب إن تجاوزناه.
صديقي، هذه قضية تتعلق بروحك وسلام قلبك، وأنت تقتلهم بحزنك، فكما أن لا الليل باق ولا زرد السلاسل، فإنّ الحزن ماضٍ والربيع سيزهر بعد شتاء يناير.
أَيقظ فكرك جيداً، زوّد وريدك من الأمل الكثير، وأعطِ لروحك الحب والامتنان، كُن لنفسك معيلاً، ولغيرك رفيقاً، تُبقي ذاتك سعيداً.
غيمةٌ سوداء في يناير، فيها من الخيّر الكثير، الأبيض في الغيوم، ليس إلا ليُبقي الطقس صافياً، وجيداً للخروج من المنزل، هكذا هي فكرة الحياة، طمأنينة بعد ليال عجاف، وراحة القلب منهمك، وهدوء لروح بعد انتشال ضحايا العناء من معالم الوجه، سلام في السماء والأرض، راية الحُب تُرفع من جديد، وتقول: أنا الحاكم العادل، أنا قانون اللقاء والنقاء والبقاء.
تغذية الرّوح، وإشباعها بالحبّ،أهم ما يجعل حياتنا سلسة، نستطيع بعدها أن نتجاوز أصعب العثرات، فالرّوح إن انطفأت لا تضيئ، تقتل صاحبها بهموم الثواني البطيئة، أرواحنا مقدسة، كقدسية إنجيل السيد المسيح، نحن نَعزل جزءً مهماً، خُلق لينير الفكر؛ ولِيُعطي الأمان لحين انتهاء البقاء، عليك يا صديقي أن تُشعل نارك، وتُعطي طاقة لروحك، وأن تضع أهدافك، لا تيأس في طريقك، فالفشل خيار ثانٍ، والإرادة تجعلك كزهرةٍ نبتت بين صخر عقيم.
هدوء الرّوح، كلمتين في العربية، تغنيك عن مراهم الطب والدواء، لا تُبعد تفكيرك، فكما أن المشكلة قريبة، كذلك حلها، فهو أقرب.
اقترب من ربك، جانبه ترى كل صعب هيّن، ومن الرماد تأتي ألوان الربيع، ومن سواد الغيّم، يأتي المطر.
استنشق هواء الطبيعة، واسمع حسيسها، غنّ للطير، يرقص لأجلك، وارفع صوتك بكلمة أحبك، يأتيك الحب ضعفاً، ساعد غيرك تنفك عقدك، وتذكر جيداً: أنت الرّوح، والرّوح لا تموت إنّما تُرفع …
بقلم: أروى أبو سرور
مجلة أزرق
العدد 16
0 تعليقات