- طلقة بالرأس وثلاثة أيام في العناية المشددة، ثم موت وحزن يطوف البلاد.
- حنظلة
- لم يبلغ عشر سنين ولن يبلغها حتى يعود إلى وطنه،
- هكذا وصف ناجي العلي حنظلة على أنه أبدي!
- يقول سالم : ها أنا كعادتي اليومية أجلس في زاوية المقهى، أنتظر بائع الجرائد وفنجان قهوتي الصباحي.
- جريدة الوطن ، في الصفحة الأولى ، صورة كاركتيرية
- لطفل صغير حافي القدمين يضع يديه وراء ظهره لا يُرى وجهه معرف باسم ( حنظلة)، ما الخطب؟! انتابني الفضول، قرأت الجريدة كلها لم أر أي شيء يتعلق به!
- حتى أصابني الهوس بدأت أتحدث مع الجريدة بل مع الصورة لا تحديدا مع حنظلة،
- حالتك كحالتي على ما يبد ، كم عمرك عشر سنين
- ْلم أنت على هذه الحالة !؟
- لم أنت حزين يا حنظلة؟! حزين لأنّ من خطني أرد أن يجعلني حزيزنا لكن كان يحلم دائما بأن يرسم لي وجها مبتسما عندما أعود إلى وطني، ولكن لم يتحقق هذا الحلم فقد قُتل قبل تحقيقه وبقيت على حالتي
- أنتظر من يُعيدني لمنزلي، اشرح لي أكثر من أخرجك من منزلك ولماذا ؟
- يا صديقي سالم لقد هجرت من منزلي وموطني قسوة لم يكن الفاعل هو السبب الأساسي فقط باللواحق والتوابع كانا السبب الأقوى في إخراجي.
- كيف لذلك؟
- هل سمعت بقصة الأسد والثيران الثلاثة
- عندما جاع الأسد بدأ بالبحث عن طعام يسد جوعه لليلة على الأقل فأصبح يتجول بين الأدغال حتى رأى ثلاثة ثيران دكينات، ثور أسود وثور أبيض وثور أحمر
- نظر الأسد نظرة ذكاء وقال لنفسه إذا هجمت لأفترس ثور منها سيهجم عليّ الثوران الباقيان و يقتلاني لذلك عليّ أن أفرق بينهم حتى يسهل أكلهم فذهب بلطف إليهم وتطيب لهم حتى ودوا له هنا بدأت خطة الأسد بالنجاح
- ذهب إلى الثور الأبيض وقال له ياصديقي الثور الأبيض ألا أقول لك ما قاله عنك الثور الأسود،
- وما قال الثور الأسود أيها الأسد قال عنك أنك سمين ولا تستطيع الركض، وسمعته يخطط مع الفهد للتخلص منك،
- أيها الأسد هل هذا الكلام صحيح
- نعم يا صديقي لولا صداقتنا وخوفي عليك لما أخبرتك
- وما العمل ياصديقي ؟ لدي حل واحد لا ثاني له ولكن أخشى أن تغضب، لا لن أغضب ما هو الحل
- علينا أن نتخلص من الثور الأسود بأسرع وقت وكيف ذلك ، نتخلص منه قبل أن يتخلص منك هو والفهد
- فإذا سمحت لي بأكله تنحل مشكلتك فما رأيك
- حسنا رأيك صائب أفعل ما تشاء فأكل الأسد الثور الأسود وباليوم التالي استخدما نفس الأسلوب مع الثور الأحمر حتى سمح له بأكل الأبيض وباليوم الثالث لم يبق سوى الثور الأحمر فهجم عليه وأكله وقال يا لهم من أغبياء كل منهم باع أخاه
- لذلك يا صديقي لا تتخيل أن تأتيك طعنة بظهرك دون مساعدتي من تسند عليه ظهرك .
- وإذا أردت أن تسألني أين أسكن سأجيبك بأني
- أسكن في مقبرة التاريخ ما زلت أبحث عن شيء مفقود فيها أبحث عن الشخص الذي قال أنا لا أستطيع فعل شيء سأترك الأمر لأهله، فأصبحت هذه العبارة ورثة يتوارثها الأبناء جيلا بعد جيل حتى باتت الخيام ملجأنا والمدارس حلمنا والكلأ أكبر همنا.
- ولكن ياحنظلة ربما نجد حكمة من هذه العبارة فشخص واحد ليس بوسعه القدرة على تغير الواقع في مكان تُرفض فيه كل الآراء المختلفة عن التقليد
- يا سالم هناك فرق كبير بين شخص واحد يريد إنقاذ أمة على وشك الهاوية بعزم وإصرار وبين مجموعة من الأشخاص يريدون ولا ينفذون شيئا مما يردون، هنا تكمن الإرادة هل سمعت بإسحاق برلمان، الذي حول اسمه إلى اليعيز بن يهودا، يهودي الجنسية ولد في إحدى قرى ليتوانيا، يعد رائد إحياء اللغة العبرية، التي أهملها العبريون فلم تكن العبرية متداولة بينهم، بل كانوا يتحدثون بلغة البلاد التي يسكنون فيها، سافر إلى باريس ودرس الطب فيها، وفي عام 1877بدأت روسيا حملة تحرير الأراض البلغارية من حكم الإمبراطورية العثمانية، فدفعت هذه الحرب ابن يهودا للتفكير والاستنتاج: إذ كان للبلغاريين حق في استرجاع أراضيهم، فلماذا لا يكون لنا نحن اليهود
- الحق في استرجاع أرضنا، فنحن شعب الله المختار، وأصحاب الكتاب، فتوجه إلى فلسطين واستقر بها مع زوجته، وفور وصوله قطع على نفسه عهدا ألا يتكلم إلا بالعبرية، ولكن لقي ردعا قويا من أبناء جلدته فلم يساعدوه، ولكن لم ينصت فبدأ ببيته ثم أنشأ مدرسة خاصة لتعلم اللغة العبرية، ثم فتح جريدة يومية باللغة العبرية، ثم جمع اللغة العبرية في قاموس خاص بها، وضم له المهتمين من اليهود وأقاموا (المجمع اللغوي للغة العبرية) وتحقق حلم ابن يهودا الذي حمل هما وحلما ونهضة قومية بمفرده، فهذا الرجل بدأ من نفسه ثم بيته ثم إلى المدارس ثم إلى المجتمع العالمي، فاللغة العبرية التي كانت منسية دفينة الكتب، أصبحت لغة ما يقارب 9 مليون عبري.
- يا صديقي لم يصغ ابن يهودا إلى كلام الناس ولم يتوقف عند أول صعوبة أو محاولة فاشلة، بل أراد وعزم وحقق، لم يقل أنا لا أستطيع فعل شيء سأترك الأمر لأهله.
- هذا هو الفرق الذي حدثتك عنه بين
شخص يفكر ويعزم ويحقق وبين مجموعة يفكرون ولا ينفذون .
- فلا نستهن بأنفسنا، يقول علي بن أبي طالب رضي الله عنه :
- داؤك منك فلا تبصر دواؤك فيك وما تشعر
- وتحسب أنك جرم صغير و
- فيك انطوى العالم الأكبر
- آه يا حنظلة كم من سنين مرت على هذا الحديث
- أتتذكره كنت كثير التساؤل عندما رأيتك كيف قتل رجل مثل ناجي العلي فقط لأنه كان يفكر بالعودة إلى فلسطين وهل من المعقول أن يأكل الأخ لحم أخيه
- أتاني الرد مسرعا ماهي إلا بضعة سنين وها أنا مهجر الداري أتذكر حواري معك فسط آلف الخيام، كلما صرخت صرخة حق ضُربت بسكين من الظهر.
علي إسماعيل ✏
0 تعليقات