من دون الثامنة


قد يكون إلغاء محاضرة الساعة الثامنة من أجمَل الأحداث التي سيضج بها العالم يوماً ما .
هكذا بدأتُ أول مقال لي في حياتي ..

و الآن،  بعد مرور سنة على نشره، استفزني واقعنا المرير كي أكتُب تتمة لمحاضرة الثامنة، لا بل هي تتمة لمحاضرات اليوم كُله في جميع الكليات و المعاهد و الأقسام.


من منا لم يكن يتمنى يوماً ما أن يستيقظ صباحاً و يحتسي فنجانَ قهوته دون أن يضغطه الوقت ليذهب إلى دوامه أو عمله المرتبط بالساعة الثامنة حصراً

ثم فجأة ..
تصدر الوزارات قراراً بتعطيل كافة الجهات الخاصة و العامة في جميع المدن لغاية مدة معينة تحددها ..

ذلك بسبب انتشار ما يدعى ب(الكورونا) فيروس
COVID-19
و أنا لست بصدد الكتابة عنه و عن مخاطره و كيفية اتباع طرق الوقاية الجيدة و ما إلى ذلك .
بل لم أكن أتوقع يوماً أن تلغى محاضرة الثامنة و فعلا يضج العالم بذلك كما لم أكن أتوقع

طبعاً أنا و غيري من سائر الكليات لم نكن نتمنى أن تلغى المحاضرة لهذا السبب و بهذا الشكل المفاجئ و المريب..


أساساً تم تعليق الدوام و لم يَعد هناك محاضرات و لا طلاب و لا مُحاضرون حتى..
 فجأة تكتشف أنك تُحب الذهاب للجامعة  و تُحب حضور محاضراتك .. 

 تُحب ازدحام المواصلات و إلقاء السلام على بائع الخبز الذي لم يكن يهمك أمره من قبل ..

تتمنى أن تعود لك رنة المنبه الصباحية المزعجة كي تَستفيق و تسابق الوقت لتصل على الوقت ..

وتَحضُر محاضرَتك بعينين ناعستين تقاومان سهرك لليلة البارحة 

تدرك تماماً أن الجامعة هي منزلك الثاني بكل مافيه من مساوئ تعانيها كل يوم و كل صباح و كل محاضرة ثامنة ..
 
أتذكر عندما كنا أنا و جميع من حولي نستقيظ صباحاً و نلعن محاضرة الثامنة و ندعي الله ان يأخذ الدوام

و الآن لم يعد هناك داع لأستيقاظك صباحاً و غسلِ وجهكَ بالماء في أيام البرد و الشتاء ..

نشاطك الذي كان يأبى الاستفاق و نعسك المستوطن داخل جفنيك لم يعد موجوداً أصلاً

بالإضافة إلى أنكَ لم تعد ترى الأزدحام في الحافلات لأنك لم تعد تستطيع الخروج من منزلك أصلاً.
غفوتك القصيرة التي كنت قد تأخذها في طريقك للجامعة 
أصبحت تمضيها في منزلك مجدداً

لا يهمني إن كان هذا الفيروس مفتعل من قبل دول العالم
أو إن كان بقصد تدمير اقتصاد الصين
لا يعنيني أبدا إن كان محدث عنه في الكتب و من قبل العرافين
ما أعرفه حقاً أننا لا نعلم قيمة الشيء حتى نفقده.
 
اليوم لا محاضرة ثامنة
و غداً لا دوام للعاملين
و بعد غد إغلاق المَحال جميعها
ثم ماذا ؟


عقل يغفو دقيقة و يصحو دقيقة و أذنين تسمَع كل ما يدور حولنا
و آراء الجميع و القرارات من حولنا ستصيبنا
بعدوى التفكير و القلق المستمر قبل الإصابة بأي مرض .
دمتم سالمين ناجحين بمحاضرة ثامنة و بدونها .









مقال إلغاء محاضرة الثامنة صباحاً منذ عام:





https://azrq.org/2019/03/03/إلغاء-محاضرة-الثامنة-صباحاً/





فرح الصباغ


إرسال تعليق

0 تعليقات