لطالما ثمَّ الرّبطُ بينَ المتعلمِ و المثقفِ، فعندما يخبرنَا شخصٌ بإنّهُ متعلّمَ، و يمتلكَ شهادةً في تخصصٍ ما، نستنتجُ تلقائياً ثقافتَهُ وهذهِ فكرةٌ مغلوطةٌ متأصّلةٌ من فكرِ العامِ للمجتمعِ.
في واقعِ الأمرِ أنْ ليسَ كلَّ متعلمٍ مثقفٍ، و ليسَ كلَّ مثقفٍ متعلمٍ
فمنْ هو المتعلمُ؟
من ْهو المثقفُ؟
أثرُ الخلطِ بينهمُ؟
فالمتعلمُ هو الحاصلُ على شهادةٍ تعليميةٍ في تخصصٍ معينٍ، فالعمليةُ التعليميةٌ ترتكّزُ على صقلِ معلوماتِ الفرد في جانبٍ معينٍ، فهي ليستْ مشروعٌ ثقافيٌ ، و إنّما عمليٌ تعليميٌ، فبالتّالي يصبحُ الشخصُ بعدَ تحصيلهِ على شهادةِ مؤهلٍ للعملِ في مجالِ تخصصهِ.
فالعمليةُ التعليميةُ تحدثُ في سنينَ محدودةٍ، بعد اجتيازهَا بالاختباراتِ غالباً يصبحُ الفردُ متعلّماً بشهادةٍ، فتكونُ هنا العمليةُ التّعليميةُ لها نهايةٌ.
أمّا المثقفُ هو محبٌ للاطلاعِ، المنفتحِ على العالمِ كثيرَ الاسئلةِ، و التساؤلاتِ، وكثيرَ المعلوماتِ في مجالاتٍ مختلفةٍ، صاحبُ تجاربَ و خبراتٍ يسعى لكلِّ ما يكسبهُ معرفةً أكثرَ. سواءً أكانَ فيلماً، او كتاباً، أو رحلةً ما
فثقافتهُ تبرزُ في حواراتهِ، أفكارهِ، وسلوكهِ، و آرائهِ
ثقافتهُ لا ترتبطُ بشهادةٍ تثبتُ هذا، في واقعِ الأمرِ أنّ الثّقافةَ تكتسبُ بعمليةٍ أصعبَ من العمليةِ التعليميةِ، لأنّها بلا نهايةٍ محددةٍ، يستمرُ اكتسابهَا لطالمَا يكونَ الفردُ على قيدِ الحياةِ، فالمثقفُ لا يروي عطشَهُ، فكلّمَا عرفَ أكثرَ؛ تعطّشَ أكثرَ
تكمنُ خطورةُ المخالطةِ بينَ المتعلمِ و المثقفِ ادّعاءَ بعضِ المتعلمينَ ثقافتهمْ ، وعلمهمْ بكلِّ شيءٍ، غير قابلينَ للخطأِ، يصعبُ محاورتُهُمْ، لاحتجاجهمْ بامتلاكِ الشّهادةِ في مجالٍ معينٍ، اختلطَ غرورهمْ بشهادتهمْ فلا يعترفونَ بأخطائهمْ، غير قابلينَ لتغيرِ آرائهمْ، مما يجعلني القولَ بوضعهِمْ في فئةِ المتعلمينَ الجهلةِ، هي فئةُ الأخطرُ دائماً، لاعتقادِهمْ بثقافتهمْ، على عكسِ الحقيقةِ، فتحدثُ فجوةً داخلَ المجتمعَ، تصبحُ شهادتهُ التّعليميةَ ناقصةً بسببِ جهلهِ، ممّا يؤثّر على مجالِ عملهِ، الّتي يكونُ المجتمعُ في حاجةٍ لهَا، و تقدّمَ المجتمعِ يكمنُ في تفاني أفرادهِ في أعمالهمْ مهما كانَ مجالَ عملهمْ.
كما قال الرّوائيُ نجيبْ محفوظُ (قارئُ الحرفِ هو المتعلمُ و قارئُ الكتابِ هو المثقفُ.)
واجبُ المتعلمينَ لكي لا يندرجُوا تحتَ قائمةِ المتعلمينَ الجهلةَ أنْ يسعَوا للمعرفةِ دائماً و الاطّلاعِ و كسبِ ثقافةٍ، ليخدمُوا أنفسهمْ أولاً ثمَّ مجتمعهمْ.
إسراء الشوشان
0 تعليقات