عربياً لعلكم تعقلون










أتى الإسلام برسالةٍ عربيةٍ سامية، ولمٍ يأتِ لينفي وجود العرب، ولا ليطمث لغتهم؛ بالعكس تماماً فهو لم يحطم البنى الأخلاقية للعرب، ولا من شيمها الكريمة، وما أباد اللغة؛ بل أتى بكتابٍ عربيٍ جليلٍ عجزت العرب بشيوخها، وفصاحة لسان شعرائها عن الإتيان بما يماثله من تراكيب وكلمات في آياته، وعجز المنجمون عن النفي أو التنبؤ عما فيه من قصص وقضايا من علم الغيب، وشجع الإسلام على العروبة الأصيلة من مروءة، وشهامة، وكرم، وحياء، وصفح، ومحى السلبيات وحاربها بأسلوبٍ مناسب، وصحَّح المغالطات الأخلاقية والفكرية، والمبالغات في معاملة القضايا، ومناصراتها كحروب الثأر، فأحلَّ الدّية دون أن يحددها، وشرّع القصاص بحقوق محددة تضمن الحق ولا تؤثر بضرر على أصحابها. ولم يكن الإسلام قاسياً بأحكام العبيد والجواري؛ بل جعل لهما باباً فقهياً خاصاً بهم في الشريعة الإسلامية، ومعالجاً فيه الحالة النفسية، والعلمية، والاجتماعية للعبيد والجواري، وأحكام علاقتهم بأسيادهم، وساهم في تحريرهم (أتى هنا كدواء لحالة وجود العبيد وظلمهم واستعبادهم) كما عدَّل التقاليد بما يلائم راحة واحتياجات النفس البشرية، وأبان حقوقها من ذكرٍ وأنثى، فرسم للرجل مسؤولياته، وشرّع له حقوقه، وأتاح له المتطلبات والحوائج، وألزمه بواجباته الكاملة من إدارة النفس والأهل "كلكم راعٍ والكل مسؤول عن رعيته" ففرض عليه الرعاية، والاهتمام، والمتابعة، والتحسين، والعمل، وهذا على الصعيد الإداري الشخصي الخاص. أما على الصعيد الإداري العام، ففرض عليه الحماية والمرابطة، وتولي شؤون السلطة، والحكم، والجهاد في سبيل الله.





 بينما كان  موقف الإسلام  من قضية المرأة (القضية التي لازالت تثير الجدل ومحطة استهداف كوسيلة في كل المشاريع لما لها أهمية في تحقيق غاية المشروع المُراد) فأعطاها الإسلام حقوقها كاملة، تلك الحقوق التي استئصلتها قبائل العرب، فحرّم الوئد والاستملاك كغرض، والاستغلال، والاستعباد، وألزم المجتمع بأهميتها ومكانتها ليكرمها بمكانة المُلك، وحفظها، وصانها، ومنعها من مشابهة الرجال، والإشراك المباشر في شؤون الحكم -احتراماً لها لا إذلالاً كما يعتقد البعض- لأنها ستؤذى في حيائها وأطباعها الفطرية إن دخلت عالم الرجال وخاصتهم، وستفشل في إدارة مسؤولياتها الخاصة من بيتها، وأهلها، ونفسها ناهيك عن عدم إصابتها الصواب إن خضعت في أمور الحكم لعاطفة، أو تعب، ولكنه في المقابل رمى على عاتقها المسؤولية الأكبر التي تفوق مهام الرجال في قيادة المجتمع وإدارته، حيث رمى على عاتقها مهام التربية وهذه المهام ليست بالسهلة، وألزمها بالتعلم وصونِ البيت، وحفظ الأمانة لأهله وجعلها ساعداً للرجال في كافة الأمور (إنما النساء شقائق الرجال) شقيقة الرجل وليست رجل، وجعلهن مؤسسة للرجال (النساء مصانع الرجال) وهذه الحقوق والواجبات كانت منفية بشكل شبه كلي عند القبائل وعصبيتها آنذاك.





أما عن القيم الأخلاقية فعززها الإسلام بدوره، حيث شجع على الكرم، وذمَّ البخل والأخلاق الدنيئة، وأثاب على الصفح، وأمر بالعفو والتسامح، وجعل الابتسامة صدقة، والكلمة الطيبة أسلوبًا ومنهجًا خُلقيًا، وعَمِل على إبادة الأوبئة النفسية، فعالج الأسباب المؤدية لانتشارها، كانتشار الاكتئاب وحالات الانتحار، فحرّم الخمور وأقرانه وإدمانها، وعالج قضية مداخلة النفس في الأمور التي تشق عليها، وجعل من الإيمان سكينةً واطمئنانًا لقلوب المؤمنين، وأمر بالتسليم لله كي لايَجهد المرء من تفكيره، وغيره من ذلك لئلا يمرض نفسياً، كما أنه أقام العدل، وحارب الظلم القِبَلي الجاهلي لما يترتب عليه من إفسَادٍ وفتكٍ بالبشرية، وجعل لرد المظالم باباً خاصاً من الأحكام الدقيقة والمفصلة، فلدينا العديد من الأمثلة ونكتفي بهذا القدر في ذكرها، وكلها تبين أنَّ الإسلام طوَّر من العرب وقومه، وكيف رفع النفس البشرية بالقيم العربية فيما يخدم ويلائم احتياجاتها، ولاشك بأن الإسلام منهجًا فطريًا عقائديًا متكاملًا وعادلًا لايمكن تزييفه، ولكن الكثير من العرب اليوم طمثوا إسلامهم من أجل الغرب لجهلهم بالاسلام والعروبة الأصيلة فيه، فهل لمسلم راشد أن يتبع الغرب ومنهجه إسلامي عربي؟ (أي أيمكنه أن يتبعه فيما يحرف هذا المنهج لافيما يلائمه). كلا،





لذلك شبهات الإلحاد والإضلال والتيه في المغالطات الفهمية للإسلام وأحكامه من قِبل الحمقى من العرب، وكل المتجردين من فهمه فهماً عقائدياً حقيقياً تنفى أهازيجهم بأكملها لمجرد أن تُعطي دليلاً واحداً من القرآن والسنة النبوية الشريفة.





تلك الشبهات التي انقاد إليها أبناء العرب بحجة هدفهم التطور لأنه باعتقادهم الجهل والظلام دامس في القيم العربية، إنْ كان كذلك فأين الاسلام إذاً؟





هذا الدين عربي والعرب أساساً فيه، ونملك في إثبات ذلك أدلةً شرعية لامتناهية وأهمها قول الله عز وجل:





(إنَّا أنزلناه قرآناً عربياً لعلكم تعقلون)





---------------





*سورة يوسف (آية رقم 2)*





*حديث صحيح





حديث صحيح





*قول لأدهم شرقاوي في حديثه عن الامام احمد بن حنبل





.





المصادر إن وجدت *





قول أدهم شرقاوي  النساء مصانع الرجال،من كتابه حديث الصباح،والآية الكريمة والاحاديث من كتاب البخاري.









آية  ادلبي


إرسال تعليق

0 تعليقات