في رمَضان وجدتُ ذاتي










ِعِندما أهل هِلالُ رمضانَ وزَيّنَ سماءَ الليلِ المُظلم قَطفَ قَلبي لِظَلامه بصيصَ أملٍ جديدٍ لمغادرته دُنيا فَانية إلى آياتِ اللهِ والتَفكير بالذاتِ الإلهيةِ وعظمة الله والنَّعيم الذي أُعدّ لِمن نالَ العلامةَ الصادقةَ في امتحان الدنيا ؛ أهلَّ لِيُبدي غضبه على القلبِ المُتشبثِ في دارٍ نحنُ ضيوفٌ عَليها ليُعيدَ له رشدهُ ويرتقي بالروح مِنْ قاعِ الذنوبِ إلى درجاتٍ من المغفـرةِ والغُفرانِ





رَمضان ذلكَ الشهر الذي يَنتظره العاشقون أحد عشرَ شهراً يُزينُونَ بُيوتَهم وَشوَارعهم فَرحَاً بِقُدومهِ ...!





فأيُّ قلب يَبقىٰ مُعلقاً في الدنيا بعدما رأى نُجومَ السماءِ نَهاراً في كُلِّ مَكانٍ والفَوانيس المُضاءة كأنها قناديل بِشارةٍ من اللّه بالفَوزِ بِرضَاهُ والِعتقِ مِنْ نيرانهِ ..!





رمَضان لَيسَ صوماً عَنْ الأكل والشُربِ وَشهواتِ الدنيا فَهوَ حياةٌ للروحِ وغِذاءٌ للجسدِ المُنهَك في مَلاهي الحَياةِ المُغريةِ..!






'- فازهد بدنياكَ وحرر للـــــروح
قُيودها واركب سفينةَ الأتقــــياء ِ
'- يا عابدَ الله اغتنم فرصةَ الــدهر
وحاذر روحك أن لا تكون في العَلياءِ





اخشعْ في صَلاتكَ وزدْ وِرْدَك  وأكثر من صدقاتك ففي رِحَابه أنسٌ وسَكينة ؛ صَحيحٌ في نهاره تعبٌ ومَشقةٌ ومعدةٌ خَالية وشِفاه يَابسةٌ مُشقّقةٌ ولكنّكَ تُغذيها بالذكرِ والقرآنِ وَتبللُ شفاهَك بالتَهليلِ والتكبيرِ لِتَحيا الروحُ من جديدٍ فما نفعُ الحياةِ إن كَان القلبُ ميتاً ؛ فرمضان يروي القلبَ النائمَ لِيمحي له شوائبَ الدنيا ومَا فِيها ويُعيده أبيضَاً نقياً كـأَول يومٍ وُلدَ فيه ...!





فَهوَ ضيف يَشحذُ هِمم العبَّاد بشعائر تعبديّةٍ تُقوي إِيمانهم ، وتَرفَع دَرجاتهم ، وتَسمو أرواحهم بالخَشيةِ من الله ويورثُ مَلكةَ الحُبّ والعِشقَ للَّه وحده ..!





وفِي لَيلهِ تربيةٌ للجسدِ والقلبِ معاً صلةٌ بين العبدِ وربه، علاقة صدقٍ في زَاويةِ الغرفةِ المنعزلة حَيث يتسللُ نور الله إلى  جسدَ العَابدِ الصادق فَتُصيبه قَشعَريرةَ الروح المُتعطشة للمُناجاة الآلهية ..





حيث الله وثُمَّ الروح وَاللاوجود، فبتلكَ اللحظة تعرف من أنت وإلى أين أنت ومن الذي سواك أنت ...





فأتركْ مَلذات جسدكَ واسمُ بروحكَ التي عند فنائك تصعدُ لسماء خالقها والروح سماويّة عُلويّة ، والجَسدُ أرضى يُدفن بحفنةِ ترابٍ ، فَعِند مَوت الإنسان كُلٌّ يَتوجّهُ لأصله فالروح إلى السماء ، والجسد إلى الأرض، وأنت تختار داركَ إمّا الثرى وإمّا الثريا ... ! فَيا صَاحبي هَيا





'- أغمض عَينيك بِسكونِ الليــــل
ورددّ يَا عَــــاشقَ الخَلوة اللــــــــهُ
'- ستعرفُ مَنْ أنتْ ومنْ كـــــــــوّنَ
الروحَ التي نَسيتَها سِــــــــــــــــــواهُ

'- هُو الذي خَلقَ الجسدَ صــاحبَ
الشهواتِ والمَلذاتِ حَتى تَخشاهُ
'- أغمضْ عينيكَ وقُلْ يا ربّ عبدٌ
على بابكَ تائبٌ لن يَردكَ حَاشــــاهُ

'- هوَ مَلاذُ التائهين ودليلُ العَاشقين
يا ذاكراً رددّ فمن يجلي الروح إلـــاَهُ
'- يا قلبُ دع سباتَ نومكَ جانباً وقـُمْ
ليلاً تَجَلِياتِ الله بِه وَمَلائكته مَعــــاهُ

'- يَا قلبُ اذكر واغتنم لَيالِ الـــــعِتق
فَمنْ يَعْتق الأنفسَ مِنَ النّارِ إيّــــــــاهُ
'- لَيلة القدرِ بينَ الأيامِ تجري بِهــــــا
عفوٌ فرددّ يا طالب العَفو دعـــــــــــاءَ


المُصطفى فمنْ يُردّ للروحِ حياتهـــــا
ومن يَعفو عن الخَطايا بالدنيا سواهُ
'- فنامَ جسدُ العابدِ والروحُ مُحلقــــةٌ
فِي سَماءِ خَالِقها تُرددّ اللهُ اللهُ اللـــهُ





زهراء الخليل


إرسال تعليق

0 تعليقات