ثلاثة، تسعة؛ بل أكثر، لوحاتٌ ورقيةٌ بيضاء كصفاء قلبها تزدان بها حجرتها، كالحديقة الغنَّاء بالأشجار الباسقة، والأزهار الملونة قد فاح عبيرها في أرجاء كوكبها، رُسمت بأنامل ذهبية، رقيقة غضة، نسجتها بالنجوم فكانت كالنور الذي أضاء حياتها، وروتها بالحب.
ألعابٌ مهمشةٌ في أحد أركان الحجرة الصغيرة مليئة بشقوق، وكأنها وجه مرآةٍ بدأت تظهر عليها خطوط الزمن المؤلمة كناقوس خطرٍ على شبابها، ألوان مبعثرة غادرت علبتها المستهلكة، لتستقر فوق وريقات صبغت منها، وضوء خافت يعمُّ المكان.
(حلم) ذات الست أعوام بغمّازاتها وشعرها الأسود المتعرج وبريق عينيها الخضراوين،
فتاةٌ تتلعثم خطواتها قبل كلماتها، وكلامٌ يداعب مخيلاتها، فينساب جدول من ذكرياتها فيصب في محيط وجدانها، لحظة وداعها لوالدها، الذي وُلد حبه معها، والتصق حنانه بقلبها، وتلقيها هديةً ثمينةً من قدوتها في هذه الحياة مكافأةً على رسمها الجميل، أسعدت كثيرًا وانتابها شيء من الخوف حينما سألته: متى اللقاء يا أبي؟ فظهر على ملامحه الدافئة الحيرة والتردد فتوحش ابنته، ثم أشار بيده إلى الجدار قائلاً: حينما تزينين جدار حجرتك.
كما القلب الأخضر بدأت بتجميع حجراتِه قطعة ، لترجع الحياة إليه ثانياً، وترسله إلى والدها، حاولت حلم مسابقة الزمن لتزين وسط الجدار باللوحة الأخيرة بمشهدٍ مقدسٍ من قدسية الروابط الأسرية. توالت لوحات حلم لوحة كما الحب الصادق لا يكسره الملل، وزخرفتها بمحبة ورقة، ويوم بعد يوم انتظمت كعقد من اللؤلؤ تزين بها الجدار، فكادت من الفرحة تطير لاقتراب فرحة، فلم يبقَ إلا لوحة واحدة عصي فيها اللون الأخضر عن الظهور، حين انسكبت انهار الدمع من مقلتيها، فتراكمت غيوم اليأس، وأذبلت اكليل الأمل في قلبها، وانتابها وجع من نوع آخر، ممزوج بالحزن، بالذكريات العالقة.
ولأنَّ اللوحة نصف آخر من قلبها وللعالم نصف مختلف؛ واصلت بحثها عن اللون الأخضر لتكمل لوحتها، فجاءت عيناها على ستارة حجرتها، بفراشة خضراء حجمها مشابه لحجم ورقة شجرة الزيتون، تتأرجح في خيطٍ من خيوطها ستارة بالية، رسمت ابتسامتها على وجنتيها الكرزيتين، وأحست حينها بأنها دعوة صالحة من أمها لإكمال لوحتها، فقد رأت حُلْم في عيني والدتها الكمال وفي ابتسامتها الامل وفي حضنها الدفء والحنان وفي ظلها كبرت الأحلام.
فماذا تفعلين يا حلم؟ وإلى أين تتجهين؟ وماذا تظنين أنكِ فاعلة؟ بدأت حلم تلعب بأطراف فستانها على استحياء، واضعةً إصبعها في فمها، مُطرقةً في التفكير، ماذا لو استعارت اللون الاخضر من الفراشة؟ ماذا لو عقدت صفقة مع الفراشة حتى تُكمل لوحتها وتعوضها بلونٍ آخر؟ حاولت جاهدةً وبكل ما أوتيت من قوة في الاقتراب من الفراشة، ولأكثر من ساعتين وبعد عدة محاولاتٍ خارت قواها لأنها كانت كالنجمة اللامعة في سماء غرفتها، محلقةً تبحث عن مكانٍ مضيء، ترتفع وتهبط، شعرتْ بكثيرٍ من اليأس كنصيب الحلم من اسمها، وقليل من الأمل بعدد سنين عمرها!!
آه يا حلم هي محاولة أخيرة تحلقين فيها إلى النجوم، وبخفةٍ روحها قفزت عاليًا، ثم ما مكثت طويلا لتنهار وتخر علبة الألوان أرضا!!برقت عيناها بالدموع!! يا اللهي كما استجبت لقلب أمي، فبمحبة أبي آتني سؤالي، فلم تكد تكمل دعاءها حتى جاءت أمنيتها ملباة بتحليق الفراشة مطولا فوق علبة الألوان المنسكبة، لتقع عيناها على حلمها الأخضر بامتزاج قدري للألوان، فشعرت بقوةٍ وانتصار يجتاحها كأنها أشعلت فتيل حلمها بأعواد الثقاب، فأخذت أناملها تتراقص كالفراشة على لوحتها مطرزة قميص والدها الأخضر يوم وداعها، وعيناها تشع شوقًا وفخرا بتمام بدرها واكتمال حلمها.
وبصوت كاد يشق السماء من فرحته نادت حلم: أمي أمي قد اكتمل جداري، وأكتمل حلمي، أين أبي؟ثلاثة، تسعة، بل أكثر… لوحات ورقية بيضاء كصفاء قلبها تزدان بها حجرتها كالحديقة الغناء بالاشجار الباسقة والازهار الملونة قد فاح عبيرها في ارجاء كوكبها، رسمت بأنامل ذهبية. رقيقة. غضة. نسجتها بالنجوم فكات كالنور الذي أضاء حياتها، وروتها بالحب.
ألعاب مهمشة في أحد أركان الحجرة صغيرة مليئة بشقوق، وكانها وجه مرأة بدت تظهر عليها خطوط الزمن المؤلمة كناقوس خطر على شبابها، ألوان مبعثرة غادرت علبتها المستهلكة، لتستقر فوق وريقات صبغت منها، وضوء خافت يعم المكان.
حلم ذات الست اعوام بغمازاتها وشعرها الاسود المتعرج وبريق عينيها الخضراوين…
فتاة تتلعثم خطواتها قبل كلماتها، وكلام يداعب مخيلاتها، فينساب جدول من ذكرياتها فيصب في محيط وجدانها، لحظة وداعها لوالدها، الذي ولد حبه معها والتصق حنانه بقلبها وتلقيها هدية ثمينة من قدوتها في هذه الحياة مكافأة على رسمها الجميل، اسعدت كثيرا وانتابها شيء من الخوف حينما سألته: متى اللقاء يا أبي؟ فظهر على ملامحه الدافئة الحيرة والتردد فتوحش ابنته، ثم اشار بيده إلى الجدار قائلاً: حينما تزينين جدار حجرتك.
كما القلب الاخضر بدأت بتجميع حجراتِه قطعة قطعة، لترجع الحياة إليه ثانياً، وترسله الى والدها، حاولت حلم مسابقة الزمن لتزين وسط الجدار باللوحة الاخيرة بمشهد مقدس من قدسية الروابط الاسرية، توالت لوحات حلم لوحة كما الحب الصادق لا يكسره الملل، وزخرفتها بمحبة ورقة، ويوم بعد يوم انتظمت كعقد من اللؤلؤ تزين بها الجدار، فكادت من الفرحة تطير لاقتراب فرحة، فلم يبقى الا لوحة واحدة عصي فيها اللون الاخضر عن الظهور، حين انسكبت انهار الدمعمن مقلتيها، فتراكمت غيوم اليأس، واذبلت اكليل الامل في قلبها، وانتابها وجع من نوع آخر، ممزوج بالحزن…بالذكريات العالقة.
ولأن اللوحة نصف آخر من قلبها وللعالم نصف مختلف؛ واصلت بحثها عن اللون الأخضر لتكمل لوحتها، فجاءت عيناها على ستارةٍ حجرتها، واءا بفراشة خضراء حجمها مشابه لحجم ورقة شجرة الزيتون، تتأرجح في خيطٍ من خيوطها ستارة بالية، رسمت ابتسامتها على وجنتيها الكرزيتين، وأحست حينها بأنها دعوة صالحة من أمها لإكمال لوحتها، فقد رأت حُلْم في عيني والدتها الكمال وفي ابتسامتها الأمل، وفي حضنها الدفء والحنان وفي ظلها كبرت الاحلام.
فماذا تفعلين يا حلم؟ وإلى اين تتجهين؟ وماذا تظنين انك فاعلة؟ بدأت حلم تلعب بأطراف فستانها على استحياء، واضعة إصبعها في فمها، مطرقة في التفكير، ماذا لو استعارت اللون الأخضر من الفراشة؟ ماذا لو عقدت صفقة مع الفراشة حتى تكمل لوحتها وتعوضها بلونٍ آخر؟ حاولت جاهدة وبكل ما أوتيت من قوة في الاقتراب من الفراشة، ولأكثر من ساعتين وبعد عدة محاولات خارت قواها لأنها كانت كالنجمة اللامعة في سماء غرفتها، محلقة تبحث عن مكان مضيء، ترتفع وتهبط، شعرت بكثير من اليأس كنصيب الحلم من اسمها، وقليل من الأمل بعدد سنين عمرها!
آه يا حلم!! هي محاولة أخيرة تحلقين فيها إلى النجوم، وبخفة روحها قفزت عاليًا ثم ما مكثت طويلا لتنهار وتخر علبة الألوان أرضا. برقت عيناها بالدموع، يا اللهي كما استجبت لقلب أمي، فبمحبة أبي آتني سؤالي، فلم تكد تكمل دعاءها حتى جاءت أمنيتها ملباة بتحليق الفراشة مطولا فوق علبة الألوان المنسكبة، لتقع عيناها على حلمها الأخضر بامتزاج قدري للألوان، فشعرت بقوةٍ وانتصارٍ يجتاحها كأنها أشعلت فتيل حلمها بأعواد الثقاب، فأخذت أناملها تتراقص كالفراشة على لوحتها مطرزة قميص والدها الأخضر يوم وداعها، وعيناها تشع شوقًا وفخرًا بتمام بدرها، واكتمال حلمها.
وبصوتٍ كاد يشقُّ السماء من فرحته نادت حلم: أمي امي قد اكتمل جداري، واكتمل حلمي، أين أبي؟
راما حسين

0 تعليقات