الارتقاء | راما قصاص




(رأيي الصَّوَاب يَحْتَمِلُ الْخَطَأَ، ورأي غَيْرِي خَطَأٌ يَحْتَمِلُ الصواب)


احْتِرَام الْآخَرُ هُوَ أَمْرٌ وَاجِبٌ عَلَيْنَا،
فَأَنَا حِين أطْرَح فِكْرَةً أَوْ مَوْضُوعًا لِلنِّقَاش فَلَا بُدَّ مِنْ اسْتِمَاعِي إلَى وجِهَات نَظَر الآخَرِينَ؛ حَتَّى وَإِنْ خَالَفَتْ رَأْيِي ومعتقداتي،
رُبَّمَا يَكُونُونَ هُمْ عَلَى صَوابٍ،
أَوْ رُبَّمَا رَأْيِي هُوَ الصَّوَابُ.
ولمعرفت ذَلِكَ عَلَيْنَا بِالْبَحْث وَالتَّحْلِيل والاستنتاج.
مَعْرِفَة شَخْصِيَّة الْآخَرِ الَّذِي خَالَفَنَا فِي الْفِكْرِ،
مَعْرِفَة معتقداته وثقافته الَّتِي جَعَلَتْه يُبْدِي هَذَا الرّأْيُ،
وَلَا تَظُنُّ أَنّ اخْتِلَافَ وِجْهَاتِ النَّظَرِ فِي قَضِيَّةٍ مُعَيَّنَة هُوَ أَمْرٌ سَلْبِيٍّ؛
بَلْ هِيَ حَالَةُ إيجَابِيَّة تَدَّعِي إلَى النضوج بِالْفِكْر وَالرُّقِيِّ فِي الْأُسْلُوب وَالْخِطَاب،
كَمَا أَنَّهَا تَدَّعِي إلَى ثَقَافَةٌ الحِوَار الَّتِي فَقَدَتْ فِي هَذَا الزَّمَنِ العصيب،
كَمَا أَنَّ الْمَرْءَ يَسْتَفِيدُ مِنْ آراءِ الْأَشْخَاصُ الَّذِينَ خَاضُوا الحِوَارَ مَعَهُ فَيَكْتَسِبَ مِنْ معارفهم وخبراتهم،
وَيَكُون فَكَرِة شَامِلَةٌ، وَرُؤْيَة وَاضِحَةٌ لِلْقَضِيَّة الَّتِي كَانَ يَنْظُرُ لَهَا مِنْ مَنْظُورٌ وَاحِد، وَبَعْدَ أَنْ اسْتَمَعَ إلَى آرَاءِ غَيْرِه أَصْبَحْت الرُّؤْيَة مُلْتَفَّةٍ حَوْلَ القَضِيَّةِ مِنْ جَمِيعِ الاتِّجَاهَات،
الْأَمْرُ الَّذِي يُجْعَلُ فَكَرِه أَدَقّ وَأَشْمَل، وَقَد يَكْسِبُه الْحِكْمَة أَيْضًا.
هَذِه حَمْلُة لِلارْتقَاء بِالْفِكْر قَبْل الْجَسَد،
فَنَحْن نتخاطب بِالْعُقُولِ الَّتِي أَجَلَّهَا اللَّهُ وَأَعْلَى مَنْزِلَتهَا؛
لِذَلِكَ لَا تَأْتِ أَنْت أَيُّهَا الْإِنْسَانُ الَّذِي كُرَّمْتَ بِهَذِه النِّعْمَةِ عَنْ سَائِرِ الْخَلْقِ،
وتفسدها وَتُقَلِّل مِنْ شَأْنِهَا بتعصبك لِرَأْيِك وَالتَّمَسُّكِ بِهِ،
وَكَمَا قَالَ الدكتور أَحْمَد لُطْفِيّ السيد: "اختلاف الرَّأْيِ لَا يُفْسُدُ لِلْوُدّ قَضِيَّة "
الِاخْتِلَاف مَوْجُودٌ فِي كُلِّ مَكَانٍ وَزَمَانٍ،
وَالِاخْتِلَاف رَحِمَة لِذَلِك دَعَوْنَا لَا نَجْعَلُهُ عُتُوًا وَظَلَمًا وَعَذَابًا وَقَسْوَةً وَسَخَطًا!
اسْتَمَع لِأَخِيك الْمُسْلِم وَتَقَبَّل رَأْيَهُ وَإن خَالَفَك
لَا تَتَمَسَّك بِرَأْيِك لِمُجَرَّد أنَّك مَنْ طَرَح الفِكْرَة،
لَا تَجْعَلْ رَأْيِك ديكتاتوريا؛
بَلْ كُنْ سَلِسَلًا فِي الْمُعَامَلَةِ وَلَينًا فِي الْأُسْلُوب،
حَبِّب الْأَشْخَاص فِي أفكارك، وَلَا تُنفرهم بإسلوبكَ.
حَقًّا دَعَوْنَا نرتقي


راما قصاص


إرسال تعليق

0 تعليقات