ولدتُ في أحضانك مـدينة السَّلامِ بغداد حيثُ الورد الجوريّ واکد وآشُـور وبابل وسـومَر وكفَّتيّ دجلة والفُرات يرويانها في أعَظمِ بلدٍ العراق ، حيثُ الحُـبُّ مخـلُوطٌ بدِماءِ الشُّہداء ، والأحلام العُذِريَّة والحقوق المنسيَّة ، الآهات العميقة والوعود العقيمة والحکايَا العتيقة في وطنٍ الحُبُّ رايتُهُ وِالكرمُ وِالعِزُّ رداؤه ، "نُور" اسمٌ عَلَى مـسمًّى كَمَـا يُقَالُ لَها ، تُشِـعُّ ضيَاءً وأمَلاً لِمَنْ حولہا ، وتمسحُ الحزنَ مِنْ ثغرِ الرُّوحِ أيَّاً کانَ طِفلاً أو مُسِـنًّا ، أو باسمها المُركَّب "نورُ الهُدى" إنَّها تهدِي إلى الحُبِّ والحياةِ كلّ مَنْ ظلَّ الطَّريق ، کمَا يَصِفُوها أنَّها الملَاک ولکنَّها تقُولُ مبالغة نيَّاتها طيبتها الزَّائدة ، وعطاؤها للمَحبَّةِ هو ما أذاها ولا زالَ منذُ الطّفولة ، إنَّها ابنةُ يناير وقصيدته ثمانية عشر ربيعاً وأشهر.
تسکنُ الآنَ في الجنوبِ مـن العراقِ حيثُ تُسـمَّـى المـدنُ هُناكَ "بالفُرَات الأوسط" تحدِيداً في مدِينةِ الدِّيوانيَّة أو القادِسيَّة.
إنَّها هشَّةُ الرُّوحِ ، رقيقةٌ کالزَّنبق ، حسَّاسةٌ کضوءِ الشَّمسِ ، دقيقةٌ کحِبرٍ عربيٍّ ، صُوفيَّةٌ وعاشِقةٌ لِجلال الدِّين الرُّوميّ ، الحلّاج ، التَّبريزيّ ، ابن عربيّ ، وکُل شيءٍ يَتعلَّقُ بالصُّوفيَّة والتَّصوُّف ، جبرانِيَّةُ الهَوَى ، عَيناها عسَلِيِّةُ اللَّونِ مُمتزِجةٌ بالأخضـر حينَ تسـطعُ فيهما الشَّمس ، کجـمالِ بغداد و وجهُها کنخيلِ العراق مُورِقٌ رونقٌ ويُؤرِّقُ کلّ مَنْ إليهِ نظَرَ ، شعرُها البُنيّ الَّذي أخـذَ لونَهُ من الحِنَّاءِ ، هيَ السَّکيَنةُ والمسکنُ والسَّكَنُ في خدَّيها ، كل مَنْ رآها سُحِرَ بطلاسِمِها کأنَّها تعويذةٌ خِالِدةٌ ، كل مَنْ إلتقاها ودَّ ودادَ وُدٍّ عذريٍّ ، کالفرقد في ثوبِ اللَّيل ، کالشَّاي إنْ أضفْتَ لَهُ الهيل ، کالماء إن وضعْتَ فِيهِ الورد ، کشِعلةِ النَّارِ في أشدِّ بردٍ ، تارةٌ تقومُ بالتَّـطريزِ ، وتارةٌ بالرَّسم التَّشكيليّ أو تصميمِ الفساتين.
تتدرَّبُ دوماً على فنونِ الخطِّ العربيّ وأنواعه ، لَها صوتٌ عذبٌ مثل النسيم الفجرِ تُتقِنُ اللَّغةَ الفارسيَّة والإنكليزيَّة والتُّركيَّة ، شدَّةُ حبِّها للُّغاتِ جعلَهَا تتعلَّمُ دونَ أيِّ عناءٍ
بدأَتْ بطفولَةٍ قاسيةٍ نوعاً ما وفي عمرِ التَّاسِعة أُصِـيبَتْ بمرضٍ لا علاجَ لهُ في يدَيها ، وهذا المرضُ يُصِيبُ واحداً بالمئة فقط من سكَّانِ العالم ولكنَّها في نفسِ العامِ بدأَتْ تكتب الشِّعرَ وٌأيقنَتْ أنَّها هبة الله أخذَ وأعطى.
صدَرَ لَها کتابٌ مشتركٌ بعنوان "أشياءٌ قبلَ عامَين" وکتبَتْ في عدَّةِ صُحُفٍ ومجلَّاتِ عراقيَّة ومشارکاتٍ إلكترونيَّة أُخرى.
رُغم ما عاشَتْهُ وما زالتْ تعيشَهُ من قيودٍ وظُروف وطريقةُ حياةٍ لا تُنَاسِبُ روحها ولا شخصها إلَّا أنَّها تكافح لتكمل لَوحة أحلامها وطموحاتها بالألوان ، أمَّا المهنة الَّتِي تحلمُ بها ، هي أنْ تکون طبيبةُ أسنانٍ أو طبيبةٌ نفسيَّةٌ أو فيزيائيَّة ، وبنظرِها كل شيءٍ لا يعني شيئاً ، إلَّا الرُّوح فيها وبها كل شيءٍ إنَّها علَى يقينٍ أنَّ علاجَ الأرواحِ والقلوبِ أهمُّ شيءٍ في هـذه الحياة
إنَّهـا تُـؤذَى ولا تُـؤذِي ، تُـغنِّي باسـمِ المحبَّةِ والحُرِّيَّةِ و لا تهذي بالإنسانيَّة والسَّلام ، تقولُ وتـنوي ، بروحِها النَّقيَّة تنبتُ ريحاناً وياساً كل شـيءٍ تُشفي ، هي منيَّةُ المُتمنِّي ، هي لَحنُ المُغنِّي ، هي النَّاي والمُتأنِّي ، هي الألمُ والتَّأنِّي ، هي الحرفُ المَنسيّ ، هي النُّورُ الأُنسيّ ، هي التَّاريخُ القمريّ والشَّمسيّ ، في كل دارٍ مُؤنسيّ ، هي الذِّکريات والنَّسِيّ ، هي الحرزُ والتَّميمةُ ، هي ترتيلُ الكنيسة ، هي الصَّلَواتُ النَّفيسة.
هي ابنةُ بغداد ، وأبوها العراق كل الدِّماءِ لَهُ فداءً تُراقُ ، ما لِحُبِّه مِن دواءٍ ولا ترياق ، لكن كأنَّ بينهُ وبينَ السَّلامِ والأمنِ عقدُ فراقُ.
نور الهدى حازم الحساني

2 تعليقات
اولاً تحيه كبيرة للعراق وشعبها العظيم
ردحذفثانياً حبيت كل كلمه كتبتيها بس كان بدها شغل اكتر وضيفيني كتير معلومات عن العراق لانها معروفه بالتاريخ العريق وانا شخصيًا من محبين العراق وجداً يعطيك العافية نور .. دمتِ بكل ود
عزيزتي شكراً لكِ من أعماق فؤادي💙💙أما بالنسبة عن العراق المقال يتحدث عن السيرة الذاتية الشخصية وليش عن العراق حين أتكلمُ عن العراق سأفي حقهُ حتى يتورد خديكِ حين تقرأين عنهُ سعيدةٌ أنك تقرأين لي❤️❤️🕊️🕊️.
ردحذف