رفيق الانتظار | كفا الرفاعي


لمْ نعتَرِف أنَّ الحُزنَ بٍداخِلِنا تَجَوَّفَ، وأَصبَحَ كالبئرِ بلا ماءٍ عَميق، لا أَحدَ يمْكنُه أَن يُخلّصَنا منه، كَوَصْمة ألمٍ تَعيشُ معنا، لرُبمّا أَصبَحتْ تأكُلُنا وتَفتِكُنا، تبحثُ عن لَحْظةٍ كي تَنفجر كَبُركانٍ خامِد مُنذُ سنواتٍ طِوالٍ وتسيل اللابَة على وجنَتينَا مُعلنَةً انفِجاراً دامياً..

لقَد انفَطرَ قلبي، وروحي أَصبَحت هشّة، كهشاشةِ ورق الشّجر المُصفَر، حَزينةٌ كَطِفلٍ يتيم ، والجَوى يَسكنُ فُؤادي ويَعبثُ في صَبوةِ أيامي، أصبحتُ أنتظرُ حبيبًا لا يأتي، انتظرُ صديقًا لا يخون، وأنتظرُ سنداً لا يعوَج عودي بعْدهُ، ولكنّ الانتظارَ فارغٌ والوقتَ غيرُ معلوم…

لقد تَعبتُ وتَعبَ التّعَبُ من تعبي، تَعِبتُ من كَثرة الانتِظارِ المُمِل، هلَكتُ من دربٍ مجهول وعمرٍ بلا سائلٍ ولا مَسؤول، مللْتُ الحُبَّ المُخيف والمشاعر المزيّفة، كَرهتُ روحي ودُنيايْ، فهَل من مُنجي وهَل مِن شخصٍ ينتشِلُني منْ هذه الهاوية..

شَخصٌ يحبُّني بكلِّ ما فيّ، بكلِّ عُيوبي وميّزاتي، وكُل كليّ، فمن لا يكلُّني ولا يملّني؟؟ ..
شَخصٌ لا يَهْجرُ روحي القاحِلة، التي أَعياها المُهاجرون ،أَعياها المُسافِرون ،أعيّاها التّعب…

أيُّها الغريبُ المُنتظر..
أيُّها الحُبُّ المُستمرُّ في قلبي، والأَملُ الّذي لا يضْمَحِلُّ بل يزدادُ يومًا بَعد يومٍ، يا رفيقيَ الأعذَب وسندي الأصْلب، وروحي الأُخرى، يا كياني ووُجودي ووَجدِي وصُمودي، وقَراري وقرارَتي وقُرّة عيني، بربّك اقترب فالقلب مال إلى يثرب، روحي تهفو إلى لقياك..

فهل لي أن أَراك..


كفا عبد الله الرفاعي


إرسال تعليق

0 تعليقات