موتى الحياة وساكنيها | بلال قطان




يا غُربة الروحِ عن الوطن كم وحشةٌ
انغرسَ خنجرُ الشوقُ بين ضلعي ودمي

الجسدُ هنا وروحي في أرضي مقيمةٌ
حيثُ انتمائي رفرفةُ ياسميني وعلمي

(نور الهدى حازم)

نحن موتى الحياة وساكِنيها
نحن أبناء فوضى البلاد ووامقيها
نحن عشاق التراب وتفاصيل الأماكن
نحن أسرى الليل والسواد الداكن
رغم كل الأسى وسوء المواقف
إلا أن وطننا يملك المقام الأعلى وأرقى المشاعر، حتى ولو بهت الحُلي وأسدلت ستارة الزمن الجميل
إلا أن هذا لم ينقص من عشقه شيئاً لأننا عشاق ريح الوطن ولسنا عشاق المظاهر ،فالغربة سُماً يسقونه لك دواء ينهش منك في البطيء فلا مائهم مائنا ولا الهواء هوائنا ولا الملامح تشبهنا ولا الأرض تحملنا ، تماماً كالصقيع بالروح يتملكك طوال فترة هجرتك ،فكل من ظن بأنه قادراً على العيش مجرداً من مشاعره تجاه وطنه مخطئ فالفؤاد يختار مكان إقامته ولا يسمح بتغيره قط
فكم تمنيت من غربتي أن تكون علا لي وكانت عللي أرتدها عملي وأرادت عمى لي ،وكل ما حاولت التأقلم فيها تقابلني بصد وصراعاً وصداع
فلا يغني عن الشهباء بديلاً حتى لوفاق الجمال جمالاً فنحن أحجار القلعة الأصيلة لا نستبدل الخام بالمصطنع
أقتطف اليوم من الأبجدية حروفاً لأؤنس بها وجعي لعلي أسافر في مخيلتي إليها فأراها بزهوة الماضي لأنني لم أعد أقوى على رؤية ما حصل بعد الفراق فكلانا من الداخل مهدم ، شعور الغربة صعباً فعلاً تماماً مثل حارس المقبرة كل من حوليه موتى وهو الوحيد الحي
لكن الذي يكسر القلب أكثر أن تكون في الوطن غريباً فهذا يشبه الموت بعيداً عن المقابر
ضحايا الزمن يا عمري
بغايا الأفق في القممِ
ثنايا الجمر سرناها
نقايا الروح جئناها
رمايا الحرب خفناها
فمتنا بشظايا الشوق للوطنِ.


إرسال تعليق

0 تعليقات