الجمعة ٢١ . ٨ . ٢٠٢٠
٠٢:٣٤ صباحاً
أخي العزيز :
أبعث لك رجائي في كلّ حرفٍ من رسالتي بأن
نرمي هذا الدّرب وراءنا ، ونخلق طريقًا للعودة .
طريقًا لا يشبه الّذي قطعناه طويلًا ،
ولا الّذي كنّا سنقطعه .
طريقًا ﻻ يشبه المتاهة الخبيثة ،
ذات المنافذ المغلقة والمسارات المتشابهة .
طريقًا يشبه الطّريق ولو قليلًا ، محفوفًا بالسّلام .
طريقًا تشرق فيه الشّمس ويبان فيه القمر .
طريقًا أقلّ سوءًا ورعبًا نستطيع أن نغمض فيه أجفاننا .
دعنا نركض بعيدًا عن هذه النّهاية المشؤومة
الّتي تلوِّح لنا من بعيد بالوعيد ،
لحظتها صدّقني لن أنظر للوراء أبدًا ،
سأجمع أطرافي وأحزم أحلامي ، وأركض فقط
أجل ؛ لنهرب للبداية ...
لنعود أدراجنا ، نجمع معًا آمالنا .
ثم نعيد رحلتنا ونتّخذ المسار المعاكس تمامًا
للّذي اتّخذناه مسبقًا .
أعدك أنّني سآخذ مدّخراتٍ إضافيّةً لمصباحينا
أنّني سألُفّ المزيد من الحبال ،
وأجلب المزيد من المؤن .
أعدك أنّني لن أدعنا نتوه مجدّدًا ،
أنّني سأحاول شراء بوصلةٍ
وأرسم الخريطة على ذراعَيّ حتّى عنقي ووجهي .
دعنا نعود فقط ، ولسوف أحمل المتاع كلّه .
لن أدع الأمر لك جلّه .
لن أتذمّر مجدّدًا .
لن أخاف بعد الآن .
لن أتراجع في الظّﻻم .
لن ولن ولن ولكن دعنا فقط نعود ولنلعن
الأسهم الّتي اتّبعناها ، الّتي أوصلتنا إلى هذه
المتاهة الّلامتناهية .
دعنا نثقب الدّائرة العملاقة العالقةَ أكمامَنا بمركزها ، لنبسطها وندعها خطًّا مستقيمًا للسّماء ،
ونلملم شظايانا القديمة .. فأحيكها أجنحةً لكلينا .
دعنا لا نيأس لا نبأس لا نتحسّر لا نتذمّر
لا ولا ولا ولنميل للأعلى للمولى
لن نتوه بعدها لا لن نتوه .
فنجلس بخفّةٍ على الغيوم
لن تقع مرّةً أخرى لا لن نقع
ونجمع النجوم ..
نجمعها في خيطِ عمرنا حبّةً فأختها كقلادةٍ من الياقوت ،
واسطتها جوهرة القمر ..
ونرمي بها للبحر كي تتسلّق الأسماك ويصعد الحوت ،
(هل أخبرتك كم أحبّ الحوت؟)
ولن نخالط البشر لا لن نخالط البشر .
دعنا نتفادى البشر ونتوارى عن النّظر كنسمةٍ كهمسةٍ .
نأتي خِفاف نُحيي الجفاف كالسّحب كالحبّ نُقبِّل نُجمِّل .
دعنا نتّخذ طريق الّلطف ولن يجرفنا إثرها الجرف ،
فنتجاوز .. فوق الحفر نتقافز .
نسرح نمرح ننهض نركض نركد نقعد
نُطلِق ساقَينا للرّياح
على أطرافنا نبَت جناح .
دعنا نَلوح نُلوِّح نَروح بالسرّ لا نبوح .
دعنا نسير بين البشر نتخطّى البشر نُعين البشر
نبتعد بعدها عن البشر .
نحزم بعض البسمات بعض الكلمات بعض الدّعوات ،
نلفّ الأعشاب حول القروح نجدل الورد على الجروح .
ونلوذ من جُلّ البشر .
دعنا عزيزي نعود
على عكّازٍ على عُنق عود على غصن الورود .
فَرْد الطّريق دعنا نعيد
ونسير حسب ما طوينا من جديد .
صوب البداية نخلق نهاية مهما بدا المدى بعيد .
دعنا نمزّق الدّرب القديم
ننفض أشلاءه إلى الجحيم .
أنْ ألْفَ طريقٍ وطريقٍ لدينا مع ازدياد ..
بِعدد قصص ألْفَ ليلة وليلة للشهرزاد .
دعنا نعود ونجمع الخراب
نبني قلاعًا نغلق أبوابًا في أبواب .
دعنا نقصد أرض العجائب حيث غرابة الأرانب ،
دعنا نكذب ونضحك لكذبنا وأنفنا إلى الأمام يسبقنا .
دعنا نصعد نبتة الفاصولياء صوب السماء .
دعنا نبتسم للخيال .. (ونلاوق) الواقع باختلال .
دعنا ندور ونعود ،
أدعوك أن دعنا نعود وسأوفي لك بالوعود .
لا زلتُ أقوم بدعائك وإن أبيتَ فإنّي سأأبى إباءَك
فالقرار أصلًا لي منذ البداية
وسنعود أي سنعود إلى خطِّ البداية
سنسير ... إلى الأوّل من الأخير .
أختك وقد حزمَت أمتعتها فعلًا : شمْس
# شمْس بَشبَش

0 تعليقات