الصحة النفسية | مياس عرفة




الصّحة النفسية "تعريفها، آثارها، وعلاقة جائحة كورونا بها

لأنّ الصّحة النفسيّة جزءٌ لا يتجزَّأ من الصّحة العامّة، فقد نصَّ دستور الصحة العالميّة على أنّ:
"الصحة : هي حالةٌ من اكتمال السلامة، بدنيًًّّا وعقليًًّّا واجتماعيًًّّا، لا مجرّدَ انعدامِ المرض أو العجز"
فهي مجموعة من الإجراءات والتدابير التي يتبعُها الأفراد في المحافظةِ على صحّتهم النفسيّة، ومحاولة إيجاد الحلول المناسبة للمشكلات التي تواجههم، ومدى قدرتهم على التعامل مع البيئة المحيطة بهم، والتّفكير بعقلانيّة، بعيدًا عن الانفعالات التي تحدُث؛ نتيجة التأثّر بالعوامل التي تدفع للغضب أو القلق.
وتُعرَف الصحّة النفسيّة أيضًا بأنّها حالةٌ يمكن فيها للفرد تكريسَ قدراته الخاصّة، والتكيّف مع أنواع الإجهاد والعمل بِتفانٍ وفعاليّة، والإسهام في المجتمع، ونظرًا لِكونها من الأمور الأساسية لتوطيد قدرتِنا الجماعيّة والفرديّة على التفكير والتأثّر والتفاعل مع بعضنا البعض كبشر والتمتع بالحياة، لا بدَّ من تعزيزها وحمايتها وجعلها شاغِلًا حيويًا للأفراد والجماعات والمجتمعات في جميع أنحاء العالم.
هناك عوامل اجتماعيّة ونفسيّة وبيولوجيّة متعدّدة تحدّد مستوى صحة الفرد النفسيّة في مرحلة ما، ويُعدّ استحكام الضغوط الاجتماعيّة والاقتصادية من المخاطر التي تحدق بالصحة النفسية للأفراد والمجتمعات المحليّة، حيث يعتبر الفقر وانخفاض مستوى التعليم من أهم العوامل المسببة للاضطرابات النفسية، لذا فمن المهم جدًّاً العمل على تعزيز الصحة النفسية التي تعتمد على اتخاذ إجراءات تسعى إلى تهيئة ظروف العيش والبيئات المناسبة لدعم الصحة النفسية، وتمكين الناس من اعتماد أنماط حياة صحية والحفاظ عليها.
كما وينبغي الاعتراف بالقضايا الواسعة النطاق كالحقوق التي يجب أن يحصل عليها كل فرد مثل الأمن والحرية والتعليم والعمل والعدالة والإسكان والعيش بسلام، وغيرها من الأمور المتعلقة بالصحة النفسية والعمل على معالجتها.
هناك بعض المفاهيم التي تعتمد عليها الصحة النفسية "كالشخصية" التي تعد المُكوِن الرئيسي للإنسان، وترتبط بشكل وثيق مع طبيعة الاستجابة للظواهر المؤثرة وكيفية توجيهها، و"الإحباط" الذي يعتبر حالة نفسية تؤثر على الإنسان عندما يجد صعوبات أو عقبات أثناء القيام بمهامه، و"القلق" حالةٌ انفعالية تؤثر على الإنسان بسبب انتظار حدوث شيء أو الخوف من شيء، وأخيرا "العِدائية" وهي سلوك فردي يدفع الإنسان إلى مهاجمة نفسه أو من حوله، إما بالكلام الجارح، أو بالإيذاء الجسدي، وهو سلوك غير مقبول في تعامل البشر بين بعضهم البعض، ويستلزم التدخل من قبل المعالجين النفسيين.
وفي الحديث عن التدخلات في المعالجة النفسية فقد أولَت منظمة الصحة العالمية اهتمامًا بها، حيث نظمت علاجات من حيث التكلفة الممكنة والميسورة حتى يتسنى لأكبر عدد من الناس الذين هم بحاجة إليها الحصول عليها، ومنها "علاج الصرع بالأدوية، علاج الاكتئاب النفسي ومن خلال الأدوية المضادة له، علاج الذهان بالأدوية وبالدعم النفسي والاجتماعي، تدابير فعالة لمنع الانتحار، والوقاية من الاضطرابات النفسية وعلاجها".
أما بالنسبة لما يعانيه العالم حاليًا من ظاهرة اجتياح فايروس كورونا الذي فرض علينا نمط حياة مختلفة تمامًا عمّا اعتدنا عليه، كما أنّ الحديث عنه ومتابعة أخباره المعروضة في كل مكان تثير القلق والرعب في قلوب الناس، مما أدّى إلى انعكاس تأثيره سلبيًًّّا على الصحة النفسية لدى الجميع، وخصوًصا عندما تمّ فرض قانون التباعد الاجتماعي، وهو تجنب للتجمعات والاتصال الوثيق بالآخرين؛ لأنه يقوم بإبطاء وتيرة انتشار الفيروس، وبالتالي حصره والتقليل من نسب الإصابات بحسب خبراء الصحة.
وفي دراسة مرجعية أجرتها "جوليان هولت لونستاد" باحثة علم النفس في جامعة بريجهام يونج الأمريكية، عام 2015 ارتكزت على عمل تحليل بعدي لنتائج عدد من الدراسات حول "آثار العزلة الاجتماعية المزمنة" وتقول في ذلك أنّ لديها فرضيتين: -الأولى: قلقها من أن يؤدي ذلك إلى تفاقم الأمور بالنسبة للذين يعانون فعليًا من مشاعر العزلة والوحدة
-والثانية: تشديدها في الوقت ذاته على أنه قد يكون نقطة تحفيز لآخرين على التواصل المجتمعي، متفائلة من تزايد الوعي بطبيعة الوباء واتخاذ إجراءات أخرى إيجابية.
وهنا لدي بعض الاقتراحات التي ستساعدك على الحفاظ على صحتك النفسية متوازنة وصحية، وتجنب الآثار النفسية للتباعد الاجتماعي:
1- لأن نفسك تستحق منك الكثير من الحب والاحترام والدعم، بعيدًا عن الشعور بالتقليل منها وجلدها باستمرار.
أنصحك بتخصيص وقت خاصّ بها، مارس فيها هواياتك المفضلة، أو تعلم أشياء جديدة تعزز من ثقتك بنفسك.
2- ابدأ يومك بفنجان قهوة أو أي مشروب آخر تحبه؛ لأن ذلك سيمنحك شعورًا بالسعادة والتفاؤل.
3- اهتمامك بصحتك الجسدية من تناول الأطعمة الصحية وممارسة الرياضة سيساعد كثيرًا على تحسين صحتك النفسية.
4- الحياة الاجتماعية تعد من الأمور الضرورية لتحسين الصحة النفسية، إذ أن الإنسان يميل بطبعه إلى الأُنس والارتباط بمن حوله وبشكل خاص عائلته وأصدقائه.
5- مساعدة الآخرين، وتخصيص جزء من الطاقة لها، حيث أن العطاء يزيد من نسبة الشعور بالراحة.
6- تعلم كيفية التعامل مع القلق من خلال التأقلم.
7- تحديد الأهداف، وكتابة الخطوات التي تحتاجها لتحقيقها.
8- على الرغم من أن الروتين قد يعزز الشعور بالأمن إلا أنَّ التغيير أمر ضروري جدًا، ربما تخطط للقيام برحلة صغيرة أو الرغبة بتجربة مطعم جديد.



موقع "منظمة الصحة العالمية"
موقع Scientific American




إرسال تعليق

0 تعليقات