الدرر العربية


تُعرف اللُّغة العربيّة بأنها عبارة عن نسق من الرموز والإشارات والأدوات التي يعبر فيها الشخص عن مشاعره وأحاسيسه كما تُعرف بأنها نظام يحقق وظائف معرفية وتواصلية بين الناس.
اللُّغة العربيّة من أبرز اللّغات وأكثرها جزالًة في الألفاظ وقدرةً على استيعاب المعاني الجليّة، إذ تُدعى لُغة الضّاد ؛ لاحتوائها على حرف الضاد الذي لا تملكه أي لغة أُخرى في العالم.

يعود أصلها إلى اللُّغات السامية، رغم عدم وجود دليل قطعيّ على أوليّة اللُّغة العربيّة، إلّا أنّ أدق الروايات هي التي نادت بأوليّتها وبأنّها أصل اللغات، ولقد شرّف الله تعالى اللُّغة العربيّة تشريفًا لم تحظَ به أيّةُ لُغةً أُخرى في العالم، لا قديمًا ولا حديثًا، وممّا زاد من مكانتها أنّ القرآن الكريم نزل باللّغة العربيّة.

سُمّيت اللّغة العربيّة بلغة القرآن والسُنّة، وقال تعالى:
(وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ)
وكل هذا يُشير إلى أهميّة اللُّغة العربيّة في فهم آيات القرآن ومقاصدها ومعانيها بشكل واضح؛ لأنّ القرآن نزل بلسانٍ عربيّ فصيح ومُبِين في عصرٍ كان مُعظم النّاس يتباهون ويتفاخرون ببلاغة وفصاحة لغتهم، وإلمامهم بقواعدها، وضوابطها، وقد نزل القرآن الكريم بمعانٍ، وتراكيبَ، وجملٍ بليغة جدًّا، تحتوي على الكثير من التّشبيهات والاستعارات، والأساليب اللغويّة البليغة، ممّا أضاف لمكانة اللُّغة العربيّة درجاتٍ كثيرةٍ، حتّى أصبحت اللُّغة الخالدة الوحيدة في العالم.

تحتضن اللُّغة العربيّة عددًا من أنواع العلوم المرتبطة بها مباشرة وتعتبر البلاغة من هذه العلوم ويهدف هذا النوع من علوم اللُّغة العربيّة إلى التأكد من وصول المعنى السليم للمستمع لأيّة معلومة بكل إيجاز ويقسم علم البلاغة إلى عدة فروع من أهمها: علم البديع، علم البيان، علم المعاني وأيضًا علوم أُخرى مثل: علم الدلالة، علم النحو، علم الصرف، علم العروض.

علم البديع: يُعنى هذا العلم بصياغة الكلام ويركز على تحسين أنواع الكلام بشقيّه اللفظي والمعنوي، إذ أنشأ هذا العلم الخليفة العباسي المُعتز باللّٰه، وكانت بدايته ضمن كتاب البديع.

علم البيان: علم يحتوي على ثلاثة أركان هي المطابقية والتضمنية والإلتزامية، فإذا كانت الدلالة المقصودة للَّفظ أو الألفاظ عقلية؛ فتكون تضمنية والتزامية، أما إن كان المقصود في الألفاظ هي الدلالة الوضعية؛ فتكون مطابقية وذلك لوضوح المراتب مع علم المُتلقِّي بها.

علم المعاني: يهتم هذا العلم بدراسة ألفاظ اللُّغة العربيّة التي تتطابق مع الحال المرتبطة به، وبالتالي تختلف طبيعة اللفظ مع اختلاف الحال.
كما يهتم هذا العلم باللفظ من حيث فائدته في المعنى، أي مع الغرض الذي يدل عليه في سياق النص.

علم الدلالة: علم يهتم بدراسة المعنى، وأيضًا يهتم بدراسة الشروط الواجب توفرها في الرمز حتى يكون قاردًا على حمل المعاني.

علم النحو: علم يبحث في قواعد الإعراب وأصل تكوين الجملة، بهدف تحديد مواضع الكلمات في الجمل والخصائص التي ستكتسبها في هذه المواضيع  سواء كانت أحكامًا نحوية مثل : التقديم والتأخير، والبناء والإعراب، أم خصائص نحوية مثل : المفعولية، والفاعلية، والابتداء.

علم الصرف: تُعرف كلمة "صرف" لُغة التغيير والتحويل والتبديل بين الأحوال، ويُعرف علم الصرف اصطلاحًا بأنه : تبديل أصل الكلمة الواحدة إلى أحوال أُخرى حتى تحقق المعنى المطلوب منها في الجملة،
ويُعرف بأنه : التبديل بين مصادر الأفعال كـ الماضي والمضارع والأمر، أو المشتقات التي تعتمد عليها الكلمة كـ اسم الفاعل، والصفة وغيرها
حيث نستنتج من ذلك أن علم الصرف علم يبحث عن مفردات الكلام وأحوال بنائها.

علم العروض: يُعرف بأنه مجموعة قواعد دالة على الميزان الدقيق الذي يُعرف به صحيح أوزان الشعر العربي من فاسدها، وسمي بذلك لأن يعرض فيه الشعر مفصّلًا، يهدف علم العروض إلى معرفة نوع البحر الذي ينتمي إليه البيت الشعري.


أنا البحر في أحشائه الدُر كامن ..
فهل سأل الغواص عن صدفاتي ..


مُيزت اللّغة العربيّة من كافة اللّغات العالمية بمجموعة من الخصائص منها:
•المفردات؛ وهي الكلمات التي تتكون فيها اللّغة العربيّة ويصنف المعجم الخاص فيها بأنه من أكثر المعاجم اللغويّة الغنية بالمفردات والتراكيب، كما تُعتبر المفردات الأصلية في اللّغة العربيّة عبارة عن جذور ثلاثية للكلمات الأخرى.
•الترادف والتضادّ اللذان يعتبرانِ مظهرًا من مظاهر اللّغة العربیّة، حيث يقصدُ بالترادف بالحالة التي يطلقُ فيها عدّة ألفـاظ للمعنی الواحد مثل العسل والشهد، أمّا الأضداد فهو عبارة عن دلالة اللفظ الواحد علی معنیین مُتضادّین مثل الليل والنهار.
•اللفظ حيث إنها الطريقة التي تُنطق فيها كلمات اللّغة العربيّة وتُلفظ الكلمات بالاعتماد على استخدام حركات لغويّة ويطلق عليها مُسمى "التّشكيل" حيث يتغير اللفظ الخاص في كل كلمة بناءً  على طبيعة تشكيلها.

•الأصوات: من المميزات الأساسية للّغة العربيّة؛ إذ يعتبر نظام النطق فيها من أهم أنظمة الكلام اللغويّ فـ يُستخدم اللسان والحلق والحنجرة من أجل نطق الحروف والكلمات بناءً على أصواتها.

•النّحو: هو أساس الجملة في اللّغة العربيّة، وتقسم الجمل العربيّة إلى نوعين وهما: الجملة الاسمية والجملة الفعليّة ولكُل نوع من هذه الجمل أُسس وقواعد نحوية يجب استخدامها في كتابتها وصياغتها حتى تساهم في نقل الأفكار الخاصة بها.

قال أحمد شوقي في اللُّغة العربيّة:

إن الذي ملأ اللُّغات محاسنًا ..
جعل الجمال وسره في الضاد ..

وقال آخر:

النَّحْوُ قَنْـــطَرَةُ الآدابِ هلْ أَحَدٌ
يُجَـاوِزُ النَّـهْرَ إلا بالقـــناطـيرِ
لو تَعْلَمُ الطَّـيرُ ما في النَّحْـوِ مِنْأَدَبٍ
حَنَّتْ وَأَوْمَتْ إليه بالمنـاقـيرِ.

بقلم : #هبة_الحريري

أزرق - العدد الثاني



إرسال تعليق

0 تعليقات