رسالتي لها












    ظننتِ أنه لم يكن حبي لكِ كافٍ، لكني وليشهد كُل شيء حولي من قلمي، والورق الأصفر أمامي، أنني كتبتكِ ورسمتكِ وخلقتكِ زهرةً حمراء اللون، ولستُ أدَّعِ الربوبية، فأنا فعلاً خلقتكِ بالتفاصيل التي رأيتكِ بها، بالعينين الزهرية.. !نعم، فكنتُ أرى حقلاً مِن الأزهار داخلها، كانتْ تتراقص وتتمايل، وويلٌ لِمَن سيراها بعدي ويتمتع بها..

 فلتشهد ولاعة السجائر، وباكيتات التبغ التي أنفثُ منها كل عشر ثوانٍ أني ما نسيتكِ، ولن أستطع فعل هذا.

وليشهد الهواء الذي أتنفسهُ، وبيتي، ونافذتي المغلقة منذ سنوات، منذ أن تركتِني؛ فلم أنم يومًا دون أن أقول لكِ: "تصبحين عليّ أنا"، لكنكِ لم تسمعيها مني، ولن يحدث..!فكانت تذق أذاني وحدي، ثم أستيقظ في نفس اللحظة لأظنه صباح يوم آخر حتى أتصبح بضحكتكِ الفاتنة.

  ماذا لو سمعتها زهرة الغاردينيا على شرفة منزلي؟ هل ستنبتُ مبتسمة ؟أم أن اسمكِ سيظهر على أوراقها ؟أم أنها ستغرد ضحكتكِ ؟وأسمعها ترن وترن ثم تتلاشى حتى تعود بأعلى من قبل.

"صداع لا دواء له"

أتعلمين أن صوركِ تملأ غرفتي كمراهقين هذا العصر.. !لكنني مختلف تماماً بحُبي وبقلبي وبكل ما قدمت.

فليشهد الله أن ما زرع في قلبي من حُب لكِ يا حبيبة، لم يزرعه في قلب رجلٍ آخر مهما أحببته،

إن اليوم هو التسعة آلاف ومئة وخمسة وعشرون يومًا وساعتان وبضع دقائق دونكِ، لقد مضى هذا الوقت على فراقنا دون تلك التفاصيل، ودون العينين.

لطالما قلتِ لي أنكِ تُحبين اللحن أكثر من كلمات الأغنية نفسها. حسناً لم أكن أنم أيضاً دون اللحن، ودونكِ؛ لأنني كنتُ أسمعكِ بين الموسيقى.. !فأنتِ الموسيقى، وأنتِ أمواج البحر، أنتِ الرقص، والنشوة، أنتِ الورد، والتميز بكُل تفصيل أثار انتباهي.

  لكن أسوء ما قد مر بي طوال الخمسة وعشرون سنة التي مضت هو "عرسكِ"

اجتاحتني موجة لا مسمىً لها، انتابني شعور بأن أشتم كل الأشياء حولي.. !فلم يسلم شيء بين يديّ إلا فنجان القهوة الذهبي الذي اهديتِني إياه، فكان التذكار الذي لا ينسى أبدًا..

وُضعَ بين يديّ ولم أقوى على كسرهِ؛ فوقعتُ أنا وكسرتُ كلي بدلاً منه.

  فربما أن هذا الآن لا يهمكِ، لقد أوصيتُ أن تصلكِ هذه الرسالة بعد موتي، فأنا ميتٌ الآن.. !لقد تأخر الموت كثيراً.. !وكان الأمر بطيئاً جداً.

تمنيت أنْ تصلكِ حروفي بوقت أقل؛ لعلكِ لم تدركي كل هذا. أتمنى الآن رغم أنه لا يحق لي الأمنية، لكن لربما أن تنطق شفتاكِ برحمة على روحي.

  أخيراً أوصيتُ أيضاً أن يدفنوا ذاك الفنجان الذهبي معي وبجانبي بعد أن حفرتُ عليه اسمكِ، فسأفنى أنا ولن يسمه أحد بعد يدي ويدكِ.. !

فإن كان الآن صباحاً؛ فنهاركِ سعيد، وإن كان مساءً، فتصبحين علي أنا.

 

بقلم: أماني خطيب مشنوق


أزرق| العدد الثالث




إرسال تعليق

1 تعليقات