الكثير منا لا يدرك عظمة الأرض التي تطئ عليها قدمه، ولا يحتسب بَرَكَة الأرضِ التي يقيمُ فيها "أرض سوريا".
كانت نقطة انطلاق للكثير من الدول والإمبراطوريات، منها ما انحسرت واختفى أثرها، ومنها من وجد بعض من ذاك الأثر.
إمبراطورية إِبلا العظيمة وهي مدينة أثرية. سورية قديمًا كانت حاضرة ومملكة عريقة وقوية، وهي من أقوى الممالك التي عاصرت العصر البرونزي، ازدهرت في شمال غرب سوريا وبسطت نفوذها على المناطق الواقعة بين هضبة الأناضول شمالًا وجزيرة سيناء جنوبًا ووادي الفرات شرقًا وساحل المتوسط غربًا، أقامت علاقة تجارية ودبلوماسية وثيقة مع دول المنطقة والممالك السورية الأخرى، ومع ممالك مصر وبلاد الرافدين، كشفت عنها بعثة أثرية إيطالية من جامعة روما يرأَسُها عالم الآثار "باولو ماتيخ " كانت تتولى التنقيب في موقع تل مرديخ قرب بلدة سراقب محافظة إدلب.
لا يُمكن أن نُحصي إنجازات مملكة عظيمة، وأن نذكرها بمقالٍ واحد، لكن يُمكننا أن نتحدث عن أشياء لفتت أنظارنا وكانت من الأساسيات بالمملكة:
صناعة الفخار:
كان الفخار قديمًا يقيم تقييمًا مقتصرًا على مدى الوظائف النفعية التي يمكن أن يتكيف لها، ولكن بمرور الزمن ومع تطور نظرة الإنسان للأشياء، راح يضفي مسحة جمالية على الأشكال الفخارية ذات الوظيفة الجمالية البحتة، فكان مولد صناعة الفخار بعد أن كان صناعة نفعية وحسب، إلا أن تطور هذا الفن لم يتوقف عند هذا الحد فقد استمر في التوسع والتشعب، حتى في الألفية الثالثة والثانية قبل الميلاد عُدَ فنًا جميلًا له فنانون كبار.
من الأشكال الفخارية التي خلفها لنا فنانو إبلا، فناجين وأكواب تتميز بشكلها الأسطواني مع ميل جدرانها نحو الداخل، بحيث يكون قطر كعبها أصغر من قطر فوهتها وفي كثير من الأحيان كان سطح الأكواب كبيرة ومتوسطة ونادرة. الصغيرة مجعدة وبشكل خاص في القسم العلوي من الكوب، وقد نفذ التجعيد بواسطة الدولاب أيضًا، وقد يكون الكعب مسطحًا ومقعرًا، أما الشفة فهي سميكة بشكل إجمالي.
كما صُنعت الكؤوس الصغيرة ذات الفوهة الواسعة والعمق البسيط، وهذه كانت مشوية بشكل أفضل من غيرها، ويظهر رنينها عند الطريق واضحًا، ومن أشكال الأواني العادية اشتهرت الأباريق ذات الحجم البيضوي والرقبة الضيقة ذات جدران رقيقة ومجمدة بخطوط محدقة متقاربة ومستقيمة، وهناك أنواع أخرى من الأباريق الدائرية الشكل أو المتطاولة، وعليها تجعيدات زخرفية.
وجِرار كبيرة استخدمت في تخزين الحبوب، جدرانها رقيقة أيضا مصبوغة بلون أبيض، إضافة إلى الأواني العادية غير الملونة والقليل منها زخرف على الفوهة والأكتاف بخطوط سوداء أو بنية أو بنفسجية، كهذا القدح المصنوع على هيئة رأس إنسان يشبه التماثيل الكبيرة القليلة، ذات النوعية الممتازة، والعائدة إلى عصر سورية القديمة، وذلك في التشكيل الدقيق الناعم لتقاسيم الوجه، وقد صيغ الجزء الأمامي من هذا القدح القائم على ثلاث أرجل مكورة بواسطة كأس نماذج، في حين أن القسم الخلفي قد صيغ بحرِّية.
أما الشعر: الشعر الذي ينساب في غدائر مفتولة وملفوفة النهايات، فقد ظهرت معالمه التشكيلية عن طريق تظليلها بخطوط سوداء على الخلفية المائلة إلى الزرقة، ويعد هذا القدح بحق، ورغم اكتشافه في حي سكني شعبي من الأواني الدينية القديمة؛ وذلك لصياغته الدينية النادرة وإتقان صنعه.
حجر اللازورد:
يعتبر حجر اللازورد من الأحجار الشبه كريمة وتتمتع القطع الثمينة منه باللون الأزرق، تتخلله نقاط ذهبية براقة، وهذا الحجر لا يتوفر إلا في أماكن معدودة جدًا وحتى اليوم لا يستخرج إلا في أفغانستان، وفي منطقة بحيرة بايكال، وفي الشيلي، لكن اللازورد الأفغاني لايزالالأجود نوعية وشكلًا.
إن معظم اللازورد اكتشف في الموقع الأثري في بلاد الرافدين، مصدره أفغانستان لكن لم يتم العمل على أية قطعة من في فلسطين، كما أنه نادر الوجود في مصر، حيث كان يجلب من الشرق كما تفيد بذلك الكتابة المصرية القديمة وقد عثر المنقبون على قطع لازوردية في أور وماري يعود تاريخها إلى الفترة الواقع. بين۲۳۵۰ و ۲۵۵۰ ق،م ولم يعثر على قطع أخرى في أي موقع أثري إلى الغرب من ماري حتى جاءت تقنيات القصر الملكي في إبلا في فترة ازدهارها الأولى ۲۲۵۰ ، ٢٤۰۰ قبل الميلاد حيث كشف النقاب على أدلة جديدة لتجارة اللازورد.
بقلم: رامي دعبول
مجلة أزرق - العدد السادس
المصادر:
١_ كتاب إمبراطورية إبلا
٢_ كتاب أرشيف إبيلا
٣_ كتاب سوريا نبع الحضارة
كانت نقطة انطلاق للكثير من الدول والإمبراطوريات، منها ما انحسرت واختفى أثرها، ومنها من وجد بعض من ذاك الأثر.
إمبراطورية إِبلا العظيمة وهي مدينة أثرية. سورية قديمًا كانت حاضرة ومملكة عريقة وقوية، وهي من أقوى الممالك التي عاصرت العصر البرونزي، ازدهرت في شمال غرب سوريا وبسطت نفوذها على المناطق الواقعة بين هضبة الأناضول شمالًا وجزيرة سيناء جنوبًا ووادي الفرات شرقًا وساحل المتوسط غربًا، أقامت علاقة تجارية ودبلوماسية وثيقة مع دول المنطقة والممالك السورية الأخرى، ومع ممالك مصر وبلاد الرافدين، كشفت عنها بعثة أثرية إيطالية من جامعة روما يرأَسُها عالم الآثار "باولو ماتيخ " كانت تتولى التنقيب في موقع تل مرديخ قرب بلدة سراقب محافظة إدلب.
لا يُمكن أن نُحصي إنجازات مملكة عظيمة، وأن نذكرها بمقالٍ واحد، لكن يُمكننا أن نتحدث عن أشياء لفتت أنظارنا وكانت من الأساسيات بالمملكة:
صناعة الفخار:
كان الفخار قديمًا يقيم تقييمًا مقتصرًا على مدى الوظائف النفعية التي يمكن أن يتكيف لها، ولكن بمرور الزمن ومع تطور نظرة الإنسان للأشياء، راح يضفي مسحة جمالية على الأشكال الفخارية ذات الوظيفة الجمالية البحتة، فكان مولد صناعة الفخار بعد أن كان صناعة نفعية وحسب، إلا أن تطور هذا الفن لم يتوقف عند هذا الحد فقد استمر في التوسع والتشعب، حتى في الألفية الثالثة والثانية قبل الميلاد عُدَ فنًا جميلًا له فنانون كبار.
من الأشكال الفخارية التي خلفها لنا فنانو إبلا، فناجين وأكواب تتميز بشكلها الأسطواني مع ميل جدرانها نحو الداخل، بحيث يكون قطر كعبها أصغر من قطر فوهتها وفي كثير من الأحيان كان سطح الأكواب كبيرة ومتوسطة ونادرة. الصغيرة مجعدة وبشكل خاص في القسم العلوي من الكوب، وقد نفذ التجعيد بواسطة الدولاب أيضًا، وقد يكون الكعب مسطحًا ومقعرًا، أما الشفة فهي سميكة بشكل إجمالي.
كما صُنعت الكؤوس الصغيرة ذات الفوهة الواسعة والعمق البسيط، وهذه كانت مشوية بشكل أفضل من غيرها، ويظهر رنينها عند الطريق واضحًا، ومن أشكال الأواني العادية اشتهرت الأباريق ذات الحجم البيضوي والرقبة الضيقة ذات جدران رقيقة ومجمدة بخطوط محدقة متقاربة ومستقيمة، وهناك أنواع أخرى من الأباريق الدائرية الشكل أو المتطاولة، وعليها تجعيدات زخرفية.
وجِرار كبيرة استخدمت في تخزين الحبوب، جدرانها رقيقة أيضا مصبوغة بلون أبيض، إضافة إلى الأواني العادية غير الملونة والقليل منها زخرف على الفوهة والأكتاف بخطوط سوداء أو بنية أو بنفسجية، كهذا القدح المصنوع على هيئة رأس إنسان يشبه التماثيل الكبيرة القليلة، ذات النوعية الممتازة، والعائدة إلى عصر سورية القديمة، وذلك في التشكيل الدقيق الناعم لتقاسيم الوجه، وقد صيغ الجزء الأمامي من هذا القدح القائم على ثلاث أرجل مكورة بواسطة كأس نماذج، في حين أن القسم الخلفي قد صيغ بحرِّية.
أما الشعر: الشعر الذي ينساب في غدائر مفتولة وملفوفة النهايات، فقد ظهرت معالمه التشكيلية عن طريق تظليلها بخطوط سوداء على الخلفية المائلة إلى الزرقة، ويعد هذا القدح بحق، ورغم اكتشافه في حي سكني شعبي من الأواني الدينية القديمة؛ وذلك لصياغته الدينية النادرة وإتقان صنعه.
حجر اللازورد:
يعتبر حجر اللازورد من الأحجار الشبه كريمة وتتمتع القطع الثمينة منه باللون الأزرق، تتخلله نقاط ذهبية براقة، وهذا الحجر لا يتوفر إلا في أماكن معدودة جدًا وحتى اليوم لا يستخرج إلا في أفغانستان، وفي منطقة بحيرة بايكال، وفي الشيلي، لكن اللازورد الأفغاني لايزالالأجود نوعية وشكلًا.
إن معظم اللازورد اكتشف في الموقع الأثري في بلاد الرافدين، مصدره أفغانستان لكن لم يتم العمل على أية قطعة من في فلسطين، كما أنه نادر الوجود في مصر، حيث كان يجلب من الشرق كما تفيد بذلك الكتابة المصرية القديمة وقد عثر المنقبون على قطع لازوردية في أور وماري يعود تاريخها إلى الفترة الواقع. بين۲۳۵۰ و ۲۵۵۰ ق،م ولم يعثر على قطع أخرى في أي موقع أثري إلى الغرب من ماري حتى جاءت تقنيات القصر الملكي في إبلا في فترة ازدهارها الأولى ۲۲۵۰ ، ٢٤۰۰ قبل الميلاد حيث كشف النقاب على أدلة جديدة لتجارة اللازورد.
بقلم: رامي دعبول
مجلة أزرق - العدد السادس
المصادر:
١_ كتاب إمبراطورية إبلا
٢_ كتاب أرشيف إبيلا
٣_ كتاب سوريا نبع الحضارة



3 تعليقات
بارك الله بجهودك أخ رامي
ردحذفحلو
ردحذف👏👏👏👏👏👏👏
ردحذف