تَغيرَ لَوَنُ السماء من الأزرق الصَافي إلى سوادٍ داكنٍ؛ كَأنّ أشْبَاحَ الليلِ تَجمعَتْ كالبُنيان في السّماءِ، وبدأتِ الأصْواتُ تتعالى، والرعْدُ يَصرخُ بقوةٍ يُنادي غُيومَ السَّماءِ أنْ تتأهّبَ؛ لِتُجهضَ حُبيباتِ الغَيث، وترويَ ظَمأ قلبي، وَتُبلل جُدرانه المُتصدعةَ، وعيناي تُراقبُ بصمتٍ شديدٍ حتى تلقيتُ قُبلةً من قطرةٍ باردةٍ، أعادتْ إحساسَ طفلةٍ تاقتْ للعبِ تحتَ المَطرِ
قرعَ الشتاءُ بابَ قلبَـــي
أيا سيدةَ الزهرِ والمَطــــرِ
الغيثُ قد جَاءكِ مَاطـــراً
يُبَللُ الجدائل عَلى النحــرِ
رَكضتُ مُسرعةً إلى الحديقةِ الخَلفيّة...!
فكانت الرياح مجنونةً، والمَطر غزيراً، والضبابُ يحاصر المكان، والمَطر يتراقصُ على أنغامِ الأشجار المترنمة، وإذ بطيفِ الطفولة يرتسمُ من بين الضبابِ مُعلنًا حنينًا لذكرياته المُختبئةِ حول أعوامِ العُمرِ؛ فابتسمتُ له وأسدلتُ شالَ الخجل، وبدأت باللعبِ مع القطراتِ المُتساقطة مِن الأعلى، تارةً أمُسكها وتارةً تمسكني ...!وإذ بصوتٍ يُتمتمُ أبياتًا أيقظتني من ذكرياتِ طفولتي...
قَطَراتٌ تزيّنتْ على الخدينِ
كزينةِ حبّاتِ النَّدَى على الزهرِ
تتراقصُ القطراتُ على صوتكِ
كما يتراقصُ العود على الوتَـرِ
بيّضاءُ بِحُمرةِ الوجنتينِ عيناها
مُبللةٌ.. كنُجومِ الليلِ في السهَــرِ
مُتيمٌ أنا.. أُراقبُ شُرفتها من بعيد
كعاشقٍ وَلهان غارقً بأوصافِ القَمرِ
تُجففُ ضُفائرها الذهبيّة بصمتٍ
وقلبي يُغرد كالعصفورِ على الشجرِ
أيا سيدة المَطرِ والزهرِ.. جودي
بوصالِ نظرةٍ لعَاشقٍ من البَشــر
فارتبكتُ حينها، ولم أعلم من أين الصوتُ.. !واتبعتُ صداهُ حتى وقع قلبي على نافذةِ أحدهم، مُحمرة الخدين مُطأطأة الرأسِ خجلاً، فنادى الصوت ثانيةً:
كُوني سيدتي.. كوني سُلطانتـي
كوني بقلبي سيدة البشرِ والعُمُرِ
أتُؤمنين بالحبِ من نظرةٍ.. فواللهِ
هَام قلبي بجمالكِ يا سيدة المَطرِ
فردَّ القلبُ قائلاً..
رأيته صدفةً والقلبُ خائفٌ وحيران
فكأنّ نظراته فيها السكينة والأمان
هذا قلبي قد أوقعته كلماتكَ ولكنّ
لا تحسبنِّ البعد سهلاً أقضيه بهُجران
قلبي ليس لُعبةً بين بيديكَ تتركه
بين الحينِ والآخر مكسوراً وظمأن
إن كُنت تريده حقاً فأثبت حبك
فاليوم الحبّ أصبح ملهى يا إنسان
فقاطعني مُسرعاً:
أنا من تمنى نظرة من عينيكِ
فكيف لي أن أخونَ قلبكِ وهواكِ
أن كان الحبُّ إثباتاً فالروح لديك
رهينةٌ حتى أكمل عمري في حماكِ
سأقضي مشيبَ الأيام بين أحضانك
ولن أتيه درب الحُــبِّ علــى خُطاكِ
كنتِ في العمر حلماً وفي القدر
أمنية والآن ياحبيبتي العُمر فداكِ
بقلم: زهراء خليل
مجلة أزرق _ العدد السادس
11 تعليقات
يعطيكي العافية احساسك جميل وكلمات رائعة 😘
ردحذفبالتوفيق يارب
ردحذفإحساس رائع❤
ردحذفرائعة جداً.. سلمت يداكِ 👏🏼
ردحذفشكراً جزيلا حضوركم كان الأروع
ردحذفشكرآ جزيلا نحن من بعدك
ردحذفيا حبيبة قلبي من بعدك ♥️
ردحذفمبدعة بنت عمي الك التوفيق 😍
ردحذفماشاءالله تجسيد رائعممكن عنوان فيس تلغرام للمجلة
ردحذفمبدعة 😘😍
ردحذفبتجنن زهراءوو😍
ردحذف