عذاب النفس




عندما نقول "عذاب النفس" نعني عذاب الروح، التي تسكن النفس بكل ما فيها، عذاب الروح وما أدراك ما عذاب الروح؟! فهو أشد أنوع العذاب؛
فالمرء على استعداد أن يفعل كل شيء ولا
يكون سببًا في عذاب روحه، وموتها مئة مرة.

كم هو مؤلم ذلك عندما تكون ثقتك في أحدهم
كبيرة جدًا، وتنعدم فجأة، ويكون هو أحد الأسباب
في عذاب روحك، ويجعلك تموت ألف مرة ومرة
في اليوم، فهناك أسباب كثيرة تفقد المرء روحه!

كم هو مؤلم أن يكون بداخلك بحر من البكاء ولا
يشعر بك أحد، تصرخ! ولا تجد صوتًا غير صوت البكاء والأنين. فنحن نُجْبَر في بعض الأحيان أن ندفن مشاعرنا بأيدينا؛ لأن لا أحد يفهمك حين يكون الماء بيديك، والنار في قلبك، ونور من حولك، وظلام بداخلك.

أصبحت روحي في خمول دامس لا تقوى على
ذلك! ولكن، كان هنالك صوت في قلبي يردد: "روحك قوية، روحك صلبة"، فالأرواح تشبه الأزهار جدًا؛ ففي بدايتها تكون على شكل بذرة تنمو في ظروف لا تعرف بها، ولا تلائمُها، تكبر وتعيش وتعيش وتعيش، ومن ثم، وبدون أيّ مقدمات تبدأ تذبل
أجزاؤها، وكأنَّ لأرواحنا حياة أخرى في وهم الخيال، تطفو فوق السحب وترحل، وتعود وكأنَّ شيئًا لم يحدث...

الشقاء يرافقنا لا مفر، فعذاب النفس أشد ما قد يحصل للإنسان؛ فمخيف جدًا أن تكون على قيد الحياة بلا شعور، أو رغبة، يصبح كل شيء مُملٌّ فقط، تستمر بالتنفس، والتفكير المؤذي، والمرهف، والإحباط الذي يسكن الروح غالبًا، الدمار النفسي
الداخلي الذي لطالما صارعنا من أجله؛ قد هزم جوف الإنسان كأننا نتلاشى، ويوجد ما يلتهمنا بداخلنا، فقط كل هذا يشعرنا بالعجز تجاه أرواحنا، ثم نبدأ من جديد ونحاول، ونكرر كي تبقى أروحنا بسلام فهي رقيقة جدًا، وبالمقابل يهلكها عذاب النفس.


يقول جبران خليل جبران:
"عذاب النفس بثباتها أمام المصاعب والمتاعب
هو أشرف من تقهقرها إلى حيث الأمن والطمأنينة"


منال الليثي

إرسال تعليق

0 تعليقات