- مدخلٌ إلى الذكريات -
لقد اعتدتُ على ليلى وخِلافاتنا المجهرية، لطالما عقدنا خيطَ علاقتنا بهذه الخلافات وهذا ما جعلَهُ متيناً عُقدةً تلوَ الأُخرى، إلى حين يوم الشؤم ذاك حيث كانَ "الشاي الأخضر"، هو الخلاف الأخطر، أتراه ليس شؤماً؟؟!
كانت التراكمات حينها سيدة الموقف، وليلى، كما اعتدتها، سيدة الذكرى.
- أريد "شايًا أخضرًا". "أرجوك".
-ألا تشربين شيئًا آخرًا؟!
أنتَ أحضرتَني هنا، إلى هذا المقهى لأنكَ لا تملك الشاي الأخضر، أو ربما لا تريد إحضاره! -
(مبتسماً): ألا تجربين شيئاً واحداً أحبّهُ؟ قهوة مرة، أو قهوة مرّة مثلاً؟!
- ألن تشرب ما تُحِبّ وتدعني أشربُ ما أُفضّل، فأنظر إليكَ بحبٍّ لا باستحقار؟
-(في نفسي): أكلّ هذا من أجل الشاي!! ما هذه الأسئلة السريعة المتوترة!!
(عابساً): حسناً. شكراً لتبادل الأدوار.
إني أذكر هذا الحديث، المكوّن من أسئلة ليس إلّا، وكأنّه يحدث الآن والأحداث تدور أمامي فوقَ خشبةٍ عاليةٍ يَصعبُ الصعود إليها لمعاقبتي على عدم تفهّمي، ويصعب من شدّة ابتعاد المسرح أن يربت أحدٌ على كتفِ ليلى مكسورةَ الخاطر.
أصبحت للحظةٍ أريد التشارك بما أحب، وأصبحت ليلى حينها تتكلم بالألغاز ودون الحديث المباشر.
لمَ تبادل الأدوار المحرج هذا؟
ربما كان "الشاي الأخضر" أشدّ تأثيراً مما نعتقد.
-أنتِ لا تفكرين لحظةً بما أريد، بل وتنتقدين ما أفعل فلا تقدّرين .
- أتريدني هنا كي أشرب القهوة؟ لا بأس، "غرسون".
رحلت ليلى وما كانَ لي إلا أن أُبرر لها موقفها، بل وموقفي لنفسي، فقد حاصرتني تلك المواقف المتكرّرة من عدم التقدير وأرهقت عقلي حيث لم يتبقَّ لها سوى عذرٌ أنثويُ سيّء التأثير.
5 / 5
أكانَ عدم حبّي وشربي للشاي الأخضر هو مفتاح هذا الخلاف المفاجئ؟!
أم أننا نحتاج بعضاً من العُقَد الإضافية علّ خيطنا يصبِحُ أكثر صبراً ومتانةً؟
لا أدري حقيقة هذه الذكرى ولم أستطع الخروج من هذه الصدمة، صدمة الرحيل الأول، صدمة الصعلكة عن لحن الحياة التي بنيتها واثقاً من وعينا، حيث أنني لم أكن على دراية بعد، كم أنّ ليلى تنسى وتمسح من رأسها ما يزعجها، أو بصريح العبارة، ما يحكمها بالخطيئة
.سألتني صديقةٌ جديدةُ العهدِ بعد رحيل العظيمة ليلى بأيام قليلة:
- لماذا لا تشربُ أي مشروبٍ منعشٍ في هذا الحر، ألستَ حارّا؟ أو حتى القهوة محبوبة الجمهور، جمهورك أنتَ أيها الكاتب؟؟
- أحبّ "الشاي الأخضر" فقط "الشاي الأخضر". إنه مبدأ لحياتي يا صديقتي، أحب الشاي الأخضر.
إن ليلى لا ترحل في وسط الصحراء بهذه البساطة مناديةً النادل لجلب مشروبي فقط، ليلى كانت تحمل في جوفها الكثير من العتب والخذلان والبقاء في الصحراء لن يروي عطشها.
لكنّني أحبّ الشاي الأخضر، أحبه الآن يا ليلى..!
عيسى ماهر
مجلة أزرق - العدد الثاني عشر
15 تعليقات
كتير حلوة.. ثابر يا صديقي 😍
ردحذفوليلى تهندس الحب تطرزه فلا يبقى للعشق معها مثيلا. ❤❤❤❤ياعيسى انت حدا عظيم 😘❤❤❤
ردحذفقد شغفها حباً وهذا ما قيلَ .. البيت الأخير من قصيدة قديمة الك انا متأكد ����
ردحذفأزال المؤلف هذا التعليق.
ردحذفيسلملي هل حكيات انا 😍😍
ردحذفانت رائع و كلامك اروع
ردحذفما شاء الله.. الوصف.. العبارات.. جدا اعجبتني.. بانتظار ابداعك القادم
ردحذفكلمات رائعة واسلوب اروع بارك الله فيك
ردحذف😍😍😍😍😍😍
ردحذف❤❤
ردحذفبتجنن ��♥️��
ردحذف❤❤
ردحذفشو فخورة فيك وبهيك كتابات ❤❤بتستاهل كلشي منيح ❤❤
ردحذف😍😍😍😍😍
ردحذف❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️
ردحذف