العهد القديم ‏

 ‏  

 ‏ ‏"التعليم أسمى مهنة في قائمة المهن، فهو الذي صنع الطبيب، والمهندس، والممرض، والمحاسب، و........".
 ‏ ‏هذا ما يقولونه، وبرأيي أنا هذا كان سابقاً أمَّا الآن!!....
 ‏ ‏عندما كنتُ طالبةً، كان لدخول المعلّم للصفّ رهبة خاصة، نقوم جميعنا ونبادر بالسلام أولاً بصوت جهوريّ يملأ أرجاء المدرسة كلِّها، يبدأ بالدرس لنركِّز حواسنا كلَّها معه، لا نشارك حتى يأذن هو لنا، نحفظ كلَّ كلمة يقولها، ندوّن كلَّ معلومة وجب تدوينها، وعندما يحاور أحداً منَّا، نضع أعيينا في الأرض، لم يكن عندنا الجرأة لنواجه أعين هذا الشخص العظيم، ربما كان هذا نوع من الاستبداد والقمع في نظر بعض الحقوقيين، لكن أنا كطالبة مرَّت بهذه اللحظات، وهذه الأجواء، لم أنظر لها من وجهة نظر الطالب المستَبَدِ أبداً، لا أنكر وجود الخوف والرهبة، لكن لهذه الطقوس دور كبير في بناء شخصية الطالب، الذي تعوَّد الحزم والهدوء والأهم من ذلك الأخلاق والأدب، لم يكن ذاك المعلّم يعلّمنا المنهاج فقط، بل كان يعلمنا القيم والأخلاق، والاحترام، وكلّه بفضل "أسلوبه القمعي" على حدّ قولهم!!!
 ‏ ‏أمَّا الآن، أصبحت هذه الطقوس ممنوعة، بحجة أنَّها تقيّد حريَّة الطالب وتحدُّ من خياله وإبداعه!!!!، واستبدلوها بأساليب "التعلم الحديث"، ومختصرها هو: إضافة اللعب للتعليم وأن يسعى المعلم لكسر الحواجز التي بينه وبين التلميذ (أي تصبح العلاقة بينهم كالصداقة!)، بغية تسهيل وصول المعلومة لشعلة المستقبل (الطالب)، والتي على ما أظن أنها ستشعل لنا المستقبل ناراً لن تنطفئ في حال استمرينا في هذا الأسلوب (أسلوب التعليم الحديث).
 ‏ ‏فقد المعلم هيبته، تمادى الطالب في تصرفاته، تلك العلاقة المتينة التي بنيناها على مدار السنوات دمرتموها بأسلوبكم هذا، الطالب في وقتنا هذا يحتاج للتربية قبل التعليم، أمَّا أنتم فتركتم التربية وركزتم على التعليم، لا أنكر أهميته، لكن ما فائدة ذاك الطالب المجتهد الذي لا يحترم هذا، ويرد الجوابات على هذا، ويتمختر بخيلاء بفضل علمه الفارغ أمام هذا؟!!!
 ‏ ‏أمَّا ذاك الذي لم ينجح لا بالعلم ولا بالتربية، فهذا سيكون الطامّة الكبرى للمستقبل الذي يعدّونه بمناهجهم وأساليبهم هذه.
 ‏ ‏نهايةً، علمٌ دون توجيه وتربية، لا فائدة منه!، طرق الغرب التي أضفتموها لمدارسنا، لن تزيد الطين إلَّا بلَّة، وأنوار المستقبل (الطلاب) التي ستعطى وتربّى على هذه الأساليب ستنطفئ شئتم أم أبيتم.
 ‏ ‏لنعد إلى عهدنا القديم، للعهد الذي كان للمعلم والعلم فيه قيمته، وهيبته.


 ‏آية الخطيب

إرسال تعليق

1 تعليقات

  1. معك حق ايوشة و يا ريت يرجع الزمن القديم اللي لما كنا تشوف الاستاذ بالطريق نبدل الطريق

    ردحذف