بين الحرف والكلمة، بين الفتحة والكسرة، وبين المعنى والمُراد، تُرسم بسمة، أو تَنزِلُ دمعة، يُفتَحُ قلبٌ، أو يُكسرُ خاطر.
إنّ من أكثر الأمور التي يجب علينا الوقوف عندها هي احترام المشاعر، فكم يؤذي القلوبَ تجاهلها وكم يؤلم النفس أن تجد الإنسان الذي تحبه لا يهتم لحزنك أو رضاك، أو مشاعرك كلها بالنسبة له شيء جانبي، أو حتى غير مهتم بالتغيرات التي تحصل بالمعاملة معه أو بمشاعرك تجاهه، وهذا شيء نعيشه بكثرة في أيامنا هذه، فلا نفرّق بين هزلٍ وجدّ، ولا نراعي ظروف بعض.
إن الكلمة الطيبة ترفعُ من شأن صاحبها في نفوسنا درجات، وتُنزلُ الفظّ غليظَ القلب درجات، وإن حُسنَ الخُلق ما زاد صاحبه إلا وقارًا واتّزان.
تدخل أمُّنا عائشة رضي الله عنها على رسول الله ﷺ وقد وجدت منه طيبَ نفس، فقالت: يا رسول الله ادع الله لي، فقال: (اللهم اغفر لعائشة ما تقدم من ذنبها وما تأخر، وما أسرّت وما أعلنت)، فضحكت عائشة حتى سقط رأسها في حجرها من الضحك، فقال لها رسول الله ﷺ: (أيسرك دعائي؟) فقالت: وما لي لا يسرّني دعاؤك، فقال ﷺ: (والله إنها لدَعوَتي لأُمّتي في كلِّ صلاة).*
فكم تترك الكلمة الطيبة أثرًا في القلوب فترِقُّ لقائلها، وتوطّدُ المودّة في النفوس، وتبني جسورًا بين الأرواح، وتشدُّ روابط العلاقات جميعَها.
جميعنا نُخطِئ، ونعلم تمامًا متى تتغير معاملة الشخص لنا، وقد نَجرحُ ونُجرَح، ولكن قلة هُم مَن يبادرون بالكلام الطيّب لمعرفة السبب، أو لتقديم الاعتذار، فلا يكن التكبّر رادعًا لهم، ولا يكن الشيطانُ حاجزًا بين الأخ وأخيه، فتتوقّفُ علاقات طويلة على كلمة واحدة، لا يُلقَى لها بالًا.
فبادر، ولا تُشاحِن، واحفظ لسانك، واعتذر عن زلّاتك، ف (إِنّما بُعثتُ لأُتمّمَ مكارِمَ الأَخلاق)*..
بقلم: عمرو بكور
مجلة أزرق - العدد التاسع
*المصادر:
١. السلسلة الصحيحة للألباني.
٢. صحيح البخاري.
0 تعليقات