قلمي حلمي







مازلت في السابعة من عمر ، لم أكبر بعد حتى أناملي مازلت صغيرة ،كنت دائم الضحك غير مبال بهموم الحياة ، وسيما جميلا سريع الاختلاط بالآخرين ، محبوبا من الجميع، كان همي الاستيقاظ باكرا لأحمل حقيبتي المدرسيّة والانطلاق مسرعا نحو صفي لأضع أقلامي ووظيفتي على المقعد منتظرا أستاذي  ، ليقول لي أنت طالب مجد ومتميز ، ليقول لي ما هو حلمك ماذا تتمنى أن تكون عندما تكبر ، لأقول له : أتمنى بأن أكون مثلك أستاذا ، يخرِّج من بين يديه كلَّ الأحلام  ، أستاذا مثلك يحمل هموم طلابه ، أستاذا يتبرع بكل المعلومات التي جاهد في الحصول عليها، أستاذا مثلك يكرر مقولته الشهيرة بنهاية كلِّ درسٍ 
《مت فارغَ الذّهن يا بني 》هذه هي أحلامي لم تكن كبيرة جدا .

أما الآن و بعد  ثلاثة أعوام  ها أنا الطفل المتسول بين الطرقات الذي يبحث بين الأزقة وبقايا الرُّكام المتخلفة من قصف الطائرات عن أبٍ يرشده إلى الصّواب وأمٍ تعطيه بعض الحنان ، ها أنا شاحبَ الوجه مغبرَّ الثِّياب، تراكمت عليه كلّ هموم الحياة ، شاب شعره قبل المشيب ،وأصبحت حقيبته تحمل بدل الكتب أطنانا من حديد ، أنامله التي كانت تحمل أقلام الرصاص ، باتت من الرصاص لا تخاف ، هذا حالي ولمن اشكو له أحلامي.
وأنت يا أستاذي لا داعي لشكوك لي أعلم بحالك تبحث عن عمل لتردَ به على أطفالك جوع الحرب ، تركت مدرسة جاهدت فيها لإنهاض أمة عشعش فيها جهل الجاهلين، لكن ما في اليد من حيلة، فقد تآمرت علينا الأمم وسلمنا أسيادنا زمام الأمور، فما استطاعوا إرشادنا للصواب ولا تركونا للصواب نتجه ، ذهب حلمي وقلمي انكسر.
 ما ذنبي أنا بأن أحلم آلاف الأحلام لتحقيق الحلم الأول، أم لأني أعيش فقط بوسط المدفع .


علي جاسم إسماعيل

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 


إرسال تعليق

0 تعليقات