اليوم الدولي لإلغاء الرق



في اللغة الرق - ر ق ق : الرِّقُّ بالكسر من الملك وهو العبودية.

استرق مملوكه وأَرَقَّهُ وهو ضد أعتقه و الرَّقِيقُ المملوك واحد


"إنهضوا أيها العبيد ، فإنكم لا ترونهم كباراً إلا لأنكم ساجدون"

 ابراهام لينكولين



"متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا"
الفاروق عمر رضي الله عنه

 

(لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ ۚ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) المائدة (120) 


منذ الأزل، وعلى مرِّ العصور، كانت العبودية تتجلى بصورٍ واضحة المعالم. القوي الغني، يشتري الضعيف الفقير. فيستعبده، ليصبح تابعاً ذليلاً لا يملك من شأنه شيئا. وكما قرأنا في سورة يوسف قوله تعالى: (...وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً ۚ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَعْمَلُونَ (19) وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ (20) 

فقد بيعَ سيدنا يوسفَ كعبدٍ ضعيف، في صورة من صور العبودية.  لكن الله أرادَ أن يستخلفه على خزائن الأرض، فحوله من عبدٍ مباعٍ بدراهم معدودةٍ إلى عزيز مصر.

يوسف نبيٌ حولَ الله عبوديته إلى استخلاف. دعونا ننظر للصورة من جانب آخر. طفلٌ بيعَ واستعبدَ وصارَ ملكاً لرجلٍ ما، حاكمً أو تاجرً.

 كيف ستكون حياته؟

خاصة لو كانَ من ذوي البشرة السوداء! تماماً كما كانَ بلال بن رباح-رضي الله عنه-
سيعيش ذليلاً محكوماً، لا يقدر على شيء… يستعمله، يتحكم بكل شؤون حياته، نومه وأكله وشربه. حتى أنه قد يستعمل زواجهُ كتجارةٍ فيزوجه من "أمة" ليبيع أبناءه أو يستعبدهم… العبد على دين سيده، فلا حرية حتى في المعتقد.

أسباب العبودية:

1. الحروب: ففي نهاية كل معركة، يقع عدد من الأسرى في أيدي الفئة المنتصرة، فيقوم قادة الحرب باستعبادهم أو بيعهم.

2. الفقر: الفقر يساهم في زيادة العبودية فقد يبيع الأب ابنه أو ابنته كما أنه قد تؤدي الديون الى الاستعباد بأشكال مختلفة .

3. الجهل: الجهل أحد أهم أسباب الاستعباد حيث يولد الطبقية فتعلو فئة على فئة فتقوم باستعبادها كما نرى في استعباد السود فلاهم يعقلون حرياتهم ولا يعلم المستعبدون حدود تعاملهم وحقوق غيرهم.



حقائق وأرقام:

يُقدر عدد الأشخاص الذين يعيشون في الرق الحديث بنحو 40.3 مليون شخص، منهم 24.9 في السخرة و 15.4 مليون في الزواج القسري

وهناك 5.4 ضحايا للرق الحديث من كل 1,000 شخص في العالم.

من بين كل 4 ضحايا للرق الحديث واحد  منهم من الأطفالومن بين ال 24.9 مليون شخص المحاصرين في العمل الجبري، يتم استغلال 16 مليون شخص في القطاع الخاص مثل العمل المنزلي أو البناء أو الزراعة؛ و 4.8 مليون شخص في الاستغلال الجنسي القسري، و 4 ملايين شخص في السخرة التي تفرضها سلطات الدولة.

وتتأثر النساء والفتيات بصورة غير متناسبة بالعمل الجبري، إذ يمثلن 99 في المائة من الضحايا في صناعة الجنس التجاري، و 58 في المائة في القطاعات الأخرى.


أشكال الاستعباد الحديثة:

أولاً: العمل القسري:

تبين البحوث التي تجريها منظمة العمل الدولية أن العمل القسري يمثل مشكلة عالمية، ولا يوجد أي بلد محصن ضدها. وقد تكون الأزمنة والحقائق تغيرت ولكن الجوهر الأساسي للرق ظل قائما. وإلى جانب الأشكال التقليدية من العمل القسري مثل السخرة والعمل سداداً للدين، يوجد الآن مزيد من الأشكال المعاصرة للعمل القسري مثل العمال المهاجرين الذي جرى الاتجار بهم بغرض الاستغلال الاقتصادي بجميع أنواعه في الاقتصاد العالمي: العمل في مجالات الاستعباد المنزلي، وصناعة البناء، وصناعة الأغذية والملابس، والقطاع الزراعي، والدعارة القسرية.

ثانياً: عمالة الأطفال
بصورة عامة، وفقا لبيانات وفرتها منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) ، يعمل طفل واحد من كل ستة أطفال. ويمكن تصنيف الغالب الأعم من عمل الأطفال بوصفه استغلال اقتصادي. وهذا الاستغلال الاقتصادي يخالف مخالفة صريحة اتفاقية حقوق الطفل، التي تعترف المادة 32 منها ’’بحق الطفل في حمايته من الاستغلال الاقتصادي ومن أداء أي عمل يرجح أن يكون خطيراً أو أن يمثل إعاقة لتعليم الطفل، أو أن يكون ضاراً بصحة الطفل أو بنموه البدني، أو العقلي، أو الروحي، أو المعنوي، أو الاجتماعي‘‘.

ثالثاً: الاتجار بالبشر:
ووفقا لبروتوكول منع وقمع الاتجار بالأشخاص وبخاصة النساء والأطفال وقمعه والمعاقبة عليه، يعني الاتجار بالأشخاص تجنيد الأشخاص أو نقلهم أو تنقيلهم أو إيوائهم أو استقبالهم عن طريق التهديد باستعمال القوة أو استخدامها أو غير ذلك من أشكال الإكراه الغرض منها الاستغلال. ويشمل الاستغلال بغاء الغير أو غير ذلك من أشكال الاستغلال الجنسي أو العمل أو الخدمات القسرية أو الرق أو الممارسات الشبيهة بالرق أو الاسترقاق أو استئصال الأعضاء. وموافقة الشخص المتجر به لأغراض الاستغلال غير ذات صلة، وإذا كان الشخص المتجر به طفلاً، فإنه جريمة حتى بدون استخدام القوة.

وهناك أشكال كثيرة أخرى للرِق غير التي ذكرت أعلاه. مساعي أبراهام لينكولن للقضاء على الرق ربما غيرت مجرى أمريكا، لكنها لم تكن كافية.. وكانت النتيجة قتله من قبل بعض المتعصبين.


حين جاء الإسلام آمراً بتحرير الرق فكل الناس عبيد لله وحده -قبل لينكلن بكثير- كانَ ذلك كبيراً على الزعماء أن يتساووا مع مملوكيهم لكن دون أن يشعروا كانوا مملوكين في أعماقهم للكبر والغرور.
حين ننظر لقصة بلال بن رباح وتحرره من العبودية، سنجد أن بلالاً تمكن من التخلص من كل أشكال العبودية بعد موت أمية.. أمية كانَ صورة المتملك الفظ.. ففي كل منا أمية.

العبودية في كلٍ منا. التعصب الفكري شكلٌ من أشكال الرِق، المال سيدٌ في زماننا وجامعوه اللاهثون خلف جنيه هم المملوكون. النساء أسياد، والساعونَ خلفهم مملوكون. التكنولوجيا سيدٌ والمدمنون عليها مملوكون… الخ. على كلٍ منا أن يقتل أمية في داخله ، فلا نجونا إن نجا أمية.


وفي النهاية جميعنا عبيد لله الواحد القهار.


بقلم: لبنى الروسان



المصادر:



1.مختار الصحاح. 


2.موقع الأمم المتحدة 


إرسال تعليق

1 تعليقات

  1. موضوع جميل، جزاك الله خيرا، لكن مالمقصود بالسخرة؟

    ردحذف