قف على ناصية الحلم وقاتل





قف على ناصية الحلم وقاتل


هي الحياة يا عزيزي، تقلبات ما بين تجارب ناجحة، وأخرى خذلت صاحبها، لا تدري بأي معترك تصطدم، شراع أحلامنا كاد يهوي، وسفينة الحياة استمرت بالإبحار، قالوا لنا، أنت لست شجرة، تحرك واجعل من حطامك طريق يوصلك نحو السماء، فالعلا مسار العلو، والحلم بوصلة الهدف.

ناصية الحلم، تلك المسافة الفاصلة، كلمة تجمع تفاصيلاً مؤلمة، مرتبطة بحلم ستقاتل؛ لأجل البقاء عليه، على ناصية الحلم قف، وقاتل بكل ما أوتيت من قوة، إرادة، سلام، وجسد، هذا قول محمود درويش؛ ولذلك قاتل.

من منّا لا يمتلك حلماً، فأبسط أحلامنا أن نغفو بسلام في آخر نهار متعب، أو أن نحصل على قوت كافٍ لإطعام أطفالنا، وأشدّها عظمة، أن تتوقف الحرب في قلوبنا، قبل أن تتحرر بلاد العُرب، حينها سنُبدل فَليُمسي إلى أمسى وطني حراً.

صديقي العزيز، أنت في هذه المزاحمات بين صراع الواقع، ووردية الأحلام، تخيل نفسك شخص يرى العالم من خلف الزجاج، هنالك نوعين منه، زجاج مهشم، وآخر رقيق الملمس، لا أريد أن أقول لك تجاهل ما هو مهشم، بل أريدك أن تمعن النظر فيه، أن تراقب نفسك جيداً، الحياة ليست طريقاً أخضراً، كما أنها ليست صعبة المنال دوماً، ارفق بنفسك في أشدّ المواقف قهراً، وقاوم ضعفك عند إغواء المظاهر لك، اندمج مع ظروفك، حاول أن تكتشف كل شيء، ولكن لا تنسى بوصلتك، تحرك كثيراً، وعدّ إلى الهدف الأساسي، عدّ إلى حلمك.

صديقي الصغير، سمِعتُك تقول "أنا متعب من كل هذا الألم الذي أشعر به وأسمعه في العالم، هناك الكثير من الألم، أشعر به كما لو كان شظايا زجاج مهشم في رأسي"، كلماتك هذه أسمعتني ألم ذراتك التي جعلت من لحظاتك سنوات عجاف، لا أكذبك الشعور بعض الأحيان، ولن أقول لك كعادة البعض، بأن لا تكترث، أتفهمك ولذلك سأقول لك، بأن ألمك هذا للوصول، لأجمل بكثير من ألمك لعدم المحاولة.

المستقبل عظيم، والإنجازات فيه ماء الغيث بعد عام قحط، الحلم طريق الإنبات في تربة صيف الحياة، إن كنت تعاني ضيق التنفس من جهد المحاولة، تنفّس طويلاً؛ لأجل البقاء، سابِق لأجل أن تنضم لجناح الحالمين، واغدُ طيراً في عالم النجاح، ولا تتنازل عن كونك كون من ذرات الشغف.

قالوا " إن لم تفشل فلن تعمل بجد “، الفشل يا عزيزي ليس الخسارة أبداً، إنما الفشل في الانسحاب، كم من تجارب باتت فاشلة، ولكن لم يستسلم صاحبها لواقع حظه، ونذكر هنا أبرزهم مثالاً، (توماس أديسون)، مخترع المصباح الكهربائي، لم تكن تجاربه السابقة سوى درساً لمعرفة سبب الفشل، حتى تمكن في الألفية الأخيرة أن ينجح، نجاح ليس كغيره، نتاجه مستمر حتى نور يومك هذا، بعد هذه الشهادة أما زلت تمتلك من اليأس ذرة...!

حلمك ينتظر فارسه، عبارة اكتبها على جدار الحائط بغرفتك، واحفرها على قلبك؛ لتمرَّ عليها دماؤك؛ فتزيد من زرقة سمائك؛ وترفع سقف أمانيك، سوف يتهشم جسدك، وتسقط دمعتك على سجادة الصلاة في ليلة حالكة، يكاد نور القمر يختفي فيها؛ ليخفي ألمك، لن تكون سهلة أبداً، ستسقط مرة، واثنتين، وستسقط كثيراً، ستجهل نفسك، وتتحول إلى كائن آخر، ولكن إياك أن تستسلم، ارفض كونك إنساناً مجرداً، لديك الحلم، وأنت صائده، إن أردت النجاح، تجاهل النوم، الكسل، التراخي، والغضب، أنت حلم، ولذلك قل سأتحقق.

الحياة مليئة بالبشر، ولكن ضئيلة الحالمين، والناجحين، أتيت على الدنيا بعجل، قدمت خالي الوفاض، فلا ترحل كما أتيت، إن لم يعجبك مكانك، فلا بأس تحرك، فأنت لست شجرة كما أسلفنا، قدّم ليومك تلقاه غداً، وقدّم لغدك، تلقاه بعد غد، لديك حلم يقف على مفترق، كن نيزكاً، جاهد وقاوم، ثم قاتل؛ ليتحقق، فأنت قصة نجاح قيد الكتابة...

أروى أبو سرور

مجلة أزرق - العدد 14

إرسال تعليق

1 تعليقات

  1. أروى يا اروى.. أحسنتِ التعبير والطرح..برافو كتير جميل 👌🏻👌🏻

    ردحذف