من نور إلى يعقوب..
صوتك المعجون ببتلات الياسمين الدمشقي أنغرسَ في كبدي وأحشائي، صار سُهادي ملاذي وسمائي، كأنكَ مواويل ومقامات بغداد كأن سحرَ أرضي يكمن فيكَ، كأنك القهوة والشاي والمطر والأغاني العتيقة، الشوارع والحارات القديمة والأزقة البالية في بغداد.
صباح النوارس على دجلة وتمايل الفرات.
ورد الجوري والنخيل ورقصة الچوبي وقوافي شعري وبحوري.
كنتَ كأغنية فلكلورية عراقية عذبة كجمال الشام تسللت في أعماق شراييني ورقدتْ.
كأنك لعنةٌ أصابتني وطلاسمها بات في دمي.
كأنك الياس والريحان في حديقتي كأنك الزنبق والخزامى المزروع في أضلعي كأنك النور بين ظلمات عظامي.
وأما بعد فأعلم أن المحبة هي خمرة سماوية من الرب أن الله هو الذي يبدعها لا نحن فالروح روحه والكون ملكه فأن شئت أبقى بعيداً او قريبا لا يهم.
لقد تعثرت بصوتك فعثرت على حنجرتي إنني ارتديكَ ثوبًا لا ينتزعه جلدي وإبرة مغروسة بين عظمي وشرياني..
روحي كانت رداء أبيضا وصوتك كان له أثر الدم.
هل يمكن أن ينتمي الأنسان لشخص ما، دون أن يلتقي به؟؟
أنه هذا الشعور الغريب قد لا يكون له مسمى أبداً لكنه حقيقي بطريقة أو بأخرى.
دومًا أجد روحك قربي وكأن روحي تستحضرها كأنك نظير لهذه الروح، لعنةٌ مخلوطةٌ بهذا الدم وبين الأضلع، وكأننا التقينا فيما مضى
وكأن أنا أنت وأنت أنا
رغم اختلافنا فأنتَ نِبتون وأنا عُطارد أنا حَبُ الرمان وأنت شجر الزيتون أنا البتلات وأنت الشوك أنا القمر وأنت الشمس أنا بغداد وأنت الشام. وطريقة حياة كل منا كالماء والزيت لا يختلطان.
أتريد وصفا لما يخالج هذه الروح؟
إنه لشعور غريب لأنك تسكن فيها وكأن لا حدود ولا أوطان وبين الخافقين مسافات وبحر وتفكير بعمق سدين.
قد تكون لا تستحق هذا الشعور أو ربما تستحقه أو لا تريده؟
ولو أن مصيره أن يضمحل فلما هو بهذا القدر من النقاء كأن روحك بداخلي ولكنه نقي، نقي جداً كقلب طفل ولد للتو وطاهر كمحراب الصلاة وساكن كبحيرة من ماء صافي، ساحر كآخر شمعة في كنيسة أمنا مريم، مضيء كطلوع الفجر في اللحظة الأولى ونسيم الرياح الباردة وتراقص خصلات شعري ودندنة العصافير واصطفاف الغيوم ومجلس النجوم ورسالة في جيب جندي وعطر ملتصق في راح يدي..
ببساطة كأن شيئاً منك فيني.
كان سماع صوتك في كل يوم كئيب كأنه تحرير وطن من الاحتلال..
كأنه المطر في أقحل صحراء
كان صوتك يلمس ثنايا هذي الروح كأنه نجاة الغريق من البحر كأنه قطرات الندى التي تغسل الحجر.
بغداد تسألني يا يعقوب كيف ترين محبوبك وهو بعيد؟
فأجيبها وأنا ضاحكة: إن الروح الآن جالسة عندك وبين يديك فكيف أنا هنا في بغداد أجلس؟
أخبرت بغداد عنك كالتالي ما كان يوما البعد قيدا ولكن حدثتها عن جفائك المر عنادك الحلو غمضوك السر كلامك كالسكين وقسوتك موضوع إنشاء حر وهجرك سليل عليك جميل علقم في شفتي وسلاسل في صدري.
ليس لي حق حتى في العتب أو السؤال عن الحال وأنت يعجبك الفراق ولأن لا شيء بيننا مجرد شعور نقتله بخنجر في الروح حتى تفنى كل ذرة حب وتموت ويتلاشى الورد الذابل في حضرة ضوء القمر ولكن هذا الشعور النقي الذي يشبه القرب من الله أو يجعلني قريبة منه كيف تريد أن أتخلى عنه؟؟
رغم الوجع السرمدي والأسى الأبدي الذي أخذته منك لكن النقاء من نوره لا يموت يا يعقوب قد يدفن في باطن زاوية من الفؤاد هذا الشعور لكنه لا يموت يحيى إلى الأبد. كل مرة أراك مرتديا قميصك الأبيض كأني ألمس وجهك وعينيك وكأن روحك تهمس في أذني حين أراك بالبياض وأناملك تعزف الموسيقى كأنك بيتهوفن، ونسيت أن أخبرك رأيتك في منامي مرتين ففزعت وعجبت من أمري أأبكي من فرط شعوري ومحبتي أم أضحك على هجرك وبعدك؟
المهم أنك عرفت كل هذا لأتخلص منه من داخلي ولا أنتظر منك شيئاً لأني أدرك أني أكتب لأي شخص ولكن كان عليه أن أتبع مهما كانت العواقب
سعيدة أنني فعلتها، أرجو أن تكتب لي مكتوب هذه المرة أقلها حاول فقط بنصف مرسال…
ويبقى السؤال الذي أرهق دماغي هل ممكن أن ينتمي الأنسان لشخص قبل أن يلتقي به؟!
بقلم: نور الهدى حازم
2019/12/5 العراق، بغداد
0 تعليقات