علاقة التاريخ والمستقبل


نعيش الآن في القرن الواحدِ والعشرين، ونسير بسرعةٍ هائلةٍ نحو العولمة والتطور. وكلٌ منا يسعى لأن يساعد في نشأة الكوكب أكثر، ويمنحه الازدهار والنَّهضة، علمياً واجتماعياً وثقافياً.
لذا نحن بحاجة لإعمال عقولنا والتفكير في طرقٍ ومسالك جديدة وسريعة لأجل ذلك، فلماذا نملأها بأحداثٍ وقصصٍ وحكاياتٍ من الماضي السحيق؟ أوليس الحق أن نترك ذلك الجزء من الذاكرة متاحاً لتحمُّل أعباء التفكير في صناعة صَرح المستقبل واستيعاب زخمه؟ أليس من التخلف العودة للأزمنة الغابرة، والقراءة عن الجِمال والأحصنة ونحن في زمن تتسابق فيه أضخم الشركات في إصدار أحدث وأجمل السيارات؟ لماذا التاريخ، وما علاقته بالمستقبل؟





يعرِّفُ ابن خلدون التاريخ قائلاً: إنّ التاريخ في باطنه هو النظر والتحقيق وتعليل الكائنات ومبادئها، وعلم بكيفيّات الوقائع وأسبابها.





ويعرَّف أيضاً بأنه: يشمل على المعلومات التي يمكن معرفتها عن نشأة الكون كله، بما يحويه من أجرام وكواكب، من بينها الأرض وما ظهر على سطحها من حوادث الإنسان.





ويُنقلُ التاريخ عبر "المؤرخ" الذي يسجل أحداثه، سواء كان بالتواتر أو الترجيح، ومن أشهر مؤرخي المسلمين ( عروة ابن الزبير، الطبري، الذهبي، ابن كثير، ابن خلدون... )





أهمية معرفة التاريخ:





1) هو المرآة او السجل أو الكتاب الشامل الذي يقدم لنا ألواناً من الأحداث وفنونا من الأفكار وصنوفا من الأعمال والآثار.





٢) هو ثمرة الخلق كله منذ أزمان بعيدة سحيقة.





٣) معرفة الماضي تكسب الفرد خبرة السنين الطويلة، والتأمل في الماضي يبصّر الإنسان في ذاته. ويصبح أقدرَ على التصرف في الحاضر والمستقبل.





وقد يعود تدوينُ التاريخ إلى العصور القديمة، فنقش الأَولونَ تاريخهم على جدران الكهوف وبطريقة بدائية، ومن بعدها أصبح التاريخ أشد تطوراً وأكثر رتابة. حتى ظهر علم التاريخ ووضعَ له أصولاً وقواعد في البحث التاريخي. كما لعلم التاريخ خطره في حقول المعرفة، إذ يعمد البعض في تزوير حقائق التاريخ لأهوائهم الشخصية.





ويبقى التساؤل قائما ما أهمية التاريخ في حياتنا؟





الحاضر يوما ما سيصبح تاريخاً، كما أن التاريخ كان وقتذاك حاضراً، وقبلها كان مستقبلاً. يقال: ( التاريخ يعيد نفسه) قد لا تكون تلك العبارة صادقةً تماماً، فيستحيل أن يعود التاريخ بتفاصيله. لكن من الممكن أن يعيد نفسه بنتائجه وأسبابه. فمن قرأ التاريخ وتمعن به واستنتج الأحداث منه، يستطيع التنبؤ في الحاضر، ويستطيع قياس حدثٍ ما على حدثٍ قديم حصل قبل ذلك.





لا يُقرأُ التاريخ لإضاعة الوقت والتسلية، أو لأخذ المواعظ من القصص والحكايات فقط. على قارئ التاريخ أن يتمعن جيداً في قرائته، ويستنتج من الأحداث ما يساعده على فهم الحاضر ومسك ناصية المستقبل. أن يعرف جيداً ما صنعه أصحاب النهضة القدامى لتحقيق التطور الذي وصلنا اليه في وقتنا الراهن، وما هي الأحداث التي عايشوها. كما عليه أن يميز الهفوات والأخطاء التاريخية لتجنب الوقوع بها. إن التاريخ علمٌ يهتم بالمستقبل أكثر من الماضي. فالتاريخ جزء منا نحن البشر، وأول خطوة للتطور دائما هي معرفة التاريخ وفهمه. ودراسته هي من المسهلات علينا لفهم ذلك التاريخ، والذي هو جزء من حياتنا وديننا وثقافتنا.






المصادر:





* نشأة علم التاريخ عند العرب.





* موقع موضوع.
 * جامعة بابل.
* مدخل إلى الفلسفة.





محمد مؤمن رمضان


إرسال تعليق

0 تعليقات