فايروس كورونا يُوقظ العُنف الاسري ، و الوباء يُصبح اجتماعي .
لم تتوقف سماح ( ذات الاسم المُستعار ) عن البكاء طوال حديثي معها حول ما تتعرض لهُ من عُنفٍ منزلي ، تجد نفسها الآن في سجنٍ وليس منزلٍ آمن كما يتخيله البعض ، غيرُ قادرةٍ على الهربِ حتى إلى أهلها ، و قد فرضت إجراءاتُ الحجر المنزلي في المغربِ بسبب فايروس كورونا حاله كحال كافة بلدان العالم .
و مِثلُ سماحٍ كُثر ، هناك العديد من النساء و الفتيات يتعرضنّ للعنف الأسري ، وذلك تزامناً مع انتشار الوباء و اجراءات العزل المنزلي ، فالحالات في تزايد مستمر يوماً بعد يوم ، و الإساءة التي تطال النساء تتفاقم و تُعتبر هذه الإساءة واحدة من أكبر انتهاكاتِ حقوقِ الإنسان في العالم .
و كما يتضح أن العنف الأسري في أرجاءِ العالم وصل مرحلة كبيرة من التزايد ، الأمر الذي دعا الأمم المتحدة إلى تحركٍ عاجل لمكافحة هذا التزايد.
ففي وقتٍ سابق من شهر أبريل الماضي ، ألقى الأمين العام للأمم المتحدة بياناً عاماً ، دعا فيه الحكومات إلى " وضع سلامة النساء أولاً في استجابتها للوباء "
•من يحمي هؤلاء ؟
•هل يُصبح الوباء الفيروسي أهون من الوباء الاجتماعي ؟
•هل يُصبح الشارع أماناً أكثر من المنزل ؟
من الناحية السيكولوجيا إنَّ العنف المنزلي ضد المرأة يُعد جريمةً يرتكبها فردٌ يشترك مع الضحية بمكان الإقامة ،و أن الدوافع الاجتماعية في العادات و التقاليد التي يرثها الأبناء عن الآباء و الأجداد ، قد تكون من الأسباب و الدوافع الرئيسية للعنف الاسري ،و تختلف صور الدوافع الاجتماعية المؤدية إلى العنف باختلاف مستوى تأثرِ الأسرة بالمحيط الخارجي ، و على الرغم من انتشار أفكار العدالة و المساواة بين الجنسيين على نطاقٍ واسع في عالمنا المعاصر اليوم ، و اكتساب المرأة المزيد من الحقوق في مساواتها مع الرجل و اتساع نطاق مساهمتها في الحياة السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية ، الا انها اليوم لا تزال مشروع منافسة غير متكافئ أمام الرجل في مجالات مختلفة .
كما أنه تتعرض المرأة إلى شتى مظاهر التضييق و الإكراه الجنسي .
قال الشيخ د. عائض القرني "للأسف بعضهم يُعامل أسرته كما يُعامل الحجاج بن يوسفٍ أهل العراق ، بطشاً و تنكيلاً و تعذيباً " العنف الاسري "
بالطبع يوجد أسباب للجوء الرجال للعنف ضد المرأة ،تتنوع الأسباب بين اجتماعية و دوافع نفسية .
حيث أن العوامل الاجتماعية من أبرز الدوافع لارتكاب هذا العنف ضد المرأة ، و تشمل هذه الدوافع تدني مستوى التعليم و الوعي لدى الرجال ،و تفشي الجهل في عقل الرجل .
اما الدوافع النفسية التي تشكلت في شخصيات مُرتكبي العنف في الصِغر تؤثر بشكل كبير في سلوياهم و التي تظهر على شكل سلوك عِدائي في الكَبر.
و من أبرز هذه العوامل النفسية تعرّض مرتكب العنف للإيذاء بأي شكل من الاشكال في طفولته ،أو وجوده في بيئة أسرية تنتشر بها حالات تعنيف الأبوين .
إضافة إلى اضطرابات الشخصية التي قد تُؤدي إلى خلق شخصية مُعادية.
و لن ننسى الدوافع الجنسية، و نظراً لمخاطر و آثار هذا العنف على المرأة من الناحية النفسية و الجسدية و الصحية ايضاً.
وقد تم اعتماد اليوم الخامس و العشرين من شهر تشرين الثاني في دول آسيا الوسطى ،ليكون اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة.
من الصعب حصر الآثار التي يتركها العُنف الأسري فهو يُولِّد مجموعة هائلة من الآثار النفسية كالأرق ، الخوف الشديد و الكآبة و تزايد خطر الميل إلى الانتحار و التفكير به ، أو تعمّد إيذاء الذات ، وربما يؤدي للسلوك الإدماني أو اضطرابات ما بعد الصدمة ، و هذا كُله نتيجة نشوء العقدة النفسية ،التي تطورت و تفاقمت و أصبحت أمراض .
و يترتب عن جميع أشكال العنف الذي قد يُمارس في حق المرأة سواءً أكان يُمثل بالعنف الجسدي ، النفسي أو الجنسي آثارٌ نفسية و أخرى اجتماعية، كتزايد حالات الطلاق، و تفكك الأسر و انعدام الثقة و تلاشي الاحساس بالأمان .
علاوة على ذلك يُلاحظ بأن المتعفن هم أكثر عرضة للإصابة بالأمراض أو الإدمان ،كشرب الكحول أو تعاطي المخدرات، و الاستهلاك المُفرط للتبغ.
ناهيك عن الآثار الصحية و التي تتمثل بالصداع ، آلام الظهر و نقص القدرة على الحركة ،و تدهور الحالة الصحية عموماً.
و المؤسف أن تصل احتمالية ولادة النساء اللواتي تعرضنّ للعنف الجسدي لأطفال ذوي وزنٍ ناقص لنسبة 16% .
و قد يُسجل في بعض الأحيان إصاباتٍ مُميتة .
و بالتأكيد لسنا بغافلين عن الآثار الاقتصادية ،التي قد تتسبب بها هذه الجائحة الاجتماعية، منها ضعف قدرة المرأة على تطوير ذاتها ، قدراتها ،مهنتها و تعليمها، وهدر طاقاتها الانتاجية ، من خلال السماح لها بالعمل فقط في الأعمال الهامشية، أو منعها من العمل أساساً، و عدم السماح لها بمواصلة تعليمها ، مما ينعكس سلباً على برامج التنمية الاقتصادية ، يؤدي أيضاً إلى تدني نسبة مشاركة المرأة في العمل و الحياة الاقتصادية و الانتاجية .
و يحد من إمكانية النساء للاستفادة من الفرص المتاحة لهنّ، و يخسرنّ فرص الحصول على وظائف مهمة من شأنها الاسهام في عملية التنمية.
مما يؤثر سلباً على الأسرة و دخلها المادي، و يلحق الضرر بالمجتمع من قلة مشاركة المرأة في التنمية و التطور.
•أألحقت الأذى بزوجتك ؟ أتخشى من أن تؤذيها بأقوالك أو حتى بأفعالك؟
•ماذا يجب أن تفعل ؟
إذا شعرت بالغضب أو الانزعاج الشديد ،انتقل إلى غرفة أخرى ،أو اخرج لأخذ نفس عميق .
أعد التفكير في النتائج قبل الأسباب.
عليك الأخذ بعين الاعتبار ان جميع أفراد عائلتك يُعانون من الإجهاد و التوتر في هذه المرحلة .
تحلّ باللطف و الصبر في أقوالك و أفعالك .
احرص على الحد من المسكرات قدر الإمكان.
و من المُرجّح أن تؤدي التدابير الحالية للتصدي لجائحة فايروس كورونا مثل القيود المفروضة على التنقل ،الأمر الذي يؤدي لزيادة الإجهاد و التوتر اللذين تعاني منهما .
لا بأس صديقي هذا طبيعي و يمكنك التحكم بردّات فعلك .
بناءً على ما سبق من أسباب و آثار تتفاقم بسبب هذه الجائحة و بحسب مُضاعفاتها فإنه يتحتم على جميع دول العالم إدانة العنف ضد المرأة و التوقف الفوري عن ممارسته بإتباع كافة الوسائل الممكنة ، يمكننا طرح بعضها ، مثل تمكين المرأة من ممارسة جميع حقوقها الإنسانية ، و تعزيز علاقات الاحترام المتبادل بين الجنسيين ، و الاهتمام بقطاع التعليم لتعزيز السلوكيات الاجتماعية و الثقافية ، و التخلص من الممارسات الخاطئة ضد المرأة .
كما يمكن تخصيص إمكانيات مادية كافية من ميزانية الدول لأنشطة القضاء على العنف .
و العمل على زيادة الوعي و تثقيف المجتمع من خلال وسائل الاعلام و التواصل الاجتماعي ، و العمل على تأسيس المنظمات في غالبية الدول لحماية المرأة من العنف الأسري ،و المساعدة على تمويلها.
المصادر
1_ https://swnsyria.org
2_ https://euromedrights.org
3_ https://mawdoo3.org
اليانا جولاق
1 تعليقات
برافو إليانا برافو.. so proud 🌹
ردحذف