تَسِترقُ النظر من الشقِ الوّحيدِ المنير في الباب سافرت وعينيها لتجوُل في أنَّحاء عالمٍ تَدركه جيدًا، تعَرف معالمه وآثَاره حقَ المعرفة، تَرِفع أطَراف أصابع قدميها لتصفع آهٍ صَغِيرةٍ مَكتومة ٍسمعها لتِغَمض حديقتها بِشدةٍ فَتسَقطُ لؤُلؤُة ٍحَارةٍ على خدها المتوهج، لم تدرك مدى احتراق خديها الجميليين وعينييها اللَّوُزَيتَيِن ًالمُنْتَفخَتَينٍ وقلبها الغضِ المرتجف ويدها التي أمَسكت بطَرفِ قمَيص بِيجَامتها لِتَزيل تِلك الدمعة بشكلٍ فطريٍ . بيِدها الباردة كَالثَلج تحسست طرف َالبابِ تركز جَسدِها علَيهِ لتنُهُش أذنيها أنّة كبيرةٍ مَوُجعةً اعَتصَرت جَسدهَا لتهُرب منَها إليّها، ولكنَّها أصرَت، باتت أكثر اصرارًا علـى التَحديقِ فهم مَن رسّخوُا في عقَلهَا الصَغِير أنَّها عنَيدٌة وتَصرُ حتى تَفعلُ ما تريد وقع قَدميه الحافِيَتينٍ يدق برأسها وصَوت آهاتها يَشد على رقبتها يكاد ُيخرج تنفَسها منها كَفكفت دمُوعها ووَضَعت أصابعها السَّمراء الصغَّيرةَ على فَمها الورديِ الجميلُ تَكتُم أيَ همسً قد يسمع وهرَبت داخلَ ذاكَ المَّمر العَتيقُ المعتَم، تَعثرت بِلعتيها وسط ُالممّر خافتْ أن يراها، انتشلتها كَجثةٍ عَجوزٍ لم تَحِمله يديها لثقلهِا فجرَّتها جرًا حتى ولجت لغرفتها الرمادية ترفع (لحافهُا) لتسَتكَين كالمتجُمدةَ في فٍرشُتها الملقاةَ علَى الارض بجانب أخَّوتَها الست، صفعةٌ احتلت كيانها هَزت أرضية غرُفتَها هزًا ثم أستوَطنَ الهدوء سائر المكان، علمت أنه خرج ماَ لبثت بفّراشها لحظة ًحتى هربت ِلحضنها، تغرس أنفَّها فيِ خَصلاتِ شعر أمها المبعثرِ كَروحَها الباكيةُ على شيء لم تعقله ُبعد، تتًحسس روحَها الحيةُ الميتَة، تمسكُ جفن عينيَّها ليطَمئن قلبها تلفظُ ( يمّا ) لتُحتضَنها الأخرى َكمن وجَد واحة ٍفي ِصحراءَ شاسعة ٍبعَدما تملكُ منُه العطشَ، انحَنى بجسدهِ ناحيةٍ حذاءهٍ ليَلتقُطه، وأسندَ يده على َركبتيه بألمٍ مميتٍ، ليراهُ الداخلُ بوضعِ الركوعَ هربت من عيَّنيه دمعة ٍأبية ٍكَهُروبهُ الدائَّم من أي َشيءٍ يحدث معه، أكمَل ما يَفعله وذهب إليه حيث لا يدريِ ربِّ .. قالَها وهو يدرك أن حتَى حرفُ النَداء سيبَعده خطُوةَ إن نداه بهّا، همسه بها غلب صوت الأَّمواجِ الجَائية والَذاهبَة، قبض بَيده على الصدَف المَّلقاةّ بجانبِه على الشاطئ، حتَى صرختَهٍ لا تُجدي نفعًا حبسها بصدره المهترئ بالنيكوتيَنِ المَزعج لزوجه، لم يكن بيده ِفعل شيء سَوىَ حرقِ أعصَابه وكبَت ْأحَزانُه داخَّلها، لمْ تمسَ شفَاههُ يومًا الأشياءِ القذرَة هذهِ .. ولكن َ كَلُ شيءٍ بات قذر ٍ.. الفقُر قذرٍ .. يتَمزقُ فؤاده كلَّما رأىَ دمعةً تسقطُ من عينَيَها، عيناها تذكر يوم َالنظرةَ الشَّرعيةَ وتبَسمُ -إنَّ رآه مارٍ سَّيدرك َمن ٍملاّمحه التي تَنطَق بالِبهجة أنه عاَشق حينها أطاَل النظر لسَحرهمُا كانَتْ عادية عاديةٌجدًا ولكَن بهَا شيٍء يقوَل أنَّها له أنَّها هي المرأةَ الخاطفَة لِقلبه، أنّها من تصنه وتحفظ سره وتصبر عليه ٍوكانتْ بالفعَّل كذلَك وقلبه وحدسه ومنطقه جَميعًا كانوَّا صادَقينـ. عاهَد ذاته أن يحَافظُ عليها وألّا يبكَيِ تلَكَ الأَّعين التَيِ أشَعلتٍ لهَيب حبها في قلبي؛ لمٍ يوف بَوُعده وكَره َنفَسه ُوحَياتَهِ وأخذَ يتَهرب ويصب جم غَضبه عليها ويزداد كرهًا على كرهٍ لذَاته، وكأنَّها لعنةٌ أصابته أذته بحِياَته فأصَبحت بلا روح، أزمَّة ماليةٍ يتَّلوهاَ سجن لأشَهرَ فيخُرج خَروجٍ مؤَقتٌ ليعيَد تَرتيَبُ حيَاتَهِ فَّيزدُها خرابًا ليعَوَد ثانَيةً وثانيةً أخَرىَ وأَخرَى حتَىَ حَقَد عَلى حَالهِ وحَياتهَ وأَسرَتَه ِومَجَتمعُه و… فقرهِ؛ لم يكن إلا شابٌ مسَتبشٌر ومحبٌ للَحياَة يبَنيِ أحلامَه ويخَّطَها عَلَى دفترَه البني طموحه التفُوَق، فَعَّلها ُوتخرجَ من الجاَمعة َبتفوَقٍ ولكَن مجتَمَعهُ الغزّي لم يكَن بحَاجةٍ له فلَم يكَن ٍالأوّلَ ولن يكون الأخيَر، دأب على أعمال متَفرَقةً بعَيدةً كلَ البعِد عن مجَالَ تخصَصَه وأثبَتَ نفَسهُ وَجَمع بعضًا من الأمواَلِ تَلكَ التي بنت غرفَتين َليَتكللُ زوَاجهُ الميَمونَ بهَمُا، كَحال أي شابً خَسَر كُلَ شيٍء بَيدِه فَخسَرَ نفسه أولًا وهَرب َمنَها لِيلَتقيِ بشخصٍ آخَر غير الذيِ يعرَفه ُشكّلَ حياةً أخرَىَ غير تلَكَ الَمبهَجة َبات إنسَان غيره لم تتعرف عليه زوجه ولاَ حتىَ هو لم يعرف نفسه لم يَكن يصَدقَ بيَومٍ من الّأيام أن يفعَلُ كل هذا، يخَسَر وَزنه وجهَهَ الجمَيلُ معَصور ُكَعصرِ نصَفَ حبةَ ليموِن علىَ صَحن ِ( المُلوخَيةَ ) ؛ يشرَبُ أشياءٍ قذرةَ كحَياتَه ِالقَذرةَ،
انَقلبَ كلُ شيءٍ رأسًا على عقب .. أمَامَ حلكَةٌ الليَلَ وضَوءِ القَمرِ المَسيُطر ِعلىَ بقعةٍ من الشَاطئِ أخَذَ يهَذيَ ببضَعَ كلماتٍ اشَتاقَ ، اشَتاقَ لذَاتهِ لحبُهَا لسَكونَ رُوحهِ، وابتَسامة َندَىَ، مَددَ جسَدهِ علَىَ الرَّمالَ المبَللةَ لتلَطُمَ قدَميَه ِماَءَ البحُرِ، وأخَذَ يفُكرَ، يفُكَر بغدٍ الغَيرُ آتٍ ..
هديل سفيان الميدنه
0 تعليقات