ابنُ الواحدِ وعشرينَ سنةً مدمنُ التَّفاصيلِ والفرصِ الضَّائعةِ، تتجسدُ في حياتي العديدُ مِنَ الأحداثِ والذِّكرياتِ والمواقفِ مِنها المُضحِكُ حتَّى الفرحِ ومنها المُحزنُ حدَّ البكاءِ، ذكرياتٌ لاتُعَدُّ ولا تُحصى، مِنها الَّذي ننتصرُ عليه ونستطيعُ التَّخلصَ منه كنديَّة اقتلعناها مِنْ أحدِ أجزائِنا بعدِ عمليةٍ دامَتْ لساعةٍ في مشفى يملؤهُ الخوفُ..
ومنها لمْ تزلْ عالقةً في ذاكرتِنا تنهشُ مِنَّا شيئاً فشيئاً.
من أينَ أبدأُ وماذا أكتبُ، حائرٌ وضائعٌ شخصانِ متناقضانِ داخلي أنكتبُ عن نجاحي في بعضِ الأمورِ؟؟
أم نكتبُ عن لحظاتِ الخذلانِ والفشلِ؟
يستمرُ التَّناقضُ في داخلي لدقائقَ ومن ثمَّ تُحسَمُ القضيةُ للجانبِ الجميلِ منها..
يقفُ الجميلُ على منبرٍ يُشبِهُ الخطيبَ الَّذي لمْ ينمْ طوالَ اللَّيلِ، متشوقٌ لخطبتِهِ في صباحِ الجُمعةِ.
الجانبُ الجميلُ: بدأتْ قِصتي في صباحٍ جميلٍ عندما حسمْتُ أمري بعدَ حربٍ مِنَ الأفكارِ على التَّسجيلِ في الجامعةِ، فعقلْتُ وتوكلْتُ لعلِّي أبلُغُ مقصدي على الرُّغمِ أنِّي أجبرتُ على هذا المقصدِ، كان حُلمي البسيط يشبِهُ أحلامَ الكثيرينَ من قبلي وهو أنْ أُصبحَ حقوقيّ لعلَّها في ذاكَ أعظمُ أحلامي الَّذي رسمْتُها في لوحِ ذاكرتي.
من ثمَّ أجدُ نفسي في اللُّغةِ العربيَّةِ، وأفقدُ حُلمي الَّذي لطالما خططتُ له،
عربيٌّ أنا رُغمَ ضَعفي في تلكَ القواعدِ الممتدَّةِ حدَّ الجذورِ، والَّتي مِنَ الصَّعبِ أنْ يصلَها أيُّ إنسانٍ إلَّا مَنْ شغفَها حُبَّاً، وأنا كنْتُ الأضعفُ حُبَّاً.
حيثُ كانتْ أوَّلُ سنةٍ لي في الجامِعَةِ من أصعبِ السِّنينَ في حياتي، وتاريخٌ محفورٌ في ذاكرتي لا تمحوهُ الأيَّامُ ولا تنسيهِ الأفراحُ. كنتُ أعدو مسافاتٍ كبيرةٍ تصلُ ل ٩٠ كيلو متوجهاً حتَّى أكملَ هذا الطَّريق الَّذي وضعني اللهُ به، إنَّ اختيارَ اللهُ لي هذا المكان هو أفضلُ بالطَّبعِ و خيرٌ لي.
أحداثٌ وظروفٌ ومواقفٌ وأشخاصٌ كثيرونَ، وجوهٌ لاتُعَدُّ ولا تُحصى مسيرةٌ جامعيَّةٌ مليئةٌ بالعثراتِ..
الطَّالبُ الجامعيُّ لابُدَّ في نهايةِ كلِّ فصلٍ أنْ يخضعَ للاختبارِ حتَّى يقيمَ ويُتابعَ فرعَهُ الدِّراسيّ، وعندما اقتربَ اختباري بدأتْ الظُّروفُ تتآكلُ عليّ منها المسافاتُ الكبيرةُ الَّتي نجحتُ في التَّخلُّصِ منها بمساعدةِ عميدٍ خلوقٍ لا يُنسَى فضلُهُ عليّ، ومنها الأمراضُ والظُّروفُ، لا أجدُ نفسي قبلَ بدء الامتحان بعشرةِ أيامٍ إلا كمقاتلِ في معركةٍ لا يملكُ سِلاحاً كيفَ أقاتلُ؟
وهل سأنتصرُ؟
قرَّرتُ أنْ أكملَ لعلِّي أخرجُ من تلكَ المعركةِ بأقلِّ الخسائرِ المُمكنةِ، وبالفعلِ أكملْتُ واستطعْتُ أنْ أخرجَ من ذاكَ الفصلِ بأقلِّ الخسائرِ.
وأنا اليومَ في السَّنةِ الثَّانيَّةِ في جامعتي أقعُ في مشاكلٍ وظروفٍ تقفُ عائقاً بيني وبينَ العربيَّةِ، تفوقُ ظروفَ العامِ الماضي، فأنا اليومَ في عصرِ الكورونا الوباءُ القاتلُ الَّذي اجتاحَ العالَمُ وقتلَ آلافُ النَّاسِ،
وعصرُ القراراتِ الصَّاعقةِ الَّتي أتلقاها كلَّ يومٍ و تحاولُ أنْ تضعفَ عزيمتي، وعلى الرُّغمِ مِنْ كلِّ ما ذُكِرَ وكُتِبَ أنا مستمرٌ ولنْ أبرحَ حتَّى أبلغَ…
محمد دعبول

4 تعليقات
ماشاء الله بالتوفيق
ردحذفحتى و إن ..
ردحذفكانت أياماا مليئة بالجهد و التعب !
قل عسى ربي أن يجلي تعبهاا فرحا 🌸
بالتووفيق الداائم إن شاء الله ..
مقال جمييل جدا
وهذا الذي تظنه صعبا ومستحيلا سييسره الله فأطمئن💙.
ردحذفاللهم بلغنا ما نتمنى🌷🌷...
ردحذفلن يكون الطريق الى تحقيق الحلم سهلاً مليئاً بالزهور كما توقعنا في صغرنا...
بل كان اشبه بسلك شائك ممدود لك لتجتازه...
ستواجه الكثير الكثير من المشاكل والعثرات في طريقك نحو القمه...
فإن كنت حكيماً ستجعل من العثرات محفزاً ووقوداً لك لتكمل الطريق...