رمشة حب | رهام آغا






أسير وأسير ، والحياة تُقلب من بِجعبتها لتلقيه أمامي .

غريبة هي الحياة على تلكَ الكرة المحاطة بطبقةٍ كثيفةٍ من الغازات ، بالخطأ نزلنا عليها ، بزلةِ شيطانٍ رجيم .

إختبار طالت مُدتهُ ، خُضناهُ بشرفٍ ونزاهة ، هكذا فعلنا نحن ، لا ندري كيف خاضه البقية .

نتعبُ للغاية منهُ ، وَلا يُنجينا من ضغطهِ الهائل سِوَى تَسبيحةٍ وسجدةٍ في خلوةٍ نُسربُها إلى السماء بِخجلٍ ، لا نعلم أتُقبل أم لا .

كُنتُ دائِمًا أؤمن بأن الله - سُبحانهُ وتعالى - يُسير أمور حياتنا بِخطواتٍ متعاقبةٍ ؛ وكُنتُ أيضاً أؤمنِ بمقولة: 


"كُلّ شيءٍ يتضحُ ، وكُلّ شيءٍ ينتهي .."

ومرَّة ما ...

بينما كُنت وسط الزحام ، لا شيء يَحجُب الأفكار التي تخترق الجُمجمةَ ، وخَطرتي على بالي أنتِ ، وأنتِ لا تغيبين عن بالي بالإجمال ، الذاكِرة مُكتَظــة بكِ .

كُنتِ صغيرةً جداً عندما عرفتُ نظرتكِ البريئة ، وقَتما عَرفتُ اهتماماتك وما يستهويكِ ، كُنتِ ولا زلتِ كذلك .

لا زلتِ تملكين نفس الملامح الطفولية ، ولكن ..

هناك مسحةُ حزنٍ على ثغركِ الجميل امتزجت بشفتيكِ الباسمتين .

كُل الأشياءِ حولكِ خشنةٌ ، وأنتِ ناعمةٌ كَـعودِ رَيحانٍ عَطِر .

كُنتِ حياةً في وِسَطِ اللا حياة .

كُنتِ الجمال في وسط قُبح العالم .

كنتِ جميلةً جداً وصاخبةً بهدوءِ مُربكٍ ، بِـاتزانِ العاقلين .

كُنتِ صغيرةً جداً على جميع تلك الأشياء ، كُنتِ تخافين كُلّ الذين يسيرون حولكِ ، لأنكِ شديدة التعلق ، أجل .. أنتِ من الّذين يتعلقون فلا يُفلتون الأيدي مطلقاً ، كُنتِ تعِبة اليدين من هذه الحالـة ، كانت يداك تعاني جروحاً بالغة من هذا ، كُنت غريبةً حدَّ الجمال ، رُبما الجمال بحد ذاته لا يكمن في الجمال الظاهريِّ ، ربما أنتِ هي الأصل للجمال ، ليس بجمال ملامحكِ ، بل بجمال روحكِ .

عيناكِ هما تلخيص لبراءة الطفولة ، ولعيناكِ أيضاً لونُ الحياة ، فإياك والاعتقاد بأنك مجرد فتاة عادية كما تُخبرينني في كُلِّ مرَّةً .

كُنتِ لينة ، وضعيفة للغاية ، وكل من حولكِ وُحوُشٌ كاسِرة .

رقيقة أنتِ .. أرق من وردةٍ ياسمين ،

أنقى من ندىَ الصباح .

كُنتِ تقدمين الحُبْ للجميع ، والجميع لا يردّ لكِ الحُبْ إلا حُزناً .

كُنتِ تتأملين كُلّ شيءٍ حولكِ بحذرٍ  وَ بِحيرة .

لا تزالين تعشقين الخيال ، وتخشينه بنفس الآن .

كُنتِ دوماً تذكرينني وتقولين لي :

"قد شاخ العالم وكثرت تجاعيده ، أليس كذلك ؟"

عانيتِ من بؤس من حولكِ ، وأنتِ قلبكِ أبيض لم يَمسهُ دنس ..

كُنتِ تلخيصاً بهيئة إنسان ، لكُلّ ما هو جميل وأنيق ، الصفاء هي الصفة الوحيدة التي أمنحها لقلبكِ الوردي .

أذكرك .. تعشقين لون البحيرات اللازوردي ، تعشقين زقزقة عصافير الصباح ، وتكرهين جميع الذين يطلقون النار والدخان لقتل تلك المخلوقات الجميلة .

كُنتِ دوماً تتمنين أن تطيري كَـ العصافير التي في السماء .

وتتلهفين لكُلّ غروب شمسٍ تراقبين مِزق الغيوم المتسارعة ، واحدةٌ تُسابق الأخرى من يصل أولاً ، تحت ذاكَ اللون الوردي المُتدرج لغروب الشمس ،

كُنتِ أنتِ قوس الحياة ليومي ، حبل نجاة لمأساتي ، فلا أستطيع العيش بِدونك ، وبتُّ أحتاجكِ كحاجتي للأوكسجين ، بل أكثر .

كيف عرفتكِ ، لستُ أدري متى ؟!

وقد طاع لكِ الفؤاد من دون أشعر .

أسعد ما في عُمري هو لحظاتُ لُقياكِ .

كُنتُ مُختنق للغاية ، وكأن حبل مشنقة لُف حول رقبتي ، وأنتِ كُنتِ نجاتي منه .

قد قدتي قلبي في هواكِ

وقد طاع لكِ وما عطاكِ

فخضعتُ لكِ مِنْ بعَد الحُبْ عزتي .

إخترقتِ جوف القلب ، وأعمق نقطة ، قرعتِ بابهُ بِلطفٍ أنيق ، لُطف باهر بِنسيم عطركِ اللازوردي

جعلتني أفتحُ لكِ الباب فقط ، من دون أن أعلم من الطارق يكون ، هكذا هي روحكِ البنفسجية ؛

صَنعت بيتاً بنفسجياً ببؤرة عينيكِ الدافئتين .

وَفجأة…

وبدون أي جرس إنذار ..

ذَبُلتِ ، فقَدتِ لون الحياة فجأةً ،فقدتِ كُلَّ شيءٍ داخلك .

اخترق الحُزن الصامِت حُجب قلبكِ ، غريبة هي الظروف التي قلبتكِ وحمصتكِ على قيدها ،

لا قلب يُشبهِ قلبكِ الرائع .

ولهذه الأشياء التي لا أستطيع تلخيصها بحروف اللغة العربية أحببتك ، بل عشقتكِ واستملكتِنيِّ

لعدَّة أسبابٍ أخرى عميقة للحَد الذي يخشى أن يصل للطرف الآخر منيِّ .

نفنى مع الوقت ، أعلم ذلك ..

لكن لا أريدكِ أن تفني معي ، لا أريد لكِ الذهاب ، ولا الفناء لكِ لا ، ليس اعتراضاً على حكمةٍ أو قدر ، لا بل رأفةً بِصغركِ .

لا أريد أن تفقدي صوت ضحكتكِ ، ولا ارتسام ملامحكِ ، لا أريد أن لا تستطيعُ فعلَ أيِّ شيء ، لا أستطيع أن أراكِ تنتهين ببطئ .

أريدُ لكِ الحياة ، والموت بعدي .

فأنا لا أستطيعُ أن أراكِ تُغمرين بترابٍ قاسٍ على أنفاسكِ .

عذراً ...

لم أعد أستطيع تلخيص الشعور أكثر .



رهام عمر آغا

٢٠٢٠/٧/٢٠

إرسال تعليق

0 تعليقات