أسير وأسير ، والحياة تُقلب من بِجعبتها لتلقيه أمامي .
غريبة هي الحياة على تلكَ الكرة المحاطة بطبقةٍ كثيفةٍ من الغازات ، بالخطأ نزلنا عليها ، بزلةِ شيطانٍ رجيم .
إختبار طالت مُدتهُ ، خُضناهُ بشرفٍ ونزاهة ، هكذا فعلنا نحن ، لا ندري كيف خاضه البقية .
نتعبُ للغاية منهُ ، وَلا يُنجينا من ضغطهِ الهائل سِوَى تَسبيحةٍ وسجدةٍ في خلوةٍ نُسربُها إلى السماء بِخجلٍ ، لا نعلم أتُقبل أم لا .
كُنتُ دائِمًا أؤمن بأن الله - سُبحانهُ وتعالى - يُسير أمور حياتنا بِخطواتٍ متعاقبةٍ ؛ وكُنتُ أيضاً أؤمنِ بمقولة:
"كُلّ شيءٍ يتضحُ ، وكُلّ شيءٍ ينتهي .."
ومرَّة ما ...
بينما كُنت وسط الزحام ، لا شيء يَحجُب الأفكار التي تخترق الجُمجمةَ ، وخَطرتي على بالي أنتِ ، وأنتِ لا تغيبين عن بالي بالإجمال ، الذاكِرة مُكتَظــة بكِ .
كُنتِ صغيرةً جداً عندما عرفتُ نظرتكِ البريئة ، وقَتما عَرفتُ اهتماماتك وما يستهويكِ ، كُنتِ ولا زلتِ كذلك .
لا زلتِ تملكين نفس الملامح الطفولية ، ولكن ..
هناك مسحةُ حزنٍ على ثغركِ الجميل امتزجت بشفتيكِ الباسمتين .
كُل الأشياءِ حولكِ خشنةٌ ، وأنتِ ناعمةٌ كَـعودِ رَيحانٍ عَطِر .
كُنتِ حياةً في وِسَطِ اللا حياة .
كُنتِ الجمال في وسط قُبح العالم .
كنتِ جميلةً جداً وصاخبةً بهدوءِ مُربكٍ ، بِـاتزانِ العاقلين .
كُنتِ صغيرةً جداً على جميع تلك الأشياء ، كُنتِ تخافين كُلّ الذين يسيرون حولكِ ، لأنكِ شديدة التعلق ، أجل .. أنتِ من الّذين يتعلقون فلا يُفلتون الأيدي مطلقاً ، كُنتِ تعِبة اليدين من هذه الحالـة ، كانت يداك تعاني جروحاً بالغة من هذا ، كُنت غريبةً حدَّ الجمال ، رُبما الجمال بحد ذاته لا يكمن في الجمال الظاهريِّ ، ربما أنتِ هي الأصل للجمال ، ليس بجمال ملامحكِ ، بل بجمال روحكِ .
عيناكِ هما تلخيص لبراءة الطفولة ، ولعيناكِ أيضاً لونُ الحياة ، فإياك والاعتقاد بأنك مجرد فتاة عادية كما تُخبرينني في كُلِّ مرَّةً .
كُنتِ لينة ، وضعيفة للغاية ، وكل من حولكِ وُحوُشٌ كاسِرة .
رقيقة أنتِ .. أرق من وردةٍ ياسمين ،
أنقى من ندىَ الصباح .
كُنتِ تقدمين الحُبْ للجميع ، والجميع لا يردّ لكِ الحُبْ إلا حُزناً .
كُنتِ تتأملين كُلّ شيءٍ حولكِ بحذرٍ وَ بِحيرة .
لا تزالين تعشقين الخيال ، وتخشينه بنفس الآن .
كُنتِ دوماً تذكرينني وتقولين لي :
"قد شاخ العالم وكثرت تجاعيده ، أليس كذلك ؟"
عانيتِ من بؤس من حولكِ ، وأنتِ قلبكِ أبيض لم يَمسهُ دنس ..
كُنتِ تلخيصاً بهيئة إنسان ، لكُلّ ما هو جميل وأنيق ، الصفاء هي الصفة الوحيدة التي أمنحها لقلبكِ الوردي .
أذكرك .. تعشقين لون البحيرات اللازوردي ، تعشقين زقزقة عصافير الصباح ، وتكرهين جميع الذين يطلقون النار والدخان لقتل تلك المخلوقات الجميلة .
كُنتِ دوماً تتمنين أن تطيري كَـ العصافير التي في السماء .
وتتلهفين لكُلّ غروب شمسٍ تراقبين مِزق الغيوم المتسارعة ، واحدةٌ تُسابق الأخرى من يصل أولاً ، تحت ذاكَ اللون الوردي المُتدرج لغروب الشمس ،
كُنتِ أنتِ قوس الحياة ليومي ، حبل نجاة لمأساتي ، فلا أستطيع العيش بِدونك ، وبتُّ أحتاجكِ كحاجتي للأوكسجين ، بل أكثر .
كيف عرفتكِ ، لستُ أدري متى ؟!
وقد طاع لكِ الفؤاد من دون أشعر .
أسعد ما في عُمري هو لحظاتُ لُقياكِ .
كُنتُ مُختنق للغاية ، وكأن حبل مشنقة لُف حول رقبتي ، وأنتِ كُنتِ نجاتي منه .
قد قدتي قلبي في هواكِ
وقد طاع لكِ وما عطاكِ
فخضعتُ لكِ مِنْ بعَد الحُبْ عزتي .
إخترقتِ جوف القلب ، وأعمق نقطة ، قرعتِ بابهُ بِلطفٍ أنيق ، لُطف باهر بِنسيم عطركِ اللازوردي
جعلتني أفتحُ لكِ الباب فقط ، من دون أن أعلم من الطارق يكون ، هكذا هي روحكِ البنفسجية ؛
صَنعت بيتاً بنفسجياً ببؤرة عينيكِ الدافئتين .
وَفجأة…
وبدون أي جرس إنذار ..
ذَبُلتِ ، فقَدتِ لون الحياة فجأةً ،فقدتِ كُلَّ شيءٍ داخلك .
اخترق الحُزن الصامِت حُجب قلبكِ ، غريبة هي الظروف التي قلبتكِ وحمصتكِ على قيدها ،
لا قلب يُشبهِ قلبكِ الرائع .
ولهذه الأشياء التي لا أستطيع تلخيصها بحروف اللغة العربية أحببتك ، بل عشقتكِ واستملكتِنيِّ
لعدَّة أسبابٍ أخرى عميقة للحَد الذي يخشى أن يصل للطرف الآخر منيِّ .
نفنى مع الوقت ، أعلم ذلك ..
لكن لا أريدكِ أن تفني معي ، لا أريد لكِ الذهاب ، ولا الفناء لكِ لا ، ليس اعتراضاً على حكمةٍ أو قدر ، لا بل رأفةً بِصغركِ .
لا أريد أن تفقدي صوت ضحكتكِ ، ولا ارتسام ملامحكِ ، لا أريد أن لا تستطيعُ فعلَ أيِّ شيء ، لا أستطيع أن أراكِ تنتهين ببطئ .
أريدُ لكِ الحياة ، والموت بعدي .
فأنا لا أستطيعُ أن أراكِ تُغمرين بترابٍ قاسٍ على أنفاسكِ .
عذراً ...
لم أعد أستطيع تلخيص الشعور أكثر .
رهام عمر آغا
٢٠٢٠/٧/٢٠

0 تعليقات