" غابة الياسمين "
بدأ الاحتفال..
في غابة الياسمين ..
تتراقص الاعشاب تحت وقع قدميك ،وانت تخطو بخطوات كالطرق على أصابع البيانو ..بل أجمل ..
قطرات الندى تغطيّ كُلّ شيءٍ وكانها تزيد الاشياء بريقاً ولمعاناً،الزهور تُنشد أغنية السرمدية ،والطيور تُلحن بمناقيرها الجميلة ..
والدُنيا تضحك ..وتنشرّ السرور..
والشمس تُلقي بوشاحها المذهب بين شجيرات الياسمين ،فيتخلل ضوء أخضر مذهب رائق..
تتناغم الشجيرات مع بعضها البعض لتتصل أغصانها مشكِلّة ممر بيلسّاني ..
ينهمر الياسمين في كل مكانٍ ،ويملئ المكان عِبقٌ يحكي حكايّا الخيال ..
أغمضت عينايّ في نشوة ،وانتقيت قوس وردٍ من الشجيرات و َوضعتهُ كالتاج على راسي وكانني في مملكة ..
شعرت بوقع الأقدام خاصتك وهي تقترب ،وكل شيءٍ يزيد بهجة وسرور ..
وبدأت مياه النهر اللازوردي الرقراق بالانسياب ،حتى أصبحت تعطي صوت أصابع الموسيقا الدو والصول ..
كُلّ شيء أمامي يرقص بمقلتيكَ..
أنتشرت الفرحة في ارجااء الغابة ؛والدُنيا أطلقت لونها البنفسجي السعيّد ..
أما عن عطرها فقد عشعش في الأنوف فأصاب بخدٍ لذيذ يتسلل الى خلايا الدماغ ..
"وأتيت أنتَ ،فطغى جمالك على كُلّ الجمال الموجود ،والحاضر .."
---
الدقائق تمشي وتلتفت حزينة لوداعها التعيس ،والثواني كذلك..
أغمضتَ عيناكَ بوجلٍ ،وبدأت الكلمات تنساب منك أنسياب رقيق ،وكان كلمات تقع على قلبي كوقع الموسيقا ..
أحساس رائع ممزوج بلهفة ..
الكلمات من شفتيك تبكي لتركها شفتيكَ..الروح والريحان أحبك ،فما بالي أنا ..
كانتَ عيناكَ دافئتنا للغاية ،وكانت كُلّ حواسكَ تتحدث وليس ثغركَ وحسب ..
وكأنك تُلقي طلاسم التعاويذ لتسيطر علينا ؛وعليِّ بشكلاً خاص..
كُنت باهراً جذاباً،وكلامك بلسماً شافيً ..
وأما عن عطركَ الذي يعتنق نحرك ..
فأه منه ،أظن أنك علقت بجميع من مررتَّ بهم ..
أم عن مظهركَ الخارجيّ ،فدع ليِّ الحقَّ في بعض وصفكَ بقلمي ان استطعت ..
كِنت طويلاً باهراً،ذا شعراً أسود ،تملك عينان رائقتين لا أستطيع حتى هذه اللحظة بوصف لونهما الصحيح ..أما عن لون بشرتك اللذيذ الذيِّ يشبه القمح في موسميتهِ ،كانت بشرتك القمحية دافئة للغاية ،تمتلك كتفين عريضين يَسّرح بهما الخيّال بجواده الأصيّل ..أما عن يداك فقويتان جذلتين ،ولكنهما عليّ رقيقتين كالجيّن المنسّاب..
كان حديث يعبقُ بيلسّان فتان،رائع وخياليّ ذاك الشعور..وكأن الدُّنيا تَلفظ قصائِد العشق والجمال ..كان الجوّ رائعٌ للغايـة والنسمات اللطّيفةّ تترقرق على وجنتيك وكأنها تُقبلكَ..كانت كل الاشياء التي حولك تتراقص بتناغم على أيقاع صوتك ..
كُنتَ قوياً للغاية ،لكن قوتك لم تخفي ملامح الطيبة التي تختزنها عيناك البراقتين الجذابتين ..
كُنت دوماً وفي كُل مرة ترّتلّ سورً من القرأن عليِّ،وكأنني طفلتكَ الصغيرّة المدللة ،وكنتَ أعشق ذلك ،أتلذذّ بشعوركَ هذا نحويّ..
كُنت تخاف عليّ وكان وحوشٌ كاسرة تحتاط بي ..
كنت تلقي على من يحزنني جام غضبك..
وكم كنت جميلاً بغضبك،فتتلون عيناك بتماوج بديع ..
الألوان بأسرها تتراقص في مقلتيك ..
مَضى الوقتُّ سَريعاً ،بسّرعة البرّق ..
لكن حان وقت الرحيل كما في كل مرة ،وقد احزنني هذا كثيراً..
ولكن لا بد من ذلك ..
لنعود للقائنا الموَسِّميِّ ،كما في كُلّ ربيعٍ..
في كُلّ ربيع،مع ازهار زهر البيلسّان ،وانبعاث عطر الياسّمين في الأرجاء..
في غابة الياسمين ،تحت الشجيرات ،نقيم أحتفالاً وهكذا نحيّا على أمل اللقاء مجدداً..
وفجأة بدأت قطراتُّ الندى تنساب على كتفيك ،هذا أنذار الذهاب ..
كانت رائحة التراب المبتلّ تنبعث في كافة الأجواء وقد أخلتلطت برائحة الياسمين ،فأعطتني شعوراً في غاية النشوة ..
وهكذا ولِت وذهبتَ،على رقصاتِ المطر المتتابعة ،تحت حِبالّ الغيث الرقراق ..
تحت ذاك الماء اللجيني ،الذي يتسابق أيهم يصل لكتفيك ووجهك أولاً..
ودعتني وطبعت قبلة بكلماتكِ على قلبي ،وأقرأتني السّلام كما العادة ،وتعاهدنا على حفظ العهد ،ذاكَ العهد الذي عاهدنا أنفسنا عليه تحت رعاية الله ..
أذكرني ..
موسميتكَ
#إلهام عمر آغا

0 تعليقات