دمشق القديمة | مروة قباني



"دمشق القديمة"

سوريا / دمشق القديمة
مازال صوت الأذان يردد في مسمعي ذاك الآتي من مآذن المسجد الأموي في دمشق القديمة، كانت من أجمل اللحظات داخل قلبي وقلوب أشقائي الثلاثة عندما يخبرنا والدي بأننا سنذهب برحلة ممتعة مسافرين داخل معالم جامع بني أمية الكبير بالمناسبة وقد أمر ببنائه بالعصر الأموي على يد الوليد بن عبد الملك وهو رابع أشهر المساجد الإسلامية و أحد عجائب السبعة في الإسلام وقد زين و زخرف بشتى الأنواع ومن جميع البلدان وقد تميز بكونه أول مسجد ظهر فيه المحراب والحنية لكونه بني إلى جانب طراز كنيسة يوحنا المعمدان داخل أحياء دمشق القديمة وهو يحوي على قبر يوحنا المعمدان نسيب المسيح النبي -يحيى عليه السلام- وقد حرق ثلاث مرات وتم إعادة ترميمه في عدة أزمنة.
ومن أجمل الأشياء روعة ذاك اليوم الذي ذهبت به في إحدى الأيام الصيفية أشاهد الحارات الدمشقية وأنا أمشي داخلها لأشعر بأن الياسمين الدمشقي المتدلي من المنازل يراقص روحك لتشعر بأن دمشق كأم تحتضن أولادها بحب بين أزقتها الضيقة والمتعرجة المليئة بعبق التاريخ والذكريات التي لو وقف الزمن عندها لانحنى العالم أمام عظمتها أما المنازل التي نسميها "بالبيوت العربيّة" وقد كانت تحتوي على زخرفات من الفسيفساء والخط العربي مع البعض من الزخرفات اليوناني في الحارات اليهودية والنصارى ،لتقوم برواية الحكايا الجميلة التي حدثت داخل كل حي من الأحياء التي نمر إلى جانبها على حدى.
ومازلت أؤمن بوجود مارد خلف كل باب من الأبواب الدمشقية مختبئ في العالم السفلي يحرس عروسة البلاد العربية الأولى وأجمل بناتها.
نشأت دمشق كمدينة على يد الآراميون للمرة الأولى منذ عام 965 قبل الميلاد. وفي عام 331 قبل الميلاد كانت دمشق جزء من سوريا الأنتيكية ثم ولاية سوريا الرومانية وفي خلال بعض الفترات كانت جزء من الممالك الحكم الذاتي السورية.
بعد اتساعها أصبحت مدينة حرة معفية من الضرائب ويشجع فيها التجارة.
ذات مرة تحدث لنا والدي بحكاية أكبر كارثة حصلت للمدينة وذاك في رحلتنا التي قمنا بها حينما ذهبنا إلى الجامع الأموي مرورا بما سماه لنا بقايا معبد جوبيتر الدمشقي الذي بني في العهد الروماني من عهد أغسطس إلى حكم قنسطانيوس الثاني ولم يبق منه سوى بضعة أعمدة قبالة الجامع الأموي،وجزء من سور المعبد في الزقاق الخلفي للجامع وجزء كبير منه (قدس الأقداس) كان في مكان جامع بني أمية الكبير.
كان والدي نادراً ما يحكي لنا قصص حصلت قبل الميلاد أو يذكرها لنا ولكن ما أذكره جيدا هو العصر الذي حكم به بني أمية ونشأت به الدولة الأموية،لكن بداية سأذكر لكم قصة الأبواب السبعة التي بنيت على خصر دمشق في العصر الإغريقي والروماني وحكاية كل باب على حدى.
منذ زمن بعيد كان لدمشق سبعة أبواب وهي متواجدة على أسوار دمشق لحماية سكانها والمنازل المتواجدة داخلها :
باب توما يقع في الجهة الشمالية الشرقية ضمن حي القصاع سمي بهذا الاسم نسبة للقديس توما أحد رسل المسيح الإثني عشر، حيث كانت كانت دمشق مقصد ومنطلق للرسل والقديسين على مر التاريخ وهو باب روماني الأصل.
باب الجابية وهو عند مدخل سوق مدحت باشا حاليا وسبب تسميته نسبة ل آله روماني إسمه جوبيتر وقد كان له ثلاثة بوابات الوسطى كبيرة وعلى طرفيها بوابتان أصغر ومن هذا الباب دخل أبو عبيدة بن الجراح صلحا إلى دمشق وقد جدد أيام نور الدين الشهيد.
باب كيسان وقد كان يقع في المنطقة الصناعية لكن تحول إلى كنيسة وكانت عليه رسومات زخارف لكوكب زحل وقد تميز بنقوشه وجمال بنيانه.
باب السلام فهناك اختلاف في تاريخه فمنهم من قال بأنه روماني الأصل وآخرون قالوا بأن نور الدين الزنكي هو الذي قام بإنشائه وهو يقع إلى الشرق من باب الفراديس.
-باب الفرج وهذا الباب يقع بين العصرونية والمناخلية.
٦-باب شرقي وهو الوحيد الذي ما يزال يحتفظ بزخرفته وكيانه الذي أنشأه عليه الرومان وهو يقع عند المدخل الشرقي لمدينة دمشق.
7-باب الصغير يقع في الجهة الجنوبية لمدينة دمشق قرب حي الشاغور.
وقد زرت الكثير من الأماكن باحثة عن الجمال ولكنني وجدت المكان والمنبع للسحر في هذه المدينة فإن سألتني عن مكان إقامة محبي الفن والجمال فسأحكي لك عن زيارتي للقصر العظيم ذاك القصر العتيق الذي يحمل ألف حكاية ألا وهو -قصر العضم- وقد شيد في القرن الثامن عشر ميلادي على يد والي دمشق أسعد العضم ويقع في النهاية الشمالية لسوق البزورية وعلى شماله يقع الجامع الأموي وهو من أجمل المباني المعمارية التي بنيت بالفن الإسلامي المتطور فالحجار والرخام والمعادن والزخرفات تشكل مرآة للعمارة في العصر العثماني و للقصر بوابة ضخمة وبها باب صغير يدعى بباب خوخة وبعد ذلك تحول إلى متحف التقاليد الشعبية وبه تقام الفلكلور السوري ويعد من أبرز المعالم الأثرية في سوريا.
أما عن الأسواق فهي كثيرة ومتعددة منها سوق الحمدية و مدحت باشا وسوق الحرير وسوق البزورية والأسواق السورية هي من أشهر الأسواق وأجملها بسبب ارتباطها بالعمارات القديمة و براعة تصميمها وزخرفتها ففي كل واحد تجد تصميم متفرد به على حدى يميزه عن الآخر بشكل يبهر القلوب والعقول فلا ينفصل عن البيوت أو يؤذيها.
وما تطرقت إليه هو بعض من سحر هذه المدينة و روعتها بقناديلها التي كانت تنثر الحب داخل قلوب جميع المارين بها لتهوي أفئدة القلوب إليها تلك الفتاة الجميلة الحسناء التي ما إن شربت ماؤها فلن تسطيع الإبتعاد عنها.
بقلم :مروة القباني.



إرسال تعليق

0 تعليقات